حقق المدرب التونسي مهدي النفطي بداية جيدة مع فريقه الجديد، ألكوركون، عندما قاده الى فوزين متتاليين في بطولة دوري الدرجة الثانية الإسباني لكرة القدم، وهو المدرب العربي الوحيد الناشط حالياً على أراضي الأندلس، متابعاً رحلته بخطى ثابتة من أجل بلوغ أعلى القمم في عالم التدريب.
وتحدث مهدي النفطي بطل أفريقيا مع منتخب تونس سنة 2004، عن مغامرته الإسبانية هذه، وذلك في حوار حصري مع "العربي الجديد"، كشف خلاله عن عدد من المواضيع المثيرة في علاقة بالجيل الحالي لكتيبة "نسور قرطاج" الذي يستعد للمشاركة في بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم، ساحل العاج 2024.
كيف تحكم على بدايتك مع فريقك الجديد؟
كما تعلمون، ليس من السهل أن تبدأ تجربة جديدة وسط الموسم، وهذا يؤكد أن النتائج التي حققها المدرب السابق للفريق لم تكن جيدة، لذلك فقد وجدت اللاعبين في حالة نفسية سيئة ويشعرون بالحزن والإحباط، لكن الحمد لله فزنا في المباراتين الأخيرتين ضمن منافسات الدوري، وهذا ما يجعلنا في وضع جيد أثناء عطلة نهاية السنة، حتى نعود بقوة في مرحلة الإياب من أجل تحقيق البقاء، لكن المهمة لن تكون سهلة.
ما هي حظوظكم في البقاء بدوري الدرجة الثانية الإسباني؟
الدوري صعب هذا العام، ليس هناك فارق كبير بين أندية الصدارة والفرق في أسفل الترتيب، تبقى 21 جولة في الموسم والمشوار ما زال طويلاً، ونحن سنحارب إلى آخر لحظة من أجل تحقيق البقاء، مجموعة اللاعبين محدودة نوعاً ما، لذلك سنسعى لإجراء بعض الصفقات الجديدة من أجل تعزيز حظوظ النادي لضمان البقاء في الدوري.
هل تحلم بتدريب فريق من الدوري الإسباني الأول في المستقبل؟
طبعاً، أعتقد أن هذا الهدف هو حلم كل مدرب في اسبانيا. طيب، من الجيد أن تطمح لكن يجب ألا تطمع كثيراً، أعتقد أنني من المدربين العرب القلائل الذين يعملون في بلدان الدوريات الأوروبية الكبيرة إن لم أكن الوحيد، وهذا يزيدني طموحاً من أجل تدريب أحد فرق "الليغا" في يوم من الأيام، لكنني أضع قدمي على الأرض ولا أريد أن أحرق المراحل، لأني أعلم جيداً أنه ليس من السهل تحقيق هذا الهدف بالنسبة للمدربين العرب، بخاصة نحن الذين نأتي من شمال أفريقيا.
بالانتقال إلى الشأن الوطني، هل فاجأك غياب حنبعل المجبري عن قائمة منتخب تونس في كأس أمم أفريقيا؟
لا يمكن أن أحكم على وضعية حنبعل لأني لا أعرف جيداً ما يحدث داخل المنتخب، لقد سمعت أن العملية تمت بالاتفاق بين اللاعب والمدرب معاً، لكن في المطلق أنا لا أجبر أي لاعب على الانضمام إلى منتخب بلاده، يجب عليه أن يفعل ذلك من تلقاء نفسه وأن يأتي من أجل تقديم الإضافة لزملائه، أما إكراه اللاعبين على الانضمام إلى المنتخب، فلن يكون في مصلحة اللاعب والفريق، على حد سواء. والمستقبل وحده سيوضح لنا ما إن كان المجبري والمدرب قد اتخذا القرار الأنسب، لكنني متأكد أن جلال القادري بحث عن الحلول المناسبة والأكثر تماشياً مع المنتخب التونسي في الوقت الحالي.
ما رأيك في قائمة المنتخب التونسي لبطولة كأس أمم أفريقيا؟
طبعاً الكلمة النهائية تعود للمدرب وجهازه الفني، لكني أرى أن القائمة متجانسة، أعتقد أن هذه الاختيارات هي الأفضل حالياً بالنظر إلى اللائحة الموسعة، أذكّرك كذلك أنه منذ الجيل الذي لعبت فيه شخصياً، لم تكن تونس تملك عناصر خارقة للعادة على المستوى الفردي، لكن ما يميزّ منتخبنا دائماً هي الروح الجماعية وقوة المجموعة، فنحن لا نعول كثيراً على الفرديات.
