القصة الكاملة لخروج برشلونة من الأزمة المالية.. دور بيريز ودهاء لابورتا وسر الرافعات المالية

23 اغسطس 2022
بيريز ولابورتا في لقاء كلاسيكو سابق (ديفيد بوستامانتي/Getty)
+ الخط -


استغرب متابعو كرة القدم، الصفقات الكبيرة التي قام بها نادي برشلونة الإسباني، في فترة التعاقدات الصيفية، في الوقت الذي يعاني فيه الفريق من مشاكل مالية كبيرة، أجبرته على التفريط في نجمه الأول ليونيل ميسي، رغم موافقته على التخفيض في راتبه من أجل البقاء بالفريق، لكن رغم ذلك فإن المشاكل المالية، جعلته يختار الطريق الأصعب بالتفويت في لاعبه التاريخي، حيث أفادت شبكة "فوتبول ترانسفيرز" البريطانية، أن إجمالي ديون النادي الكتالوني بلغت 1.3 مليار يورو.

دور بيريز

فجرت صحيفة "ماركا" الإسبانية، مفاجأة من العيار الثقيل، حين طرحت مجموعة من التساؤلات حول كيفية تعامل جماهير ريال مدريد مع خبر مساعدة فلورنتينو بيريز رئيس فريقه، لجوان لابورتا رئيس غريمه اللدود برشلونة، من أجل التعاقد مع المهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي.

وأضافت الصحيفة، أن الجماهير تتخاصم فيما بينها، وتدخل في نقاشات وخلافات كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن يبدو أن مسابقة السوبر الأوروبي وحدت لابورتا وبيريز، لأهداف معينة تتوافق مع مصلحتهما معاً.

وأكد المصدر نفسه، أن إحدى الشركات التي تسمى "كي كابيتال"، والتي يديرها صديقان حميمان لبيريز وهما بورخا برادو وآناش لاغاري، قد تم تعيينه كأمين عام لمسابقة السوبرليغ، فيما تم تكليف شركته بحماية حقوق البث التلفزيوني للمسابقة.

وأضافت أن "كي كابيتال" تشاركت مع شركة أخرى اسمها "سيكسث ستريت" التي عملت في مشروع توسعة ملعب "سنتياغو بيرنابيو" وزيادة استثمارات النادي فيه لمليار دولار، قد ظهرت حين كان برشلونة يستعد للتوقيع مع شركة أخرى اسمها "سي. في. سي"، وقدمت خيارات للفريق الكتالوني تفوق عرض الشركة الأولى، الذي يقضي بالحصول على 270 مليون يورو مقابل 10 بالمائة من حقوق البث التلفزيوني لمدة 50 عاماً. 

لكن يبدو أن رئيس ريال مدريد قد نصح لابورتا بالتعاقد مع شركة أصدقائه التي اقترحت 595 مليون يورو لمدة 10 أعوام، على أن يكون ضامن القرض، هو عوائد بث مباريات برشلونة، مع تخفيض الفائدة لأقل من 2%، ووضع شرط يسمح لبرشلونة بإعادة بيع الحقوق إلى منصات أخرى، بنسب يحددها بعد استشارة المؤسسة المالية، وهو ما جعلهم يرفضون العرض الأول الذي كان سيلزم الفريق بعدم المشاركة في مسابقة السوبرليغ، بالنظر للعلاقة التي تربط "سي. بي. سي" برابطة الدوري الإسباني الرافضة لمشاركة الفريق في المسابقة.

وبالتالي، تبرز الحقيقة أن أصدقاء بيريز وشركاءه هم الذين منحوا برشلونة أموال شراء مهاجم بايرن ميونخ السابق، والقيام ببقية الصفقات الكبرى، إذ ساهمت الدفعة الأولى التي تلقاها برشلونة في دفع مستحقات الديون، مع نشاط إداري كتالوني لإعادة جدولة باقي الديون، في صيغ تسمح بأن توضع في قاعدة، بشرط ضمان برشلونة الحصول على أرباح، وتلك مهمة ستسهلها عودة برشلونة إلى سابق عهده وإحراز البطولات.

وصرح فلورنتينو في مقابلة مع برنامج "ال تشيرينغيتو" الإسباني: "برشلونة واحد من أعظم الأندية في العالم والذي تبلغ قيمته 5 مليارات يورو، يمكن أن يمر بموقف صعب ولكن لديه آليات للمضي قدماً، نحن جميعاً نتمنى أن يتجاوز أزمته، من أجل كرة القدم الإسبانية".

ماذا تعني الرافعة المالية؟

الرافعة المالية هي استراتيجية يستخدم فيها المستثمر طريقة اقتراض الأموال، للاستثمار في منتجات مالية معينة لزيادة عائد الاستثمار المحتمل، إذ إنها تمكن المتداول للأسهم من استخدام هذا القرض المؤقت، لفتح صفقة بحجم أكبر بمبلغ أصغر من رأس المال.

