رغم فشلهما في مهامهما على رأس برشلونة ومانشستر يونايتد، إلا أن القاسم المشترك بين رونالد كومان وأوليه غونار سولشاير لم يؤد إلى نفس المصير بعد النتائج السلبية التي سجلها والضغوط الجماهيرية والإعلامية التي تعرّضا لها منذ بداية الموسم، التي لم تصمد أمامها إدارة البارسا ففضلت تعويض الهولندي مؤقتاً بسيرجي بارخوان لامتصاص غضب الأنصار، حتى لو كلّفها ذلك دفع 12 مليون يورو تعويضاً على الإقالة، بينما اضطرت إدارة المان يونايتد إلى إعطاء فرصة جديدة لمدربها، أو تأجيل اتخاذ القرار إلى موعد لاحق، خاصة أن الفريق مقبل على موعدين مهمين هذا الأسبوع أمام توتنهام في الدوري وأتالانتا في دوري الأبطال، ربما بسبب صعوبة إيجاد البديل بسرعة بين المرشحين المحتملين أنطونيو كونتي، زين الدين زيدان، أو حتى ماوريسيو بوتشيتينو مدرب باريس سان جرمان المهدد بدوره بالرحيل بسبب غياب الإجماع حول طريقة عمله وتعامله مع نجوم الفريق.
ورغم أنها لم تضمن البديل إلى حد الآن، إلا أن إدارة البارسا لم تقاوم الضغوط الجماهيرية والإعلامية، وسارعت إلى الاستجابة لرغبات الأنصار بعد صبر طويل، علماً أن كومان لا يتحمّل وحده مسؤولية التراجع في الأداء وتراكم النتائج السلبية، خاصة بعد الخسارة أمام الريال على ميدانه، ثم أمام حي من أحياء مدريد رايو فايكانو، ليتعرّض لأسوأ بداية له بعد عشر مباريات من عمر الدوري منذ سنة 2003، ما دفع إلى تعيين مساعده سيجي بارخوان مؤقتاً، في انتظار الموافقة النهائية للمدرب الحالي للسد القطري تشافي الذي يبدو المرشح الأوفر حظاً لخلافة كومان، بل الوحيد القادر على امتصاص الغضب، لأن إصلاح الأحوال يبقى مرتبطاً بمعطيات وعوامل فنية أخرى، وإمكانيات مادية تسمح بدخول الميركاتو الشتوي لأجل تدعيم الفريق بلاعبين جدد من مستوى النادي على غرار رحيم ستيرلينغ مثلاً.
أما غدارة المان يونايتد فقد فضّلت التريث، ربما في انتظار استقالة سولشاير حتى تتجنب دفع مستحقاته إلى غاية نهاية عقده صيف 2024، أو بسبب الدعم الذي يلقاه المدرب في أوساط لاعبيه، لكن الأرجح أن التأخير راجع لعدم توفر البديل المناسب في الوقت الراهن، خاصة أن أنطونيو كونتي لا يلقى الإجماع لدى رفقاء رونالدو وفي أوساط المسيّرين، وانتظار معرفة مصير بوتشيتينو مع البياسجي قد يطول، لأن إدارة النادي الباريسي تبحث عن البديل الملائم لقيادة السفينة إلى التتويج بدوري الأبطال بعيداً عن زيدان الذي يفضل بدوره انتظار انتهاء كأس العالم 2022، لينال فرصته التاريخية في تدريب المنتخب الفرنسي الذي يبقى حلماً للفرانكو جزائري، ويسعى إلى تحقيقه منذ رحل عن تدريب الريال الموسم الماضي.
تشافي لم يوافق رسمياً على عرض البارسا، وسولشاير يرفض الاستقالة في ظل غياب البديل، في وقت تزداد الضغوط عشية انطلاق جولة جديدة من الدوري، وأخرى في دوري الأبطال، ستقرر مصير الفريقين في المسابقة الأهم لهما وتكون فاصلة في تحديد مصير العارضتين الفنيتين لاثنين من أعرق وأكبر الأندية في أوروبا، اهتز عرشهما بعد الخسارة أمام الريال بالنسبة للبارسا، وبعد المهزلة التي حدثت للمان أمام ليفربول، وجعلت موقف مدربه هشاً أمام لاعبيه، مسيريه وجماهير النادي التي تأكدت مع الوقت بأن النرويجي لن يقدر على قيادة فريقه إلى تحقيق لقب الدوري المحلي الغائب عن الخزائن منذ 2013، السنة التي رحل فيها السير أليكس فيرغسون، وبعدها لم تعرف العارضة الفنية استقراراً بعد تناوب مويس وغيغز وفان خال ومورينيو وصولاً إلى النرويجي سولشاير.
المعادلة معقدة ومثيرة لعلامات الاستفهام، وقد تحمل في طيّاتها حلولاً تأتي من النادي الباريسي إذا تخلى عن مدربه للمان والتحق به الإيطالي أنطونيو كونتي، بعدما يوافق السد على السماح لمدربه تشافي بالالتحاق بالبارسا الذي تريده الإدارة استجابة لرغبة العشاق، لكن لا أحد يضمن تحسن النتائج، خاصة بالنسبة للبارسا الذي تبدو مأموريته أصعب من المان بسبب عدم توفره على اللاعبين القادرين على الارتقاء بالفريق إلى مستويات أفضل مقارنة بالمان، الذي يملك الموارد الفنية والمالية التي تسمح له بذلك.
المحصلة اليوم أن كومان أقيل من منصبه، وتشافي لم يوافق لحد الآن على تدريب البارسا، أما سولشاير فيرفض الاستقالة، والمان لم يقرر إقالته لأنه لا يملك البديل الجاهز، وهي معادلة أخرى يصعب حلها على الأقل في الوقت الراهن، في انتظار مستجدات ومعطيات أخرى قد تقلب الموازين.