تعتبر التدريبات بمثابة وسيلة الاتصال الرئيسية بين المدرب واللاعبين، وليست مجرد تأهيلات بدنية وعمل لياقي قبل المباريات، لذلك لا بد أن يتعامل المدير الفني بذكاء وحرص حتى يصنع التناغم المطلوب خلال المواجهات المعقدة، ويعمل على تحويل الفريق إلى كتلة واحدة، تجمعها صلة قوية ورابط حقيقي، تجعلهم قادرين على فهم بعضهم بعضاً، بلغة الإشارة، لا أكثر ولا أقل.
الرجل الإضافي
"ابحث دائماً عن اللاعب الإضافي، الحر، المنطلق الثالث بعيداً، لكي تستطيع مواجهة الملعب وضبط المجريات وفق إرادتك الخاصة". يتحدث التكتيكي المنسي، خوانما ليّو، عن واحدة من أشهر الخلطات الفنية مؤخراً في كرة القدم، حيث تكمن فكرة الهروب من الرقابة، والوصول إلى المرمى بأقل مجهود ممكن، ليتم استخدامها خلال مختلف الدوريات الكبيرة، مع مدربين يريدون وضع فرقهم على الطريق الصحيح.
حينما تريد الابتعاد عن كماشة الضغط، عليك التفكير فوراً في التمريرة الطويلة الذكية إلى اللاعب الحر، لأنه يمتاز بقدرة أكبر على التحرك في المساحات المتاحة أمامه، بالإضافة إلى تجنب الهجمة المرتدة برمي الكرة بعيداً. ويجب أن تقترن الكرة الطولية بتمريرة أخرى أكثر ذكاء من جانب اللاعب الثالث، البعيد تماماً عن الرقابة، من أجل مباغتة الخصم قبل عودته إلى مناطقه للحماية.
تأتي ميزة هذه اللعبة في كونها تعطي لاعب الفريق أريحية أكبر في الاستلام والتسليم، مما يقودنا إلى استراتيجية زوايا التمرير العديدة، ومع تمريرة أو اثنتين، تكون كل الطرق مفتوحة من أجل هجمة خطيرة أو فرصة رائعة، ويُعرف هذا الاسم باللاعب "الثالث" لقيمته الحقيقية في اللعبة، مع أنه ليس صاحب التمريرة الذكية أو محرز الهدف في نهاية المطاف.
بايرن الأبطال
يعشق المدرب، بيب جوارديولا، أسلوب السيطرة والحيازة، وتمتاز فرقه بقدرة حقيقية على التمركز في عمق الملعب، ومع كثرة وتوالي التمريرات من قدم إلى أخرى، يجد الخصم نفسه حبيس دائرة مغلقة أسفل وأعلى منتصف المستطيل، ومع التركيز في جانب واحد، يبدأ لاعب الوسط في رمي كرة بعيدة إلى زميله الصاعد إلى الأمام على الأطراف، لأن معظم الأقدام تكون في مركز اللعب، ولا تدع أهمية كبيرة للكرات بعيدة المدى.
وخلال مباراة بايرن ميونيخ وبورتو في دوري الأبطال، سجل ليفاندوفيسكي هدفاً رائعاً بعد رأسية مميزة من موللر، وعرضية مثالية من جانب الكابتن لام، لكن العمل الحقيقي في هذا الهدف يدور حول تمريرة ألكانتارا البعيدة، وتدوير الكرة بين أكثر من لاعب في منتصف الملعب، بحثاً عن اللاعب الثالث أو فيما يعرف بالـ Third Man.
عدد هائل من التمريرات، بالعرض والطول، في الخلف وإلى الأمام، ومع استمرار اللعب في العمق، يبدأ تياجو في مباغتة البرتغاليين، ويرمي الكرة البعيدة في الركن الهادئ إلى المنطلق لام، الظهير الجناح الذي قام بأهم دور في العملية الهجومية، حيث تحرك أسفل الأطراف منفرداً، ورمى الكرة التي أعقبها "الأسيست" ثم الهدف.
ديربي كتالونيا
تحدثنا من قبل حول الدور العبقري لميسي في صناعة اللعب، ونزوله بضع خطوات إلى الخلف، من أجل استلام الكرة بعيداً عن الرقابة، وتنفيذ الهجوم البرشلوني من المنتصف، "دور ميسي الجديد PRICELESS"، ومع العمل الكبير للثنائي الهجومي، نيمار وسواريز، في التحرك بدون كرة، وصناعة كامل الخطورة في الثلث الأخير، إلا أن هناك حلقة مفقودة في الشق الهجومي، ألا وهي تحركات اللاعب السريع، الذي يربط بين ليو وكُلٍّ من لويس ودا سيلفا.
هدف نيمار الأول في مرمى اسبانيول جاء بعد 25 تمريرة كاملة، وهو رقم قوي لبرشلونة هذا الموسم في بطولة الدوري الإسباني، ومع كامل التقدير لتمريرة ليو الطولية، وتحرك سواريز الممتاز مع تسديدة نيمار، إلا أن جوردي ألبا هو نجم هذا الهدف، بفضل تحركه المثالي خلف دفاعات المنافس، وحصوله على التمريرة المباغتة على طرف منطقة الجزاء، وقيامه بدور اللاعب الثالث في تكتيك برشلونة هذا الموسم.
في الماضي، قام داني ألفيش بعمل هجومي كبير طوال السنوات الماضية، لكن مع تقدمه في السن ونقص لياقته، أصبح الفريق الكتالوني يلعب أكثر من اليسار، مع تثبيت البرازيلي دفاعياً بجوار الثنائي، بيكيه وماسكيرانو، من أجل الوصول إلى أكبر توازن دفاعي ممكن، لذلك كان الرهان على "الفيراري"، ألبا على خطى فيليب لام.