اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن العدوان على غزة حرباً دينية ضد فلسطينيين، وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي بحيوانات بشرية، واعتبرتهم وسائل الإعلام الأميركية والغربية إرهابيين، وكل من يساندهم ويتعاطف معهم مجرد داعم للإرهاب على غرار المؤثرين ونجوم كرة القدم، خصوصاً الذين تعرضوا لكل أشكال التضييق.
وتعرض اللاعبون للضغط بسبب تغريدات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو الى إيقاف كل أشكال التقتيل والتهديم والتهجير، على غرار ما حدث لكريم بنزيمة ويوسف عطال في فرنسا، والمغربيين نصير مزراوي وأنور الغازي والتونسي عيسى العيدوني في ألمانيا، اضافة الى لاعبة التنس التونسية أنس جابر، بينما لم يتعرض محمد صلاح لأي انتقاد بعد الفيديو الذي نشره تعاطفاً مع كل الضحايا، من دون أن ينتقد قتل المدنيين في غزة ويتضامن معهم.
في ألمانيا، تعرض مدافع نادي يونيون برلين عيسى العيدوني لهجمة شرسة من قبل جماهير النادي، التي طالبت بفسخ عقده بحجة تضامنه مع الفلسطينيين في حسابه الخاص، وهو نفس الأمر الذي لجأت إليه جماهير بايرن ميونخ مع الدولي المغربي نصير مزراوي، واستجابت له الإدارة التي قررت إيقافه مؤقتاً في انتظار التحقيق معه، بسبب منشوره على "إنستغرام" يساند فيه أطفال غزة (مع الإشارة إلى أن نادي بايرن أصدر بيانا الجمعة، أكد فيها حديثه مع مزراوي وشرح تفاصيل المساندة، وأن استبعاده من التشكيلة يعود للإصابة ولا يتعلق بمساندة فلسطين).
في المقابل، تعرض لاعب نادي ماينز الهولندي من أصول مغربية أنور الغازي للإيقاف وفسخ عقده رغم حذفه منشور المساندة، وهي العقوبة المرتقبة في حق كل اللاعبين العرب والمسلمين الذين عبروا عن مشاعرهم في مجتمعات صدعت رؤوسنا بدفاعها عن قيم الحرية، وعدم الخلط بين السياسة والرياضة، في وقت لم تتردد نفس المجتمعات عن إبداء تحيزها ودعمها للأوكرانيين في حربهم مع الروس.
من جهته، تعرض الجزائري يوسف عطال للإيقاف المؤقت من قبل نادي نيس الفرنسي في انتظار مثوله أمام لجنة التحقيق، بسبب إعادة نشر تغريدة اعتبرتها الادارة معادية للسامية ومحرضة على الكراهية والعنف، ربما تعرضه لعقوبات تأديبية ومالية وقضائية، تصل إلى درجة فسخ عقده من دون تعويضات، وسط ضجة إعلامية كبيرة تدفع لتسليط أقصى العقوبات على يوسف عطال لأنه جزائري ومسلم، لا يحق له ما يحق لغيره من الرياضيين الغربيين الذين لم يخفوا مساندتهم لإسرائيل ومعاداتهم للدين الإسلامي في كل خرجاتهم الإعلامية ومنشوراتهم في حساباتهم، والتي تصنف ضمن خانة حرية التعبير والمعتقد، وواجب التنديد بالإرهاب الفلسطيني ضد الحضارة الغربية التي تمنع الهواء والدواء والماء على أكثر من مليوني مواطن فلسطيني يعيشون في سجن مفتوح على السماء فقط.
أما المواطن الفرنسي المسلم من أصول جزائرية كريم بنزيمة، فتعرض بدوره لحملة انتقادات شرسة من طرف الساسة في وسائل الإعلام، بسبب منشور أبدى فيه تعاطفه مع ضحايا الحرب على غزة، بلغت درجة اتهامه بالانتماء الى جماعة الاخوان المسلمين، وضرورة سحب الجنسية الفرنسية منه.
لكن لاعب الاتحاد السعودي رفع شكوى قضائية ضد وزير الداخلية وأعضاء في البرلمان الأوروبي والفرنسي بتهمة إطلاق تصريحات عنصرية ضده، كما كان عليه الحال كل مرة، حتى عندما كان لاعباً في ريال مدريد والمنتخب الفرنسي، على غرار ما كان يحدث لزيدان وكل اللاعبين الفرنسيين من أصول عربية وأفريقية في جمهورية قامت على قيم ومبادئ الحرية والأخوة والمساواة.
في مقابل كل هذا، تعرض النجم المصري محمد صلاح لضغوطات غربية مباشرة وغير مباشرة منعته من التعبير عن رأيه على مدى 10 أيام، قبل أن يخرج مضطراً بفيديو شاهده مئات الملايين، تعاطف فيه مع كل الضحايا من دون استثناء، ولم يحمل موقفاً واضحا، وهو الأمر الذي لم يعرضه للتضييق والانتقادات في إنكلترا وأوروبا، ما يعني أن ظهوره بالفيديو لم يكن مزعجاً لداعمي إسرائيل والمتواطئين مع العدوان على غزة والمتكالبين على الإسلام والمسلمين في كل مناسبة ومن دون مناسبة، لأن حربهم دينية كما وصفوها وليست مجرد معركة عسكرية أو ردة فعل على "طوفان الأقصى" الذي كشف عورات القريب قبل الغريب.