الإعلان المرتقب اليوم عن تعيين الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو مدرباً جديداً لنادي باريس سان جيرمان، لم يُنس وسائل الإعلام الفرنسية والأوروبية موضوع الإقالة المفاجئة للألماني توماس توخيل من العارضة الفنية للنادي الباريسي، حيث راحت تتساءل عن سبب الإقالة وتوقيتها ووقعها على النادي، أكثر من التساؤل حول المبدأ في حد ذاته الذي يعود إلى تراكمات عديدة، رغم بلوغ الفريق نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في التاريخ وتتويجه في عهد المدرب الألماني بلقب الدوري مرتين وكأس فرنسا وكأس الرابطة في ظرف موسمين فقط.
هو سجلٌ يحلم به أي مدرب وأي فريق، لكن صعوبات بداية الموسم التي جعلته يحتل المركز الثالث في الترتيب العام، ربما عجّلت برحيل المدرب عن فريق تعوّد في مثل هذه المرحلة من الموسم أن يكون رائداً بفارق كبير عن بقية الملاحقين.
قد تكون إقالة توخيل من على رأس نادي باريس سان جيرمان الفرنسي متوقعة من طرف البعض منذ مدة، لكن توقيتها كان مفاجئاً للجميع، بما في ذلك للطاقم الفني الألماني الذي أخبره المدير الرياضي ليوناردو بإنهاء مهامه مباشرة بعد الفوز بالأربعة على نادي تولوز، مما جعل الملاحظين يعتقدون أنّ الاتفاق مع الأرجنتيني بوتشيتينو، هو الذي عجّل برحيل توخيل بسبب متاعبه مع المدير الرياضي للنادي ليوناردو، خاصة بعد تلميحه في تصريحاته الأخيرة للصحافة الألمانية بأنّ الإدارة لم تلبِّ كلّ مطالبه في الميركاتو الصيفي الأخير، فوجد نفسه من دون بدائل للاعبيه الذين أصيبوا في بداية الموسم، بسبب نهاية موسم شاقة، اختتمت متأخرة في شهر أغسطس/آب، وأثّرت على مردود اللاعبين وصحتهم ونتائج الفريق في بداية الموسم الجديد.
تصريحات توخيل كانت في نظر البعض سبباً مباشراً في تعجيل رحيله رغم بلوغه نهائي دوري الأبطال لأول مرة في تاريخ النادي الذي اعتبره البعض الآخر إخفاقاً كبيراً بعد الفشل في حصد اللقب، في موعد قد لا يتكرر على المدى القريب، خاصة أنه جاء في ظروف استثنائية، استثمر فيها الفريق الباريسي وخاض مشواراً فريداً من نوعه ليضيع في نهاية المطاف تتويجاً كان ممكناً وضرورياً لفريق أنفق الكثير ولم يتردد في توفير كلّ الإمكانيات لكلّ المدربين الذين أشرفوا على النادي طيلة العقد الأخير من الزمن الذي أحرز فيه كلّ الألقاب المحلية، وفعل المستحيل من أجل بلوغ نهائي دوري الأبطال الذي يبقى حلماً كبيراً يسعى إلى تحقيقه، حتى ولو اقتضى الأمر مزيداً من الإنفاق لأجل استقدام الأرجنتيني ليونيل ميسي أو البرتغالي كريستيانو رونالدو، وانتداب المدرب الأرجنتيني القدير ماوريسيو بوتشيتينو الذي بلغ نهائي دوري الأبطال مع توتنهام الإنكليزي منذ موسمين.
إدارة باريس سان جيرمان لم تعلن لغاية صبيحة اليوم عن تنصيب بوتشيتينو مدرباً جديداً رغم كلّ التقارير الإعلامية التي تتحدث عن قرب تعيينه، والتي تتحدث عن مباشرته العمل حتى قبل الإعلان الرسمي عن انتدابه، خاصة وأنّ الفريق سيعود إلى التدريبات غداً الأحد، ويكون على موعد مع أول مباراة له يوم الأربعاء أمام سانت إيتيان، مما يعزز طرح السؤال حول توقيت التغيير ومدى تأثيره على مردود الفريق ونتائجه، وماذا يمكن للمدرب الأرجنتيني تقديمه في ظرف وجيز، وفي ظروف صعبة تتميز بإصابات عدد كبير من اللاعبين الأساسيين في الفريق، وهي كلّها عوامل لن تكون في صالحه عشية استئناف مباريات الدوري بعد عطلة نهاية السنة التي كانت قصيرة هذه المرة على غير العادة لن تسمح للمدرب الجديد بالتعرف على لاعبيه، ولن تسمح له حتى بتسجيل بصمته قبل شهر فبراير/ شباط المقبل.
التسريبات الإعلامية أجمعت على أنّ مطالب بوتشيتينو المالية لم تكن أكبر من مطالب توخيل الذي كان يتقاضى راتباً أعلى، لكن شروطه الفنية أخذت حيزاً كبيراً في المفاوضات التي اشترط فيها المدرب الأرجنتيني ضرورة الاحتفاظ بكل كوادر الفريق، خاصة البرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابي والسعي نحو التعاقد مع مهاجم يوفنتوس الإيطالي؛ الأرجنتيني باولو ديبالا، ووسط ميدان توتنهام الإنكليزي ديلي آلي، ولاعب إنتر ميلانو الإيطالي؛ الدنماركي كريستيان إريكسن، لمواجهة تحديات الدوري المحلي، والتحدي الأكبر في ثمن نهائي دوري الأبطال منتصف فبراير/ شباط المقبل أمام برشلونة الإٍسباني، وهي المأمورية التي لن تكون سهلة، وتتوقف بنسبة كبيرة على مدى تجاوب اللاعبين مع المدرب الجديد بعدما تعودوا على الألماني توخيل، وانسجموا معه بكل نقائصه التي لن تمنعه بدوره من الإشراف قريباً على أحد أكبر الأندية الإنكليزية على غرار أرسنال، أو مانشستر يونايتد وحتى تشلسي.
الأيام ستكشف إن كانت الإقالة في محلّها، وتكشف إن كان توقيتها صائباً، وتكشف أيضاً إن كان خيار بوتشيتينو ملائماً، ولو أنّ الأمر لا يتوقف في هذا المستوى على اسم المدرب، ولا أسماء اللاعبين بقدر ما يتوقف على معطيات أخرى ذاتية تتعلّق بشخص المدير الرياضي ليوناردو، وأخرى موضوعية تتعلق بالمنافسين في الدوري المحلي وظروف المنافسين في دوري الأبطال الذي يبقى الهدف الأساسي لإدارة الـ"بي إس جي".