تابعت قبل أيام مباراة الوحدات والفيصلي في بطولة درع الاتحاد الأردني لكرة القدم، وأقولها بتجرد: نعم، تمنيت أني لم أتابعه بعيداً عن الفائز والخاسر فيه، لأنني ندمت مثل أي مشجع ومتابع كان يمنّي النفس بأن ترتقي أبرز مباراة في الأردن إلى أعلى المستويات.
كيف أبدأ ومن أين؟ من قارورات المياه الصاروخية الموجهة من المدرجات صوب الملعب واللاعبين، مروراً بموجات الغناء "الخارج عن النص" الذي توشح بـ"الشتائم" كما اعتدنا دائماً وأبدا في مواجهات الفريقين، وهي العادة التي عجز مسؤولو الكرة الأردنية عنها حتى الآن، وفشلوا في إيجاد حلول لها، وانتهاءً بالأداء المخيب والمخجل للغاية بين ما يُسمى عملاقي الكرة الأردنية.
على أرضية ملعب مغطى بـ "العشب الصناعي" الذي يدمر اللاعبين ويقذفهم بالإصابات، فاز الفيصلي وخسر الوحدات، لكنّ الفريقين لا يستحقان الفوز ولا التعادل، لأول مرة، بعد هذا المستوى المخيب، فهي حقيقة جسدت ما حدث بكل تجرد.
لم أشاهد مستوى يليق بذلك المنتخب الذي احتل يوماً ما التصنيف الـ 37 على العالم في عام 2004 أيام طيب الذكر الراحل محمود الجوهري، ولم أشاهد أي معالم لكرة القدم في تلك المباراة. إلى متى ستبقى الكرة الأردنية حبيسة لقرارات غير صحية؟
تأثر الفريقان ببداية الموسم أمر بدا جلياً ومفهوماً، لكن ما لم يكن طبيعياً، إصرار اتحاد كرة القدم الأردني على إقامة المباريات على أرضية العشب الصناعي الكارثية التي أثّرت بأداء اللاعبين، والتي تملك سجلاً حافلاً من الضحايا، رغم توافر ملاعب العشب الطبيعي التي لم تفتح أبوابها، لما هو مفترض أن يكون أهم لقاء في كرة القدم بالبلاد!
كل هذا وجمهورا الفريقين حكاية أخرى. فمشجعو الفيصلي والوحدات تبادلوا الخيبة في المدرجات، لأكثر من سبب، أولها أن لاعبي الفريقين كانوا يتصرفون بغرابة على أرضية الملعب، ويستفزون الجماهير بعراكات واحتكاكات فيما بينهم، أقل ما يقال عنها أنها غريبة جداً ولا تستحق كل هذا التوتر، فانعكس الأمر على الجماهير لتدخل في حالة اشتباكات لفظية، ثم انهالت بقارورات المياه على أرضية الملعب، في مشهد معيب ومعيب بحق.
اقتراحات كثيرة وصلت من الإعلاميين وأركان اللعبة في الأردن إلى اتحاد كرة القدم لإنهاء حالة الاشتباكات اللفظية بين الجماهير، التي تظهر منذ سنوات طويلة جداً في كل مباراة "كلاسيكو" أو "ديربي" (سمِّها ما شئت) بين الفيصلي والوحدات، رفضها الاتحاد وأصرّ على سياسة فرض عقوبات مالية على أندية متهاوية متهالكة مالياً وتعاني عجزاً كبيراً يعرفه القاصي والداني.
من يتحمل الأداء المخيب وأرضية الملعب والشتائم المتبادلة والشغب الجماهيري إن حدث - لا قدّر الله - وكل ما هو يتعلق بكرة القدم هناك، هو الاتحاد الأردني الذي يصرّ على التفرد والخروج بقرارات غريبة لا تصلح في زماننا، ولا علاقة لها بالواقع الحقيقي للعبة إطلاقاً، والذي يعاني الأمرَّين، فمتى نرتقي بكرة الأردن يا اتحاد؟!