بين معارض ومؤيد.. حكاية ذئب إيطالي في برشلونة

29 يناير 2015
+ الخط -

"الشكر لأريدو برايدا، الرجل الذي رحل بعد 28 عاماً في ميلان". هكذا كان العنوان الرئيسي للموقع الرسمي لفريق ميلان يوم 2 يناير/كانون الثاني 2014، بعد إعلان الانفصال بين النادي والإداري الذي عمل لسنوات طويلة في مجال شراء وبيع اللاعبين، ولُقب بمهندس صفقات ميلان، وصانع أمجاد الجيل الذهبي لفريق أريجو ساكي في نهاية الثمانينيات، بعد النقلة التاريخية التي أحدثها المدرب حليق الرأس داخل أروقة الكرة الإيطالية والعالمية، من خلال فريق لا يُهزم اشتهر بالنجوم الكبار ووحدة الأداء في كل المباريات.

وجاءت عناوين الصحف الإسبانية خلال الأيام الماضية لتؤكد قرب الاتفاق النهائي بين برشلونة وبرايدا، في محاولة لإعادة الأيام الجميلة للنادي الكتالوني بمساعدة أحد أشهر خبراء السوق في كرة القدم بالعقدين الأخيرين، ويأتي التأكيد من قبل برايدا نفسه بعد أن أبدى سعادته العريضة بعرض البارسا، والإشارة بأن الإعلان الرسمي عن التعاقد سيتم خلال أيام.

طيب الذكر
إذا سألت أي مشجع لميلان عن برايدا، سيخبرك على الفور بتاريخه المشرف مع النادي اللومباردي، ومدى النجاح الذي حققه بالتعاون مع بيرلسكوني وجالياني، وتكمن قيمة المدير الرياضي القديم في كونه أسس عدة فرق فائزة بالألقاب، بداية من ميلان ساكي مروراً بفترة كابيلو المليئة أيضاً بالبطولات، نهاية بالجيل الذي أعاد زمن التتويج بدوري الأبطال مع المدرب كارلو أنشيلوتي في الألفية الجديدة.

لعب برايدا دوراً رئيسياً في قدوم كل من ماركو فان باستن، أندريه شيفتشينكو، كاكا، وتياجو سيلفا، ولم يكن مجرد مدير عادي داخل النادي، بل تميّز بمكانته المرموقة بين أفراد الجهاز الفني، وقربه من اللاعبين داخل غرفة الملابس، لذلك صنع أريدو لنفسه تاريخاً مختلفاً، وشبّهه البعض بأليكس فيرجسون المدراء الرياضيين، نظراً للفترة الطويلة التي قضاها مع الروسونيري.

انتقادات
تباينت ردود فعل الشارع الرياضي الكتالوني بعد أخبار الاتفاق مع برايدا، ومع الاعتراف بموهبة وقدرة الرجل التسويقية، إلا أن أولى الملاحظات ضده دارت حول عامل كبر السن، أي أنه يشبه الديناصور الذي يتعامل مع معطيات الكرة الحديثة بعقلية الثمانينيات والتسعينيات، وكأن البارسا أصبح نادياً تُدار فيه قواعد اللعبة وفقاً لمبادئ القرن الماضي.

بالإضافة إلى أن برايدا بعيد جداً عن أفكار وخبايا فريق برشلونة، لأن منصب المدير الرياضي داخل النادي كان يخص فقط المقربين جداً من أكاديمية لا ماسيا، حتى يكون في استطاعته تكوين همزة الوصل بين الفريق الأول ونظيره الرديف، لتكون ثاني الانتقادات خاصة بعدم امتلاك الايطالي لـ "DNA" برشلونة.

وبالطبع كانت النقطة الأهم هي حرمان النادي من التعاقدات خلال الصيف المقبل، وبالتالي فكرة التعاقد مع مدير رياضي بإعلان رسمي، تعتبر ضرباً من الدعاية الانتخابية قبل الانتخابات المبكرة بنهاية الموسم الحالي، أي قدوم برايدا يعتبر بمثابة الكارت الانتخابي، لا أكثر أو أقل.

