برشلونة والسيتي..التكتيك والتحركات يحسمان الموقعة

25 فبراير 2015
+ الخط -


إذا أردت توقع سيناريو معظم المباريات، فعليك فوراً متابعة كل كبيرة وصغيرة تحدث خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالمدربين، الذي يتم قبل صافرة الحكم بليلة واحدة، وهذا ما حدث بالنص في قمة ملعب الاتحاد بين فريقي مانشستر سيتي وبرشلونة، فكل مدير فني طبّق حرفياً ما قاله أمام الصحفيين والإعلاميين.

الغاضب بليجريني
البداية مع المهندس مانويل بليجريني، المدرب التشيلي الذي لم يفز حتى الآن على برشلونة في أي مباراة رسمية، ليظهر قبل اللقاء غاضباً ومتحفزاً، ويؤكد أن فريقه احترم برشلونة زيادة عن اللازم خلال جولة الموسم الماضي، وأن السيتي لن يعود للدفاع كثيراً ويترك الملعب ذهاباً وإياباً للنادي الكتالوني.

وتشكيلة السيتي كانت هجومية بامتياز، فالمدرب لعب بطريقة 4-4-2 دون تأويل، رباعي دفاعي متأخر أمام جو هارت، على اليمين زاباليتا وعلى اليسار كليشي، وفي العمق كلّ من ديميكلس وكومباني، بينما تم الدفع بنصري وسيلفا على الأطراف الهجومية، رفقة الثنائي المحوري ميلنر وفرناندو، وفي المقدمة لعب كون أجويرو بجوار دجيكو.

الهادئ لوتشو
"مباراة ستكون كبيرة أمام خصم رائع، نعم فزنا عليهم السنة الماضية لكن هذا العام الأمر مختلف، وكل شيء متاح داخل الملعب، لذلك سنحاول قدر المستطاع لعب مباراة كبيرة من البداية للنهاية"، هذا ما قاله المدرب لويس إنريكي قبل ساعات قليلة من مواجهة الاتحاد، وبعد أيام قليلة من الهزيمة الغريبة أمام ملجا في كامب نو.

لذلك لعب لوتشو بتكتيك متوقع مع خطة 4-3-3 الكتالونية، بوجود الرباعي ألفيش، بيكيه، ماتشيرانو، ألبا في الدفاع، مع الاعتماد على أقوى تشكيلة ممكنة بخط الوسط، الثلاثي بوسكيتس، أنيستا، وراكيتتش لملأ الفراغات بالمنتصف، ولا خلاف على الـ MSN أو ميسي، سواريز، نيمار في الثلث الهجومي الأخير.

لتكون المواجهة بين فريق إنجليزي طامح في إثبات الذات، وممثل كاتالوني يريد العودة إلى طريق المجد من بوابة الكبار، لكن سرعان ما دانت السيطرة لبرشلونة، والسر في التمركز المثالي للنجوم الكبار، والتحركات المستمرة في كافة أرجاء المستطيل الأخضر.

دافيد سيلفا
حاول مانويل بليجريني ضرب برشلونة أسفل الأطراف، وبالتحديد في الناحية اليمنى التي يشغلها البرازيلي ألفيش، لذلك هاجم بشدة عن طريق الظهير المتقدم كليشي، يعاونه لاعب الوسط المميز دافيد سيلفا، ومع عودة راكيتتش المستمرة لمساندة داني، فإن الهجوم الجديد سيكون بتحول ميلنر لاعب الارتكاز إلى خانة الجناح، لتكوين الثلاثية القاتلة على الخط الجانبي.

لذلك جاءت معظم خطورة فريق السيتي ضد جبهة برشلونة اليمنى، لكن ذكاء الفريق الضيف حوّل الكفة تماماً لصالحه، بعودة راكي بجوار ألفيش، وتحول جيرارد بيكيه إلى الجبهة اليمنى قليلأً، ليصبح مدافعاً بين العمق والأطراف، ويحمي دائماً ظهر زميله ألفيش. ومن أجل التعامل مع ثنائي هجوم السيتي، عاد بوسكيتس قليلاً إلى الوراء لمراقبة دجيكو، مع تكفل ماسكيرانو بمواطنه أجويرو.

