عوّدتنا لعبة كرة القدم دائماً على تقديم أسماء من طينة الكبار، دائماً ما يقدمون الأفضل خلال مسيرتهم، ليس فقط على مستوى الأهداف والتألق في المباريات، إنّما من خلال شخصيتهم وقيادتهم المميزة للزملاء داخل وخارج أرض الملعب.
نتابع اليوم سلسلة تقارير القادة العظماء، في الحلقة الثالثة، بعدما تحدّثنا في الأيام الماضية عن العديد من الأسماء، نذكر منها باولو مالديني وبوبي مور وفرانتس بكنباور وآخرين.
توني آدمز
رجل النادي الواحد، بطل نادي أرسنال الذي لم يغيّر فريقه يوماً. استمرّ 22 عاماً مع أرسنال، صاحب الـ54 عاماً حالياً، فاز بأربعة ألقاب في الدوري الإنكليزي وثلاثة ألقاب في كأس الاتحاد الإنكليزي، إضافة لبطولات أخرى عديدة.
خارج ملعب الإمارات في العاصمة البريطانية لندن، ستجد أربعة تماثيل، واحدا للغزال الفرنسي تييري هنري وآخر للأنيق الهولندي دينيس بيركامب وثالثا لهربرت تشابمان، ثم بطبيعة الحال ستجد تمثالاً لتوني آدمز.
جنباً إلى جنب مع لي ديكسون ونيجل وينتربيرن وستيف بولد لعب توني آدمز مباريات عظيمة، حمل شارة القيادة مع أرسنال لمدّة 14 عاماً رائعة، كما خوّله ذلك لحمل شارة قيادة منتخب إنكلترا بين 1994 و1996.
لعب آدمز أكثر من 500 مرة مع أرسنال وخاض 66 مباراة مع إنكلترا، على الرغم من أنه أبدى دائمًا بعض الاستياء من قرار غلين هودل تسليم شارة القائد إلى آلان شيرر بدلاً منه عام 1996.
ستيفن جيرارد
يوم دخل لاعبٌ شاب يحمل الرقم 28 أرضية الميدان، سألت الجماهير من هذا؟ من هو بديل فيغارد غيغيم؟ حينها لم يكن أحد في ليفربول يعرف من هو ستيفن جيرارد، الذي شارك في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني أمام بلاكبيرن روفرز، لكن بعدها، الجميع من دون شك يتذكر كل لحظة هُتف باسمه في ملعب أنفيلد رود.
يُذكر جيرارد كشخصية معشوقة في نادٍ غارق في التاريخ. قاد جيرارد فريق ليفربول خلال حقبة يمكن وصفها بأنها فترة صعبة في تاريخ النادي، مثله مثل براين روبسون في مانشستر يونايتد.
بصفته قائدًا، فقد تمتع بصوت عالٍ وقادر على القيادة على أرض الملعب. لا شك في أن أكثر لحظاته شهرة جاءت في نهائي دوري أبطال أوروبا 2005 عندما ظهر ليفربول ميتًا ودفنه الجميع حين تأخّر 3-0 في الشوط الأول أمام ميلان. ومع ذلك، حشد جيرارد قوات الريدز وظهر ذلك جلياً حين انطلق مجريات الشوط الثاني، كما سجل هدفاً فتح باب عودة ليفربول إلى المباراة، وألهم الفريق لعودة تاريخية لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا الشهير.
فرانشيسكو توتي
عشق أبدي ووفاء منقطع النظير.. هو الملك فرانشيسكو توتي، صاحب الأقدام السحرية والتسديدات الصاروخية، فكيف لا يكون توتي معشوق الجماهير الأول في روما؟
قلة من الرجال ارتبطت أسماؤهم بنادٍ واحد، نستطيع ذكر باولو مالديني منهم مثلاً، إضافة إلى توتي وبعض الأسماء الأخرى.
قضى توتي أكثر من 25 عاماً في نادي روما، عرف العديد من اللاعبين والأساطير خلال مسيرته داخل غرف الملابس، وكان الجميع يحسب له ألف حساب.
لعب إلى جانب غابرييل باتيستوتا وديلفيكيو وكاسانو وآخرين، لكنه تمتع بتلك العظمة التي كان يستمدّها من العاصمة روما، المدينة التي عرفت تاريخاً عريقاً بمجدها وقوتها.
بمجرد ظهوره في تشكيلة روما، كانت صفاته القيادية ملحوظة، وأصبح حامل شارة القيادة في النادي في سن 21 عامًا، وكان بالفعل قائد الفريق الأكثر نجاحًا. أثّر شغفه باللعبة على زملائه في الفريق، وغالبًا ما شهدت مهاراته القيادية نجاحًا كبيرًا في تحقيق روما للانتصارات، لكن المفارقة أنه لم يكن يوماً قائدًا للمنتخب الإيطالي، خاصة أن الاتزوري دائماً ما ضم أسماء عملاقة مثل مالديني وفابيو كانافارو.
توتي بكاه الجميع في روما يوم قرر الاعتزال، وتضامن معه الآلاف حين أجلسه المدرب لوتشانو سباليتي على مقاعد البدلاء، لكنه رغم كلّ ذلك ذرف الدموع كالطفل في يوم وداعه أمام الرومانيستا، لأنه أحب الذئاب وأحب دور القائد.
ديدييه ديشان
كان ديشان مجتهدًا وذكيًا مع إرادة لا حدود لها للفوز، وكان دائمًا يمتلك مقومات القائد الأسطوري. وصفه إريك كانتونا بأنه "water boy"، لكن مساهمة ديشان وإنجازاته مع المنتخب الفرنسي كشفت أن كلمات كانتونا كانت مضللة.
بصفته "كابتن"، يعد ديشان واحدًا من ثلاثة رجال فقط فازوا ببطولات دوري أبطال أوروبا وكأس العالم وبطولة أوروبا. تم تعيينه قائداً لنادي مرسيليا الشهير في عام 1992 وأصبح أصغر كابتن يرفع لقب دوري أبطال أوروبا في سن 23 عامًا، تحديداً يوم هزم نادي الجتوب الفرنسي نظيره ميلان في مباراة إصابة ماركو فان باستن، تلك الأمسية التي لا زالت تثير جدلاً حتى يومنا هذا، تحديداً بسبب فضيحة المنشطات الخاصة بلاعبي مرسيليا.
لم يكن ديشان الرجل الأكثر موهبة في الفريق الفرنسي الملقب بـ "الجيل الذهبي"، كان هناك لاعبون من طرازٍ رفيع أمثال الساحر زين الدين زيدان وروبرت بيريس وتييري هنري.
ومع ذلك، كان ديشان قائد الأوركسترا، هو الذي جميع هذه المواهب الرائعة معًا لجعل الفريق الفرنسي أسطورياً بحصده مونديال 1998 ويورو 2000.
ديشان شخص ديناميكي وقوي وقتالي في أرضية الملعب، وهذا الأمر انعكس على شخصيته الصارمة في التدريب، فقد قاد منتخب الديوك لحصد لقب مونديال روسيا 2018 على حساب كرواتيا.