الخطة البديلة
طرحت الأصوات المعارضة عدة خيارات أخرى لخلافة زوبيزاريتا، عوضاً عن المدير الايطالي، عملاً بالمثل القائل، ما دامت هناك انتخابات مبكرة وعملية منع من إتمام أي تعاقد قريب، ما الداعي لاستقدام رجل من خارج النادي إذن؟ ولم تكتف وجهة نظر بمجرد التضاد فقط، بل عرضت أسماء أخرى كان على رأسها المدرب أوسكار جارسيا.

عمل أوسكار مع برايتون الإنجليزي، وكانت تفصله محطات بسيطة عن الصعود للدوري الانجليزي الأول، وكان أيضاً المدير الفني لفريق الشباب ببرشلونة، وساهم في إخراج عدة مواهب مميزة، على رأسها النجم تياجو ألكانترا لاعب فريق بايرن ميونخ حالياً.

يشارك جارسيا زميله القديم جوارديولا في حب الكرة الهجومية واللعب إلى الأمام مع رغبة دائمة في التعلم، لأنه كان يسأل المدربين أثناء فترة لعبه عن التفاصيل التكتيكية والطرق الفنية. "مع كل قرار يتخذه المدرب، كان دائماً يسأل قبل أن يفعل الشيء"، يتحدث بيب في حوار قديم عن أوسكار.

ويمتاز المدرب الشاب عن الجميع بمعرفته الكبيرة بفرق الناشئين وطرق التدريب داخل مدرسة الشبان، لذلك كان سيتولى فكرة تدعيم الفريق الأول بأسماء صاعدة لتعويض عجز النادي عن إجراء تعاقدات جديدة، وصناعة توليفة خاصة من الكبار والشباب في فريق واحد خلال الفترة المقبلة.

في الدفاع عن الايطالي
قال جوزيب بارتوميو رئيس برشلونة إن ناديه قادر على عقد الصفقات في أي وقت إذا أراد، حيث أن عقوبات "فيفا" لا تمنعه من ذلك، وجاء حديث النائب السابق لروسيل ليؤكد أن النادي باستطاعته التعاقد مع أي لاعب، لكن لا يمكنه تسجيله فقط، وبالتالي لا يستفاد منه قبل نهاية فترة الحظر، أي يصل البارسا لاتفاق مع أي اسم، ثم يتركه لأي فريق بنظام الإعارة، ومن ثم استعادته بعد انتهاء الإيقاف.

وهذه هي النقطة التي تُمثل فكرة الدفاع عن برايدا، لأن المدير الايطالي من أقوى الأشخاص في مجال شراء اللاعبين، بسبب قدرته غير العادية على الإقناع، وعينه الخبيرة التي تؤهله للوصول إلى مختلف المواهب في كافة الملاعب الأوروبية، مع نفوذ واسع وعلاقات وطيدة مع أبرز الكشافين ووكلاء اللاعبين في أميركا الجنوبية، وبالتالي يستطيع أريدو التغلب على شبح الحظر، ومساعدة برشلونة في إتمام تعاقدات قوية رغم أنف الاتحاد الدولي لكرة القدم.

يؤكد الصحفي المختص بشؤون الكرة الايطالية "جابريل ماركوتي" أن برايدا إضافة لأي فريق، ويعتبر خياراً جيداً بل جيداً جداً لبرشلونة، لكن عامل الوقت فقط سيكون العنصر المضاد أمام الرجل بسبب قرب موعد الانتخابات، وضيق فترة العمل التي لن تتعدى الستة أشهر.

في النهاية، سيصل أريدو برايدا إلى مدينة برشلونة وسيتم تقديمه رسمياً ليستلم تركة ثقيلة ومهمة في غاية الصعوبة، وسط انقسامات هائلة وحروب انتخابية لا ترحم بين الجميع، فهل سينجح الذئب الايطالي في وضع بصمته الخاصة؟ أم سيمر دون ضجيج بعيداً عن ضوضاء كامب نو؟ الإجابة في نهاية الموسم.
المساهمون