وفي هذا الإطار، أعلنت مجموعات "أولتراس" في كرة القدم الألمانية، المعروفة باسم "فانزتسينن دويتشلاند"، في بيان رسمي نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "سنقوم بإيقاف المباريات من جديد". ويُعتبر هذا البيان رداً قوياً على كل الانتقادات التي تعرضت لها مجموعات "الأولتراس" الأسبوع الماضي، عندما اضطر الحكام لإيقاف مباراتي بايرن ميونخ وهوفينهايم، ويونيون برلين ضد فريق فولسفبورغ، بسبب رفع لافتات في المدرجات مسيئة للرئيس هوب.
لماذا هوب؟
يتعرض الرئيس ديتمار هوب مؤخراً للكثير من الانتقادات من جماهير الكرة الألمانية، الذين يعتبرون أن استحواذه على 50% من قيمة فريق هوفينهايم مخالفةً لقوانين الأندية في ألمانيا. وهو الرجل الذي استثمر الملايين لكي ينهض بفريق هوفينهايم وساهم بنسبة كبيرة في صعود الفريق من الدرجة السادسة إلى "البوندسليغا".
وكانت الشرارة التي أشعلت فتيل الحرب بين الجماهير والاتحاد الألماني، وزادت من الاحتجاجات بحق الأخير وهوب، هي قرار الاتحاد، قبل نحو ثلاثة أسابيع، منع مشجعي بوروسيا دورتموند من حضور مباريات فريقهم على ملعب هوفنهايم لموسمين، على خلفية رفع لافتات مسيئة لهوب، وفرض غرامة مالية على النادي بقيمة 50 ألف يورو.
وتعتبر مجموعات "أولتراس" أن الصراع "أيديولوجي"، فهذه المجموعات ترفض رفضاً قاطعاً امتلاك المستثمرين الكبار، والذين يترأسون الأندية الألمانية، نسبة كبيرة تصل إلى حدود 50%. ومثل أندية فريق "ريد بول"، تحول الرئيس هوب إلى العدو الأول للجماهير الألمانية.
ولفهم القضية بشكل أكبر، يمكن البناء على كلام هولغر كاييه، مُمثل "أولتراس" فريق أونيون برلين، الذي قال في تصريحات نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "يجد البعض في ألمانيا أنه من الجيد أن يقوم شخص ما، لديه موارد مالية لا محدودة، بشراء فريق في البوندسليغا. لكن المشجعين لا يجدون ذلك جيداً، هذا هو أصل المشكلة. هذه الأندية لا تلعب بنفس الإمكانيات مع الأندية الأخرى".
اعتراض على رابطة "البوندسليغا"
رغم أن رابطة الدوري الألماني "البوندسليغا" تسير في نفس اتجاه مجموعات "أولتراس"، خصوصاً أنها اعتمدت قراراً شهيراً يمنع أي شخص من امتلاك الأغلبية الكاسحة لأسهم فريق ألماني بنسبة (50+1)، والذي أعلنت عنه في عام 1998، إلا أنها تعاملت مع القرار بطريقة مثيرة للجدل مؤخراً.
فخوفاً من فقدان الكثير من مداخيل بطولة الدوري الألماني، لجأت الرابطة لوضع بند جديد في القانون الذي أصدرته في عام 1998، حيثُ تمت إضافة بند استثنائي يسمح للمستثمر بامتلاك أغلبية الأسهم في أي فريق ألماني في حالة واحدة، وهي استمرار تمويل النادي من مُستثمر واحد لمدة 20 سنة على الأقل.
ويأتي إلى الواجهة فريقا فولسفبورغ وبايرن ليفركوزن اللذان كانا مملوكين، منذ تأسيسهما، لشركتي "فولكسفاغن" و"باير" للمنتجات الكيميائية. وعليه فإن هوب سار على نفس المبدأ ووفقاً للبند الاستثنائي، مما سمح له بالحصول على نصف أسهم فريق هوفينهايم.
إلا أن مناصري القوانين التقليدية، وخصوصاً مجموعات "أولتراس"، ترفض هذا المبدأ وسجلت اعتراضها المُتكرر على اتحاد كرة القدم الألماني، حيثُ تعتبر هذه المجموعات أن الدوري الألماني ليس شركة استثمار لكسب الربح المادي، بل هو بمثابة نشاط اجتماعي وثقافي ورياضي.
القوة للجمعيات العمومية
يملك أعضاء الأندية الحق في التصويت في الجمعيات العمومية ويشاركون بالإدارة. ويملك بايرن ميونيخ ما لا يقل عن 293 ألف عضو، وبوروسيا دورتموند وشالكه ما لا يقل عن 155 ألف عضو لكل منهما. وأوضح عضو منظمة وطنية للمشجعين، ميكايل غابريال، أن "المشجعين في هوفنهايم ولايبزيغ ليس لديهم أي سلطة في الإدارة المشتركة"، في حين أن رابطات المشجعين هي التي تُشعل الملاعب وتجعل من البوندسليغا بطولة شعبية حقاً.
في المقابل اعتبر زيغ تسيلت، وهو ناشط أيضاً في "أولتراس" أونيون برلين، أن "المشكلة جوهرية"، مشيراً إلى "أن السلطات ترى المشجعين فقط كمتفرجين، ولا تعترف بأنهم طرف أساسي في الحياة الكروية ويرغبون أيضاً في المشاركة في القرارات".
وتابع تسيلت حديثه وقال: "يتعين على السلطات، الرابطة والاتحاد، إيجاد طريقة للخروج من الأزمة من قبل الأندية التي تحتاج إلى جماهيرها". في وقت أكد المدير التنفيذي لفريق أوغسبورغ ستيفان رويتر أن "توقف المباريات والعقوبات الجماعية لا يمكن أن تكون حلاً. نحن بحاجة إلى حوار عادل، تكون فيه جميع الأطراف مسؤولة".
في النهاية، لا يبدو أن مجموعات "أولتراس" على استعداد للتراجع، حيث اتهموا في بيانهم الاتحاد الألماني بأنه أظهر وجهه الحقيقي بإعلانه عقوبات جماعية لحماية الملياردير هوب، واعتبرت أن الأمر يتعلق بالهجوم على ثقافة المشجعين وقيمهم التي يسيرون عليها منذ سنوات طويلة.