ليونيل
أضاع ميسي ركلة جزاء وفرصة سهلة للغاية كانت كفيلة بإنهاء كل شيء من الذهاب، لكن الأرجنتيني لعب دور "الدينامو" في تكتيك برشلونة، ونجح تماماً في قيادة الفريق للتفوق خصوصاً في أول ستين دقيقة، وذلك باللعب على اندفاع بليجريني، واستغلال المساحات الشاسعة في الخطوط وبينها، نتيجة اللعب بارتكاز واحد فقط أمام الدفاع، حيث ظهر فرناندو وحيداً دون أي سند أمام هجوم لا يرحم.

لمس ميسي الكرة في 110 مناسبات، واستعاد 8 كرات مع أكثر من عرقلة مشروعة، وكانت معظم تحركاته في العمق الهجومي مع ميل عند الحاجة للأطراف، وبالتالي لعب أكثر كصانع لعب حقيقي أمام بوسكيتس المتأخر، ولقطة الهدف الثاني تؤكد كل شيء، لأن ليو تسلّم الكرة وراوغ كل من قابله وفتح الملعب تماماً على اليسار، قبل أن يمرر ألبا الكرة إلى سواريز.

أفادت ثنائيات "ميسي-سواريز"، "ميسي-نيمار"، "ميسي-راكيتتش"، "ميسي-انيستا" طريقة لعب بارسا كثيراً، ولم يعد السيتي للمواجهة إلا بعد إجراء التغييرات، والتحول من 4-4-2 إلى 4-2-3-1 في الشوط الثاني.

التغييرات
خرج سمير نصري ودخل فرناندينيو بعد ربع ساعة من بداية النصف الثاني، ليلعب البرازيلي بجوار زميله فرناندو، ويحاول الثنائي غلق الفراغات الكبيرة أمام دفاعهم، ثم جاء الدور على الإيفواري بوني، اللاعب الذي يتحرك أكثر من دجيكو، ويشغل مركز المهاجم بالتبادل مع أجويرو، ليصبح واحد منهما في العمق، والآخر على الطرف كجناح وساعد في الأطراف.

هدف السيتي يُلخص فكرة التوازن التي لعب بها الفريق في النهاية، فدافيد سيلفا لاعب عبقري في تحركاته، قوته في تحوله من الجناح إلى العمق، لأنه من أميز صناع اللعب الجدد في السنوات الأخيرة. لذلك يشغل الإسباني مركز الجناح لكن أثناء التحولات، تجده سريعاً في العمق كلاعب وسط مهاجم أمام منطقة الجزاء.

يتسلم سيلفا الكرة وقبل أن تصل إليه يحدد المكان المناسب والتوقيت السليم، لذلك كانت "الكيمياء" واضحة بينه وبين أجويرو، في ضرب كل دفاعات برشلونة بلعبة واحدة. وكان من الممكن زيادة الضغط الهجومي على الفريق الضيف لولا تدخل كليشي وطرده في آخر ربع ساعة، لتميل الكفة مجدداً إلى الأحمر والأزرق.

هامش التحسن
لا تزال هناك بعض المشاكل داخل فريق برشلونة، ويتضح ذلك في تباين المستوى من مباراة لأخرى كما حدث أمام ملجا، لكن أداء الفريق يتحسن تدريجياً ويتضاعف التركيز في المباريات الكبيرة. لذلك رغم أن البارسا فاز في نفس الملعب على نفس الخصم بهدفين دون رد منذ عام، إلا أن المستوى الحالي أفضل بمراحل، حتى وإن كان الفارق هدفاً واحداً فقط بعد صافرة الحكم.

سواريز يعيد نجاحات صامويل ايتو، المهاجم الذي يتحرك كثيراً، ويعود للخلف وينطلق في الأمام، ويسجل هدفاً من كل فرصتين إلى ثلاثة في المباريات المعقدة، وهذا ما يفعله "العضاض" المتخصص في إحراج الإنجليز، لذلك وجود الرقم 9 في تشكيلة المدرب لوتشو سهّل كثيراً من مهمة ميسي بالخلف، ونيمار على الأطراف.

وتبقى المعادلة ثابتة دون تغيير، إذا نجح وسط برشلونة في ضبط عملية التحولات وأجاد التحكم في نسق المباريات، سينفجر الثلاثي الهجومي في كافة المباريات الكبيرة، لأن العلّة والدواء في المنتصف، الخط الذي يصنع الفارق!