استمع إلى الملخص
- **التحضيرات المكثفة**: تأهل عبر الدورة الترشيحية في داكار، وشارك في الألعاب الأفريقية ومعسكرات تدريبية متعددة، معرباً عن ثقته وتفاؤله.
- **الإنجاز التاريخي**: فاز في جميع مبارياته بباريس، بفضل مدربه ياسبول سلطانوف، واحتفل بفوزه في مشهد تاريخي للرياضة التونسية.
بات البطل فراس القطوسي (28 عاماً)، حديث الصحافة والجماهير في تونس والعالم العربي عموماً، بعدما أهدى بلده ميداليتها الذهبية الأولى في الألعاب الأولمبية، باريس 2024، وذلك إثر فوزه على الإيراني مهران برخورداري، في الدور النهائي لمسابقة التايكواندو لوزن أقل من 80 كيلوغراماً، الذي أقيم ليلة الجمعة في العاصمة الفرنسية. ولم تكن طريق فراس سهلة حتى يشارك في الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في مسيرته، إذ لم ينجح في التأهل إلى النسخة الماضية بالعاصمة اليابانية طوكيو، بسبب الإصابة التي لحقته عام 2018، وأجبرته على الغياب عن التدريبات لمدة سنة كاملة، ومن ثم أضاع المنافسات المؤهلة إلى الأولمبياد، لكنهُ عاد بقوة وضمن مقعده في ألعاب باريس، على إثر الدورة الترشيحية التي أقيمت في العاصمة السنغالية، داكار، في شهر شباط / فبراير الماضي.
ومنذ ذلك الحين، بدأ القطوسي بالتحضير للأولمبياد، وشارك إلى جانب ثلاثي منتخب تونس للتايكواندو، هم خليل الجندوبي وشيماء التومي وإكرام الظاهري، في الألعاب الأفريقية التي أقيمت بالعاصمة الغانية، أكرا، خلال شهر مارس/ آذار، وعرفت تتويج فراس بالذهب، وقد كانت الدورة أفضل تحضير للبطل العربي قبل موعد الألعاب الأولمبية، بالإضافة إلى العديد من المعسكرات، آخرها الذي أقيم في مدينة الحمامات التونسية قبل أيام قليلة من السفر إلى باريس، وضمّ لاعبين من روسيا وكازاخستان وأوزبكستان والسعودية، والسنغال، وفلسطين، والمغرب. وعقدت اللجنة الأولمبية التونسية في تلك الفترة مؤتمراً صحافياً، للحديث عن تحضيرات الرياضيين للأولمبياد، حينها خاطب فراس الإعلاميين بلهجة المتفائل، قائلاً: "لا أشعر بالضغط، لقد قمت بتحضيرات جيدة جداً وخضت مباريات ودية مع عديد اللاعبين الكبار، أنا أحرص على التمتع بأوقات جميلة مع أصدقائي، سواء في التدريبات أو خارج الحلبة، أسعى دائماً إلى نسيان الضغط وذلك بالمزاح وتسلية نفسي بين حين وآخر، يجب ألا تعطي للحدث أكثر من حجمه حتى لا تشعر بعد ذلك أنك مكبّل، لدي ثقة كبيرة في إمكاناتي، لكنني لا أفكر حالياً إلا في تدارك النقائص قبل موعد المنافسات في باريس".
وتعكس هذه التصريحات قوة شخصية القطوسي، الذي بدا أنّه واثق بقدراته على التتويج بميدالية أولمبية، لكنه ظهر في ثوب البطل الذي لا يكترث لحجم الضغط ودقّة المسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد تبين ذلك في كلّ الصور التي نشرها موقع اللجنة الأولمبية التونسية، لوصول منتخب التايكواندو إلى باريس وتدريباتهم، بعدما برز فراس بوجهه الضحوك وروحه المرحة، رغم أنّ موعد المسابقة قد اقترب في ذلك الوقت.
وظهرت ملامح قوّة الشخصية هذه، على أرض الملعب، حيث أطاح القطوسي صاحب الـ(29 سنة)، كلَّ منافسيه في باريس، إذ فاز في ثمن النهائي على الأسترالي ليون سيرانوفيتش بنتيجة 2-0، وانتصر بالنتيجة نفسها في ربع النهائي على حساب الدنماركي إيدي هنريك، أما في نصف النهائي فقد تأهل فراس على حساب وصيف بطل العالم الأميركي كارل نيكولاس (2-0)، قبل العرض الرائع الذي قدمه في النهائي، ليحقق الذهبية الأولمبية الأولى لتونس في التايكواندو، والثانية للعرب، بعد إنجاز الأردني أبو غوش في نسخة 2016. ويعود الفضل في تألق فراس إلى مدربه الكازاخي، ياسبول سلطانوف الذي تعاقد مع الاتحاد التونسي العام الماضي لتدريب منتخب التايكواندو، وقد نجح في هدفه الأول وهو قيادة أربعة لاعبين دفعة واحدة إلى الأولمبياد، قبل الإنجاز الأكبر وهو الحصول على ميداليتين، الأولى كانت برونزية لخليل الجندوبي والثانية هي ذهبية القطوسي، الذي ردّ الجميل لمدربه عندما توجه إليه مباشرة بعد نهاية المباراة ورقص معه فرحاً، في مشهد سيبقى خالداً في تاريخ الرياضة التونسية.