عندما وقف جورجينيو ليسدد ركلة الترجيح الحاسمة أمام إسبانيا، كانت أحلام الإيطاليين بأغلبها دون حاجز النهائي، الهدف وقتها حملهم لتخطي حاجز الأحلام، وعندما وقف جورجينيو ليسدد ركلة الجزاء الحاسمة في "الأوليمبيكو" كانت كل توقعات الإيطاليين تقودهم مباشرة إلى قطر، لكن ذلك لم يحصل، وبين تخطي حاجز الأحلام والسقوط تحت مستوى التوقعات، كانت سنة إيطاليا التاريخية، سنة تشبه هذا البلد بكل تناقضاته، بكل روعته.
سنة بدأت في الأوليمبيكو على وقع صوت بوتشيلي الأسطوري، وانتهت في الأوليمبيكو أيضا على وقع صافرات الجمهور الخائبة.
لكن الذكريات في هذه السنة ستبقى رائعة للجمهور الإيطالي، لجيل عاش لأول مرة في حياته تتويجا كبيرا كهذا، الشوارع وقت المباريات كانت فارغة، ليس بسبب الخوف من الفيروس الذي أرهق إيطاليا ومدنها قبل أي مكان آخر في أوروبا، بل بسبب متابعة "الأتزوري" الذي أعطاهم فرحة لم يتوقعها أحد تقريبا.
الجيل الذي عاش أول تتويج كبير، ترافق مع أجيال عاشت أول تتويج في أوروبا، والمفارقة أن هذه الأجيال التي اختبرت تلك الفرحة للمرة الأولى سبق لها أن عاشت فرحة المونديال مرة أو مرتين، فيما هذا الجيل اليافع الذي عاش لأول احتفالات كهذه، لم يسبق له أن عرف معنى مشاركة إيطاليا في كأس العالم وليس الفوز به.
هي مفارقة تشبه في تناقضاتها بلدا يمكن أن ترى فيه تقريبا كل شيء، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أن تعيش فيه كل المشاعر الممكنة، تماما كما هي الحال مع المنتخب.
كما هي الحال مع لاعبيه، توقعنا زانيولو فتألق كييزا، وعندما وجدت إيطاليا نجمها الذي كان يسير بخطى ثابتة نحو لقب أفضل لاعب في بطولة أمم أوروبا جاءت الإصابة لتمنعه من ذلك.
كما في كل شيء، وكما في كل عام يسدل الستار على سنة مرت وتبدأ الأمنيات بسنة جديدة، ستار ترك خلفه الكثير من الأفراح لإيطاليا وبعض الخيبات أيضا، وأمنيات بسنة تحمل أفراحا مماثلة، سنة فيها المونديال الذي لم تلعبه إيطاليا منذ ثماني سنوات، ولا أحد يريد التفكير بأن يستمر ذلك فترة أطول.
بين وقوف جورجينيو ونظراته قبل ركلة الترجيح أمام إسبانيا في "ويمبلي"، ووقوفه ونظراته قبل ركلة الجزاء أمام سويسرا في "الأوليمبيكو" مرت سنة إيطاليا التاريخية، سنة لن ينساها أحد.