ولفهم أكثر كيفية عمل الرافعة المالية، فإن الشخص الذي يتداول الأسهم، دون رافعة مالية على الإطلاق واستثمر 1000 دولار، فبإمكانه أن يربح أو يخسر 10 دولارات مقابل كل حركة بنسبة 1٪ في السوق، أي ما يعادل 1٪ من 1000 دولار.

أما إذا كان يريد أن يستثمر نفس مبلغ الـ1000 دولار، باستخدام رافعة مالية مقدمة في شكل 10 أضعاف، فإن القيمة بالدولار للصفقة ستكون 10000 دولار.

مع الإشارة لكون استخدام الرافعة المالية يحمل معه درجة أعلى من المخاطر، لأن الرافعة المالية تزيد من حجم المكاسب والخسائر في نفس الوقت، إذا كنت تستخدم الرافعة المالية في صفقة وتحرك السوق ضدك، فستكون خسارتك لكل نقطة أكبر مما لو لم يتم تطبيق الرافعة المالية.

أي دور للرافعة في برشلونة؟

أما في ما يتعلق بمفهوم الرافعة الاقتصادية في كرة القدم، وبالتحديد التي استخدمها برشلونة، فهي مجموعة من الإجراءات التي اتبعها الفريق مجتمعة، تتمثل في نسبة اقتراض يحصل عليها النادي، إضافة إلى بيع لاعبين وخصم رواتب وبيع ممتلكات، فتجتمع كل هذه الإجراءات معاً لتسجل فائضاً للميزانية، يعلنه النادي بوضوح.

لكن التحدي الأبرز اليوم للفريق، من أجل إيجاد التوازن في الميزانية، هو بيع اللاعبين في ظل تشبث فرينكي دي يونغ بالبقاء، وعدم التوفيق في بيع كل من سيرجينيو ديست وممفيس ديباي ومارك أندريه تير شتيغن، بعد أن باع فيليبي كوتينيو وفيران غوتغلا وأرناو كوماس بقيمة 26 مليون يورو، وأعار فرانشيسكو ترينكاو بـ3 ملايين يورو مع خيار شراء بـ10 ملايين يورو، أي إن برشلونة قد يجني زهاء 40 مليون يورو إضافية، بعد أن جنى بالفعل 29 مليونًا من مبيعات لاعبيه.

خطة ناجحة

ووجد البرسا في الطريقة الجديدة التي نصحه بها بيريز الحل لتجاوز الأزمة المالية، بعد أن أعلن الأسبوع الماضي، في بيان رسمي، عن تفعيل رافعة اقتصادية جديدة بشكل رسمي، من خلال بيع 25 بالمئة من استديوهات النادي، مقابل 100 مليون يورو لشركة "سوسيوس. كوم".

كما فرط برشلونة في 49.9 من حقوق الماركة التجارية للنادي، مقابل حصوله على 200 مليون يورو، ليسجل الفريق دخلاً يصل إلى 740 مليون يورو من هذه العمليات، والذي يعادل 80% من خسائر الأعوام الأربعة الماضية.

حلول أخرى

توصل برشلونة لحلول أخرى أيضاً من أجل الخروج من الأزمة المالية من بينها، منح المشجعين فرصة لعب مباراة في ملعب "كامب نو"، مقابل 300 يورو للشخص الواحد. 
حيث نشر الفريق من خلال حسابه الرسمي عبر "تويتر": "هل تحلم يوما بأن تلعب في ملعب كامب نو؟. يمكن أن يصبح حلمك الآن حقيقة، تعال وحدك أو مع الأصدقاء، واستمتع بالمباريات التي ينظمها برشلونة في كامب نو هذا الصيف".

وأكد نادي برشلونة أن أي شخص يريد اللعب في "كامب نو" لمدة ساعة واحدة، كما سوف يبدل ملابسه في غرفة خلع ملابس نجوم النادي الكتالوني.

كما عمد برشلونة لتخفيض رواتب لاعبيه، مثل ما طلب ذلك الاتحاد الإسباني، حتى يتمكن من تسجيل لاعبيه الجدد، وقد أفادت صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، أن المادة رقم 41 من قانون العمل تسمح للنادي الكتالوني بتخفيض رواتب اللاعبين، رغم رفضهم قبول تلك الفكرة، وذلك في حال إثبات معاناة النادي من أوضاع مالية صعبة، وعدم قدرته على تسديد الرواتب".

القرار الأهم

بعد فترة زمنية طويلة قادمة، وبالعودة إلى ما حدث خلال هذه الفترة، قد تكون الخطوة التي اتخذها لابورتا بتفعيل الرافعات المالية، هي أهم خطوة في تاريخ نادي برشلونة، والتي أنقذت فريقاً بهذا الحجم من الإفلاس، بفضل دهاء هذا الرجل وحنكته، بعد أن شعر أنه إذا لم يتخذ هذه الخطوة بجلب أفضل اللاعبين في العالم، فإن الفريق سيكون مصيره الاضمحلال، بخسارته لأبرز مستشهريه، وفقدانه لمصادر أمواله، وبالتالي كان سيشهد نفس الطريق التي سلكتها أغلب الفرق الإيطالية، الغائبة عن ساحة التنافس الأوروبي منذ فترة طويلة.