كيف تقيّم نوعية لاعبي تونس مقارنة بباقي المنتخبات الأفريقية؟
في وسط الملعب ليس لدينا شيء كبير مقارنة بالبقية، كذلك في خط الهجوم نعاني من نقص في الخيارات ونفتقد النوعية الجيدة بالنظر إلى باقي المنتخبات، لكنني أثق دائماً في الانضباط الدفاعي والتكتيكي للفريق، وهو ما مكننا من تقديم مستوى جيد في الفترة الأخيرة بخاصة خلال بطولة كأس العالم الأخيرة بقطر، أرى أن منتخبنا في وضع جيد الآن رغم أن الانطباع السلبي يحيط دائماً بالفريق.
حسب رأيك، من سيكون اكتشاف البطولة؟
صراحة، لا أرى أي لاعب من منتخب تونس يتفوّق على البقية بشكل واضح، ربما قد يكون، إلياس العاشوري، لكن يجب أن ننتظر الخطة التكتيكية والتشكيلة التي سيعتمدها المدرب حتى نحكم على اللاعبين بشكل قطعي، أعتقد أنّ لدى المنتخب العديد من الثوابت، مثل الطالبي والسخيري ومرياح والعيدوني والمساكني، أظن أن لاعبي الخبرة سيحملون الفريق إلى الأعلى، رغم أنني أتطلع لتألق العاشوري بعد بروزه مع نادي كوبنهاغن الدنماركي.
ما هي حظوظ "نسور قرطاج" في التتويج باللقب؟
البطولات المجمّعة تحكمها أحياناً التفاصيل الصغيرة، شاهد مثلاً كيفية خروج منتخب تونس من الدور الأول لكأس العالم، أو تأهل المغرب إلى المربع الذهبي لقد جاء إثر كرة إسبانيا التي ارتطمت بالقائم خلال ركلات الترجيح في ربع النهائي، ولولاها لما تحدثنا الآن عن إنجاز المغرب بالمونديال. فإذا استهلت تونس مشوارها بالفوز على ناميبيا، فإنها ستدخل المسابقة بقوة ولمَ لا نفكر جدياً بعد ذلك في التقدم نحو اللقب؟ عموماً، منتخبنا يكون جيداً عندما لا يتصدر الترشيحات قبل بداية البطولة، وأعتقد أن صفة الـ"آوت سايدر" تتماشى معنا كثيراً.
من هو اللاعب الذي يشبهك من الجيل الحالي لمنتخب تونس؟
طبعاً هناك لاعبون مميزون، مثل إلياس السخيري وعيسى العيدوني، أرى أنهما يشبهانني كثيراً، ومن سوء حظهما أنهما لم يتوّجا بلقب كأس أفريقيا الذي فزنا به سابقاً، ومن حيث الإمكانات أعتقد أن هذا الثنائي لا ينقصه شيء مقارنة بلاعبي خط وسط الميدان في جيل 2004، مثل المناري والبوعزيزي والشاذلي... السخيري والعيدوني ينقصهما فقط التتويج باللقب مع المنتخب التونسي.
هل ترى أن تونس اعترفت بالجميل لذلك الفريق الفائز بلقب عام 2004؟
مثلما أكد العديد من اللاعبين في السابق، فإن جيل 2004 تعرض للتهميش التام من طرف الاتحاد التونسي لكرة القدم وكأننا غرباء، بينما لا يستحق ذلك الفريق النسيان فنحن أبطال أفريقيا وجلبنا الكأس الوحيدة لتونس، الآن دعونا ننسى الماضي ونشجع الجيل الحالي ونخفف عنهم النقد، قدر المستطاع حتى ينجحوا في الذهاب بعيداً في المسابقة.
ما هي رسالتك للجماهير التونسية التي تتابعك باستمرار؟
أتلقى عدداً من رسائل المساندة والدعم من الجماهير التونسية، وهذا أشعر به دائماً منذ كنت لاعباً في المنتخب رغم أنني أحمل الجنسية المزدوجة وولدت في فرنسا، فشكراً لهم وأرجو أن يقفوا وراء الفريق في أمم أفريقيا المقبلة، لقد عاشت الجماهير خيبات أمل عديدة في السنوات الأخيرة، لذلك أتمنى أن ينجح المنتخب في رسم البسمة على وجوههم هذه المرة، وأن تساهم البطولة في المصالحة بين المشجعين من جهة، واللاعبين والجهاز الفني من جهة أخرى.