أطلقت الحكومة السورية في السنوات الماضية "إصلاحات اقتصادية"، ادعت أنها تستهدف القضاء على احتكار النشاط الاقتصادي الذي كان سائداً في زمن "اشتراكية البعث". ثم راحت تدعي محاربة ما يقوم به التجار من احتكار لبعض المواد والسلع. أصدرت الحكومة قانون "المنافسة ومنع الاحتكار"، تبعه تأسيس مجالس ولجان وهيئات كانت وظيفتها الفعلية ملاحقة صغار التجار لتلقي الرشى منهم، ومتابعة التغاضي عن مخالفاتهم. الأهم أن تشريعات الحكومة كانت تتجاهل وجود حيتان اقتصادية تحتكر الاقتصاد السوري، وتنهب موارد الدولة بشراهة استثنائية وغير مسبوقة، انتقلت من عهد الأسد الأب لتتعزز في عهد الابن.
ارث الاحتكارات
يقول الباحث الاقتصادي، زاهر جميل، في حديث مع"العربي الجديد"، إن القطاع العام السوري "احتكر النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة منذ استلام حزب البعث السلطة وحتى عقد الثمانينيات، لكن إنتاجيته كانت منخفضة جداً بسبب الفساد الكبير الذي كان يحيط بكل تفاصيل القطاعات". ويضيف: "مع إطلاق قانون تشجيع الاستثمار في عام 1991، تم تحرير بعض القطاعات الاقتصادية، كصناعة النسيج والدواء، من قبضة القطاع العام. لكن المؤسف أنه تم نقلها إلى قبضة بعض رجالات القطاع الخاص المرتبطين بالنظام، لتبدأ مرحلة تشكّل الاحتكار الخاص في سورية".
وهذا ما يؤكده نائب رئيس مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي السوري، تمام البارودي، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "واصل النظام السوري اتباع سياسة الاحتكار نفسها، لكنه طور الأسلوب والشكل". ويشرح: " في عهد حافظ الأسد، كان النشاط الاقتصادي يعتمد على أشخاص مقربين من النظام، حيث انحصرت إدارة كل قطاع اقتصادي في يد شخص واحد مثل استيراد الحديد والإسمنت وصفقات الأدوية، مع وجود شبكة صغيرة من التجار المحليين أي وكيل واحد في كل محافظة. وبالتالي كان احتكار هذه الأعمال بيد أقرباء الأسد والمقربين منهم من التجار المحليين".
وهم الانفتاح الاقتصادي
ومع تنامي فئة التجار والصناعيين وتوسع حجم إنتاجهم في الاقتصاد، انتهج بشار الأسد سياسة الانفتاح الاقتصادي حيث اتخذ حزمة إجراءات لتوسيع الانفتاح والمنافسة، لكنه سرعان ما شرع في تنفيذ "المرحلة الثانية من مشروعه، من خلال استغلال نفوذ وقوة شركات، رامي مخلوف، في قطاعات عديدة وحيوية، من أجل الضغط على رجال الأعمال، وفرض عليهم دفع أرقام محددة للمساهمة فيما أسماه (شركة الشام القابضة) التي كان يهيمن عليها".
خلال فترة حكم بشار الأسد، شكلت سياسة الاحتكار، سواء عبر سن قوانين أو عبر "التشبيح"، سمة النشاط التجاري لرجل الأعمال الشهير، رامي مخلوف. وحاول الأخير، الذي يمثل مصالح العائلة الحاكمة في سورية، الاستحواذ على وكالة "المرسيدس" للسيارات من شركة "أبناء عمر سنقر" وذلك بقوة الأمر الواقع، وفق البارودي. وفيما اختارت الشركة الألمانية الانحياز إلى جانب شركة سنقر، ألغت الحكومة السورية، التي مثلت مصالح الطبقة الجديدة خلال العقد الماضي، الوكالات الحصرية من خلال قانون يتذرع بـ "منع الاحتكار"، فيما كان الهدف الحقيقي من هذا القانون هو تثبيت مخلوف كمحتكر وحيد في السوق السورية. ولدى تمسك الشركة الألمانية بالوكيل السوري، أصدرت الحكومة تشريعات عقابية ضد شركة "مرسيدس"، منها منع استيراد قطع التبديل.
فشلُ رامي مخلوف حفزه للاستيلاء على وكالة شركة "بي إم دبليو" للسيارات. بعد ذلك، ألزم وزارة الدفاع السورية بشراء كافة السيارات، التي تم بيعها إلى الضباط المسرحين والمتقاعدين من شركة "بي إم دبليو"!
