تتوجه الأنظار نحو "كتالونيا" يوم الأحد المقبل، حيثُ الاستفتاء التاريخي المنتظر من أجل الانفصال عن إسبانيا. وبعيداً عن الأمور السياسية والاقتصادية وما سينتج في حال الانفصال رسمياً، فإن السؤال الأهم رياضياً هو ما مصير فريق برشلونة؟
هل يُغادر برشلونة الدوري الإسباني؟ هل تنتهي أسطورة مباريات الكلاسيكو مع ريال مدريد؟ كلها أسئلة تُطرح حالياً في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي مع اقتراب استفتاء مدينة كتالونيا في الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
لم يُظهر فريق برشلونة أي ردة فعل تجاه ما يحصل في كتالونيا، بل على العكس وقف على الحياد في البيانات الرسمية وحافظ على الفكر الرياضي فقط من دون الدخول في الزواريب السياسية الضيقة، لكنه لم يقف في وجه الاستفتاء واعتبر أن الشعب له حرية الاختيار وتقرير مصيره وهو ما تجسد بتصريحات رئيس النادي "الكتالوني" مؤخراً: "هذا التزام للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، نحن نحترم كل التغييرات طالما تدخل ضمن إطار الديمقراطية".
وقبل شهر من الاستفتاء كانت تصريحات نائب رئيس فريق برشلونة، كارليس فيلاروبي، واضحة لناحية الاستفتاء: "سنبقى في نفس الدوري مثل إسبانيول". وفي نفس الإطار صرح رئيس "الليغا" الإسبانية وقال: "لا يمكن لبرشلونة أن يختار أين يلعب في حال صوتت الأكثرية في الاستفتاء بالانفصال عن كتالونيا".
وما يرفع من نسبة بقاء برشلونة في "الليغا" مهما حصل، هي تصريحات غابرييل روفيان عضو في الكونغرس الإسباني وممثل اليسار الكتالوني، والتي أكد فيها أن برشلونة سيبقى في الدوري الإسباني ويلعب مثلما يخوض موناكو في الدوري الفرنسي بصفته إمارة منفصلة عن فرنسا.
برشلونة قوة كتالونيا
عندما يتحدث الجميع عن كتالونيا يأتي إلى الأذهان سريعاً برشلونة ولا شيء سواه، برشلونة يُمثل قوة كتالونيا في إسبانيا والخارج، فهو العصب والنفوذ في كرة القدم الإسبانية والعالمية، من دون إغفال دور أندية أخرى مثل إسبانيول وجيرونا وغيرهما.
حتى لو قرر فريق برشلونة النأي بالنفس عن القرارات السياسية مع احترام حق الاستفتاء، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد أن ارتباط برشلونة بكتالونيا تاريخي ولا يمكن الخروج من عباءته بسهولة. معظم المسؤولين والأعضاء في برشلونة هم من سكان كتالونيا الأغنياء، يتحدثون اللغة الكتالونية في الاجتماعات الرسمية، حتى أصبح تشجيع هذا الفريق وكأنه مساندة لكتالونيا بأكملها، خصوصاً أن قوة بحجم برشلونة لا يمكن الاستهانة بها في عملية التأثير الشعبي.
لماذا الحديث عن الأعضاء والمسؤولين في برشلونة؟ لأن القرار داخل النادي لا يصدر عن الرئيس فقط، بل هناك أصوات للأعضاء المنتسبين، خصوصاً إذا كان قراراً مصيرياً مثل الانفصال عن إسبانيا. لذلك فإن قرار الاستفتاء النهائي سيكون له تأثير داخل قاعة أعضاء برشلونة.
ففي حال قررت كتالونيا الانفصال عن إسبانيا، سيكون هذا الموضوع محل نقاش في فريق برشلونة، إذ سيُقرر الأعضاء مصير الفريق لناحية البقاء في الدوري الإسباني (إذا سُمح بذلك في حال نجاح الانفصال)، أو الانتقال إلى دوري أوروبي آخر، والدوري الفرنسي كان قد رحّب بحضور فريق برشلونة في حال استقلال كتالونيا عن إسبانيا.
ومن المتوقع بحسب التقارير من الصحف الكتالونية أن يستعرض الشعب قوته في ملعب "كامب نو" يوم الأحد في مواجهة فريق لاس بالماس ضمن منافسات الجولة السابعة من بطولة الدوري الإسباني لكرة القدم، إذ سترفع الجماهير أعلام كتالونيا وتطالب بالاستقلال عن إسبانيا.
وربما هذا المشهد ليس جديداً على مدرجات ملعب "كامب نو" التي كانت تحتج دائماً خلال مباريات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وذلك عند عزف نشيد البطولة الأوروبية، هذا عدا عن الصحف الرياضية مثل "سبورت" و"الموندو ديبورتيفو" اللتين تملكان شهرة عالمية كبيرة وستنشر على صفحاتها أخبار الاستفتاء وماذا ينتظر برشلونة بعد ذلك.
التأييد والمنتخب الإسباني
خرج مدافع فريق برشلونة، جيرارد بيكيه، وعبر عن رأيه في الاستفتاء: "من اليوم حتى الأحد، دعونا نقرر مصيرنا بسلام، لن نعطيهم أي عُذر، هذا ما يريدونه، وستعلو أصواتنا بشكل جيد وأقوى". ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعبر فيها بيكيه عن تأييده لحق إجراء استفتاء حول انفصال الإقليم الواقع في شمال شرقي إسبانيا، رغم عدم إعرابه قط عن تأييده الاستقلال، إذ كشف في مقابلة مع مجلة "بابيل" قبل أشهر عدة: "أمر أن تكون مع إجراء استفتاء لا يمت بصلة مع أمر أن تكون مع استقلال" كتالونيا.
وإلى جانب بيكيه هناك فقط بيب غوارديولا والذي دعم الاستفتاء وطالب باستقلال كتالونيا، لكن سائر لاعبي النادي "الكتالوني" حاولوا الابتعاد عن كل ما يحصل في السياسة والتركيز على كرة القدم فقط بشكل خاص والرياضة بشكل عام.
لكن هناك سؤالاً سيُطرح في حال نجاح عملية الانفصال، وهو ما مصير اللاعبين الكتالونيين لجهة تمثيل المنتخب الإسباني في المستقبل؟ إن انفصال كتالونيا سيعني أنها أصبحت دولة مستقلة قادرة على إدارة شؤونها الاقتصادية والسياسية وحتى الرياضية، وبمعنى أقرب هي قادرة على تأسيس أول منتخب لكتالونيا ينافس في القارة الأوروبية مثل إسبانيا أو أي منتخبآخر.
وفي حال اشتدت المعركة بين إسبانيا وكتالونيا واعتبرت الدولة الإسبانية أن كتالونيا هي بلد ثانٍ وليس مجرد إمارة مرتبطة بإسبانيا مثل موناكو في فرنسا مثلاً، فإن الأمور ستزداد سوءاً، لأن لاعبي كتالونيا لا يمكنهم تمثيل المنتخب الإسباني كونه بلداً ثانياً، وبالتالي ستخسر إسبانيا دعما كبيرا من لاعبي كتالونيا الذين لطالما كان لهم حضور كبير في منتخب "لا فوليا روخا" وتحديداً من فريق برشلونة.
بعد الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول ليس كما قبله، المعادلة ستتغير وفي حال انفصال كتالونيا عن إسبانيا سيكون فريق برشلونة حديث العالم أجمع.