مع بداية شهر يناير الحالي انطلق الميركاتو الشتوي، وباشرت الأندية رحلة سعيها لضمّ بعض اللاعبين والأسماء لسد الثغرات وسط ضغوطات الموسم الحالي، إن كان بسبب الظروف الاستثنائية التي يفرضها فيروس كورونا، أو حتى بسبب كثرة المباريات والإصابات.
في بعض الأوقات عليك أن تكون ذكياً بهدف كسب ود الآخرين، أن تظهر لهم ربما الحبّ، صحيحٌ أن هذا الأسلوب لا يغريني ولا أحبذه حتى، لكن هذا الزمن يجبرك على تقديم بعض التنازلات، على أن تبقى ضمن الأطر المعقولة، وعدم المبالغة في المدح لكسب التعاطف أو الإعجاب.
من هنا أود الحديث عن تصريحات اللاعبين التي يتحفنا بها معظمهم لحظة انتقالهم إلى نادٍ جديد، اليوم صدفة خطرت ببالي الفكرة، لحظة رؤيتي ما قاله الإسباني ألفارو موراتا، عند وصوله لكلّ محطة في مسيرته.
ليس الأمر شخصياً بطبيعة الحال ضد لاعبٍ على حساب آخر، فمعظمهم يتبع هذه الاستراتيجية، لا أعلم حقاً لماذا ما زالت رائجة، رغم أن الجماهير بشريحتها الكبرى تعرف أنّها مُجرد "جعدنة لاعبين".
في عام 2014 وصل موراتا إلى يوفنتوس، حينها أطلق تصريحه الأول "اليوفي هو المكان الذي أردت أن أكون فيه"، بعد عامين أي في 2016 عاد لريال مدريد وقال "حلمي هو النجاح في ريال مدريد".
حسناً لا بأس حتى اللحظة في إطلاق تصريحين من هذا القبيل لكسب ود الجماهير، لكن بعد الانتقال لتشلسي في 2017 قال "حين كنت طفلاً تخيلت نفسي في تشلسي"، هذه العبارة التي لو استطاعت الكلام من تلقاء نفسها، لقالت للاعبي كرة القدم، كفوا عني، وتوقفوا عن استخدامي.
تحلم بتشلسي حين كنت طفلاً؟ هذا يعني أنك تعشق الفريق حسناً لتمرّ هذه أيضاً، لكن هذه الدراما الكوميدية لم تنته عند هذا الحد، فلدى رحيل موراتا إلى أتلتيكو مدريد الغريم التقليدي لريال مدريد، أي حلم موراتا الأول أو ربما الثاني، لا أعلم "دوخني" الرجل بكثرة تصريحاته، قال ألفارو "أتلتيكو هو حبي الحقيقي منذ الطفولة".
هل امتلك موراتا كغيره من اللاعبين أكثر من طفولة أو قلب؟ لم أحب أكثر من فريق في حياتي وهو حال الجميع ربما، هذه التصريحات ليست صحية وليست نوعاً جذاباً بل هي تدعو للاشمئزاز لأن فيها من "الدجل الكروي" الكثير، حتى أن بنجامين فرانكلين وروبرت ريبلي وقفا عاجزين أمام فداحة المشهد.
آخر فصول قصتنا كانت بتصريح موراتا يوم انتقل في 2020 إلى البيانكونيري مجدداً "يوفنتوس حبٌ عظيم".
لن أطيل أكثر، يكفي أن تصل الفكرة، من خلال ما كتبته. من الجيد أن تبني علاقة حبٍ مع الجماهير وأن تتقرب منهم، هناك ألف طريقة لفعل ذلك. على أمل أن يتوقف لاعبو كرة القدم عند هذا الحد، فقد اكتفينا من هذه الحكايا المنمّقة في كل ميركاتو، العب "على المكشوف يا أخي، أنت موظفٌ براتب خيالي".