هكذا، أدت سياسات النظام السوري إلى التحكم الشديد بموارد الدولة ومؤسساتها، ونهبها لصالح طبقة رجال الأعمال الجدد. وهي طبقة متحالفة مع بيروقراطية الدولة ومع الأجهزة الأمنية.
كان التأثير السلبي للاحتكار على أداء الاقتصاد السوري "واضحاً وجلياً" يقول البارودي. أما جميل فيعتقد أن الاحتكار عمل على "تجميد تراكم الثروة لدى الدولة السورية في الوقت الذي كان يراكم فيه الثروة لدى الأفراد المسيطرين عليها". ويضيف: "في سورية الأسد، احتكر رامي مخلوف الخليوي، وحجب بذلك أموالا طائلة عن الخزينة، كان يمكن أن تستخدم في التنمية الاقتصادية".
اقرأ أيضاً: لا خصخصة الآن في لبنان..."ولا بعدين"
وهذا ما يؤكده نائب رئيس مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي السوري، تمام البارودي، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "واصل النظام السوري اتباع سياسة الاحتكار نفسها، لكنه طور الأسلوب والشكل". ويشرح: " في عهد حافظ الأسد، كان النشاط الاقتصادي يعتمد على أشخاص مقربين من النظام، حيث انحصرت إدارة كل قطاع اقتصادي في يد شخص واحد مثل استيراد الحديد والإسمنت وصفقات الأدوية، مع وجود شبكة صغيرة من التجار المحليين أي وكيل واحد في كل محافظة. وبالتالي كان احتكار هذه الأعمال بيد أقرباء الأسد والمقربين منهم من التجار المحليين".
وهم الانفتاح الاقتصادي
ومع تنامي فئة التجار والصناعيين وتوسع حجم إنتاجهم في الاقتصاد، انتهج بشار الأسد سياسة الانفتاح الاقتصادي حيث اتخذ حزمة إجراءات لتوسيع الانفتاح والمنافسة، لكنه سرعان ما شرع في تنفيذ "المرحلة الثانية من مشروعه، من خلال استغلال نفوذ وقوة شركات، رامي مخلوف، في قطاعات عديدة وحيوية، من أجل الضغط على رجال الأعمال، وفرض عليهم دفع أرقام محددة للمساهمة فيما أسماه (شركة الشام القابضة) التي كان يهيمن عليها".
خلال فترة حكم بشار الأسد، شكلت سياسة الاحتكار، سواء عبر سن قوانين أو عبر "التشبيح"، سمة النشاط التجاري لرجل الأعمال الشهير، رامي مخلوف. وحاول الأخير، الذي يمثل مصالح العائلة الحاكمة في سورية، الاستحواذ على وكالة "المرسيدس" للسيارات من شركة "أبناء عمر سنقر" وذلك بقوة الأمر الواقع، وفق البارودي. وفيما اختارت الشركة الألمانية الانحياز إلى جانب شركة سنقر، ألغت الحكومة السورية، التي مثلت مصالح الطبقة الجديدة خلال العقد الماضي، الوكالات الحصرية من خلال قانون يتذرع بـ "منع الاحتكار"، فيما كان الهدف الحقيقي من هذا القانون هو تثبيت مخلوف كمحتكر وحيد في السوق السورية. ولدى تمسك الشركة الألمانية بالوكيل السوري، أصدرت الحكومة تشريعات عقابية ضد شركة "مرسيدس"، منها منع استيراد قطع التبديل.
فشلُ رامي مخلوف حفزه للاستيلاء على وكالة شركة "بي إم دبليو" للسيارات. بعد ذلك، ألزم وزارة الدفاع السورية بشراء كافة السيارات، التي تم بيعها إلى الضباط المسرحين والمتقاعدين من شركة "بي إم دبليو"!
هكذا، أدت سياسات النظام السوري إلى التحكم الشديد بموارد الدولة ومؤسساتها، ونهبها لصالح طبقة رجال الأعمال الجدد. وهي طبقة متحالفة مع بيروقراطية الدولة ومع الأجهزة الأمنية.
كان التأثير السلبي للاحتكار على أداء الاقتصاد السوري "واضحاً وجلياً" يقول البارودي. أما جميل فيعتقد أن الاحتكار عمل على "تجميد تراكم الثروة لدى الدولة السورية في الوقت الذي كان يراكم فيه الثروة لدى الأفراد المسيطرين عليها". ويضيف: "في سورية الأسد، احتكر رامي مخلوف الخليوي، وحجب بذلك أموالا طائلة عن الخزينة، كان يمكن أن تستخدم في التنمية الاقتصادية".
اقرأ أيضاً: لا خصخصة الآن في لبنان..."ولا بعدين"