أصبح من الرائج في الفترة الأخيرة تحويل القصص الرياضية الملهمة والمؤثرة عاطفياً إلى أفلام وثائقية، ومنها فيلم يحكي مأساة سقوط طائرة منتخب زامبيا العظيم في البحر، ونجاة الأسطورة كالوشا بواليا وحده، وسر الرقم 18 الذي حول المعاناة إلى انتصار.
وسلّطت صحيفة "ماركا" الضوء على الفيلم الوثائقي (إيت تيم)، بمناسبة عرضه في إسبانيا، ويتناول تفاصيل الحادث الفظيع والأليم، وكيف نهضت زامبيا من كبوتها حتى أصبحت بطلة لأفريقيا، وشهادة الأسطورة بواليا الناجي الوحيد من الكارثة الكبيرة.
وكانت زامبيا من الدول المغمورة على مستوى كرة القدم، حتى فاجأت العالم عندما اكتسحت إيطاليا بأربعة أهداف مقابل لا شيء في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في كوريا الجنوبية عام 1988، ولم يوقفها سوى المنتخب الألماني القوي بقيادة الأسطورة السابق يورغن كلينسمان.
وسطع اسم بواليا في المواجهة ضد منتخب إيطاليا، بعدما استطاع تسجيل ثلاثة أهداف "هاتريك"، وفي نفس العام نال جائزة أفضل لاعب في القارة الأفريقية، ما فتح الباب أمامه للاحتراف الخارجي في نادي أيندهوفن الهولندي ومزاملة الأسطورة البرازيلي روماريو.
وقال ماورو تاسوتي أسطورة نادي إي سي ميلان السابق، الذي كان حاضرا في الهزيمة الثقيلة في دورة الألعاب الأولمبية 1988: "أتذكر كم كانت المباراة صعبة، وخصوصا من الناحية البدنية، لاعبو زامبيا كانوا يركضون كثيراً كما برعوا في الجوانب الخططية، وكانت مفاجأة لنا".
وكانت زامبيا قاب قوسين من التأهل لكأس العالم 1990، لذا ركزت على بلوغ النهائيات في نسخة 1994 بالولايات المتحدة، ومضت بشكل جيد في التصفيات، قبل أن تحدث الصاعقة بسقوط الطائرة الحربية التي تحمل المنتخب في البحر يوم 29 إبريل/نيسان 1993، بعد الإقلاع من الغابون.
ونظمت حكومة زامبيا الرحلة الجوية، لكنها ادخرت أفضل طائرة لزيارة أخرى لرئيس البلاد، بينما اختارت طائرة أخرى لم تكن في أفضل حالة للطيران، وانتهى الحال بسقوطها، ووفاة كل الركاب، ومن بينهم 18 لاعبا بالمنتخب، والمدرب جودفري شيتالو، الأسطورة الزامبية والمثل الأعلى لكالوشا بواليا.
وأفلت كالوشا من الموت المحقق لأنه لم يكن في الطائرة، حيث كان يلعب في فريق سيركل بروج البلجيكي آنذاك، وكان سيسافر مباشرة إلى السنغال بمفرده، لأن إدارة فريقه لم تسمح له باللعب في مباراة سابقة في موريشيوس مع منتخب بلاده زامبيا.
وقال بواليا في الفيلم الوثائقي "لا يمر يوم من دون أن أفكر في الحادث الأليم، أفكر كثيرا في أنني كان من الممكن أن أركب هذه الطائرة، كانت مأساة كبيرة في بلادي، حدثا مدمرا، قلت آنذاك إنني لن احتفل بأي هدف سأقوم بتسجيله في المستقبل".
وأضاف وهو يغالب دموعه "قبل عام من الحادث كنا في مدغشقر للعب مباراة، وواجهنا مشكلة في الطائرة وتأخرت ساعات عن الإقلاع، وبعد الإقلاع ارتدى الجميع سترات النجاة، وقالوا لنا إننا اذا سقطنا في البحر ستكون أمامنا 4 ساعات قبل الغرق..في هذه اللحظة كنا نضحك".
وتابع بواليا "أعتقد أنه لو لم تحدث الكارثة كنا سنحقق إنجازا كبيرا. لقد كنا نملك فريقا رائعاً يضم مولينغا، وموانزا وماكينكا، وموتالي، وكان حلمنا الوصول لبطولة كأس العالم".
وبعد عام واحد من الفاجعة قاد بواليا مجموعة أخرى من اللاعبين لتحقيق مفاجأة، من خلال التأهل لنهائي كأس الأمم الأفريقية، لكن منتخب زامبيا خسر بهدفين مقابل هدف وحيد أمام نيجيريا، التي كانت مكتظة بنجوم عالميين مثل أوكوشا، وفينيدي، وأمونيكي، وأموكاشي.
أما عن سر الرقم 18، الذي كان يشير إلى عدد ضحايا لاعبي زامبيا، فقد تحول إلى مفتاح السعادة، فبعد 18 عاماً من حادث الطائرة نجحت زامبيا في التتوج بلقبها الأول بكأس الأمم الأفريقية في 2012، وبعد 18 ركلة ترجيح في النهائي أمام ساحل العاج، ومنتخبها العظيم في وجود دروغبا والأخوين توريه وزوكورا وجيرفينيو.
وكان التتويج في ليبرفيل بجوار البحر الذي شهد وفاة أبطال 1993 لتكتمل القصة الملحمية، وكان بواليا من أبطال الإنجاز، لكن بصفته الرسمية كرئيس للاتحاد الزامبي لكرة القدم.