الصين.. بين جنون الصفقات والإعدام الكروي

شكّل الدوري الصيني الموسم الماضي مفاجأة من العيار الثقيل، حين خطف الكثير من النجوم بأسعار خيالية من أندية كبيرة، رغم أنهم كانوا في أوجّ مسيرتهم الرياضية، على غرار جاكسون مارتينيز، باولينيو، وكذلك تيكسيرا، لكن ما يحدث من موسمٍ لآخر يعتبر أمراً غريباً، حيث نشهد ظاهرة لم نكن نراها في الماضي، وحتى أننا لا نصادفها في أوروبا في الوقت الحالي، خاصة في ظل الأزمات المالية التي تعاني منها الكثير من الأندية.

هدف الصين؟
ربما يرى بعض أن الصين تسعى وراء هدف معين، وهو رفع مستوى الكرة في البلاد وتحسين الدوري هناك، لكن الأمر الذي يطرح الكثير من أسئلة الاستفهام، هل هذه حقاً الخطة المناسبة لتطوير الكرة، عبر التعاقد مع أسماء ونجوم بمبالغ خيالية؟ الإجابة برأي كثيرين أن هذا الأمر لن يقدم الإفادة، فإذا ما أراد القيّمون هناك تطوير اللعبة، وجعل المنتخب أكثر قوة، هناك نماذج أخرى يمكن أن يحتذى بها.

ونأتي بالذكر هنا على ما حصل مع أيسلندا، والتي كانت في السابق دولة مغمورة في عالم كرة القدم، لكنها وبفضل التخطيط المناسب، استطاعت أن تتطور وتتقدم، وتأهلت لأول مرة إلى اليورو ووصلت إلى الدور الـ16 قبل أن تخرج أمام فرنسا، وبالتالي هذا الأمر يصل بنا إلى طريق واحد، وهو أن التعاقدات الكبيرة لن تساهم في وصول الكرة الصينية إلى العالمية، فالطريق السريع لا يؤدي إلى نجاح طويل الأمد، بل إن النتائج ستكون سلبية على الأغلب.

بين الصين وأوروبا
تصرف الأندية الصينية على التعاقدات أموالا بالجملة على لاعبين ينشطون في الدوريات الأوروبية، فيما لا تستطيع أندية في القارة العجوز دفع 30 مليون يورو للاعب عادي، على غرار ما يحصل مع نادي ميلان الإيطالي، والذي يحاول التعاقد مع لاعبين ذوي مستوى عادي لكن الأمور لا تنجح معه بسبب دخول أندية أخرى على الخط قادرة على دفع مبالغ أعلى.

الصين كانت قد أذهلت العالم في الموسم الماضي، لكنها عادت وضربت من جديد هذا الموسم أيضاً، فبعد صفقة انتقال إيزيكيل لافتيزي إلى هناك من نادي باريس سان جيرمان، شهدنا كذلك ذهاب اللاعب البرازيلي هالك إلى هناك والذي كان نجماً لنادي زينيت سانت بترسبرغ وتألق في دوري الأبطال، والاسم الأخير كان الإيطالي غراتزيانو بيلي الذي ترك نادي ساوثهامبتن، والدوري الإنكليزي والمنافسة القوية أمام أقوى النجوم، وفضّل اللعب في الدوري الصيني، رغم أنه أثبت في السنوات الماضية أنه يتمتع بقدرات كبيرة ومهارات غير عادية أمام الخشبات الثلاث، وهذا ما أكده خلال يورو 2016، حيث اعتمد عليه المدرب الإيطالي أنتونيو كونتي بشكل كبير.

ولعل أبرز الأمور التي تؤكد أن الأندية الصينية تتنافس فيما بينها على دفع الأموال بشكل هيستيري هي صفقة التعاقد مع المهاجم الغابوني ماليك إيفونا، والذي كان يلعب الموسم الماضي مع النادي الأهلي المصري، لكنه توجّه إلى العاصمة بيكين، للانضمام إلى نادي تاينجين الصيني مقابل 7 مليون و700 ألف دولار أميركي، وكان الفريق المصري قد ضمه مقابل مليون ونصف دولار الموسم الماضي، وهذا المبلغ يعتبر مرتفعاً للغاية، حيث نرى مهاجمين في القارة العجوز ولاعبين آخرين لا يتجاوز سعرهم هذا الرقم، وهم من الناحية الفنية والتكتيكية أفضل من اللاعب الغابوني.

ارتفاع الأجور
لا يقتصر السوق الصيني في عالم كرة القدم على دفع الأموال من أجل التعاقدات فقط، بل إن أجور اللاعبين هناك تكاد تلامس رواتب أفضل النجوم في العالم، فمثلاً يتقاضى كريستيانو رونالدو، مهاجم ريال مدريد الإسباني، وهداف دوري أبطال أوروبا، وأفضل لاعب في العالم 3 مرات، والذي حقق اليورو مع البرتغال مؤخراً، مبلغ 21 مليون يورو، فيما يأتي النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي (أفضل لاعب في العالم 5 مرات)، والذي يُجمع العالم بأسره على أنه لاعب لن يتكرر، حتى أن البعض يرى أنه تجاوز الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا، ويأتي ليو في المركز الثاني من حيث الأجر بمبلغ 20 مليون يورو.

هذا الأمر ليس مهماً، إذ إن الاسم الأكثر جذباً، هو البرازيلي هالك، الذي من دون شك لا يشبه ميسي بشيء سوى أنه يسدد بالقدم اليسرى مثله، لكن لاعب شانغهاي تشانغانغ يتقاضى ذات الراتب، حيث سيتحصل في الموسم الواحد على مبلغ 20 مليون يورو، ومن ثم يأتي لاعب برشلونة، مواطنه البرازيلي نيمار دا سيلفا في المركز الرابع برصيد 19 مليون يورو.

هالك لأنه يلعب في الدوري الصيني تفوّق أيضاً على المهاجم العملاق، السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، والذي سيتقاضى في الموسم 16 مليون يورو مع نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي، وهو الذي كان هدافاً للدوري الفرنسي في السنوات الماضية بعدما كان مهاجماً في فريق باريس سان جيرمان، ولكن الإيطالي بيلي، كذلك سيأخذ ذات المبلغ، رغم أنه في الصين مع نادي شاندونغ لونينغ تايشان والمنافسة هناك أقل بكثير، ويأتي بعد هؤلاء النجم الألماني توماس مولر لاعب بايرن ميونخ بـ13,5 مليون يورو، ثم يحلّ خلفهم في المركز الثامن الأرجنتيني إيزيكل لافيتزي، والذي يلعب مع نادي هيبي فورتين الصيني ويتقاضى في الموسم 13 مليون يورو، وبعده نجد جاكسون مارتينيز أيضاً الذي ينشط في الدوري الصيني مع نادي  غوانغزو إيفرغراند، ورابته في الموسم 12,5 مليون يورو، فيما يأتي قائد باريس سان جيرمان، المدافع البرازيلي تياغو سيلفا في المركز العاشر برصيد 12 مليون يورو في الموسم.