منذ نحو عامين، يدور الحديث في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني عن "الجيل الضائع" في سورية. ملايين الأطفال السوريين، الذين يحاصرهم العنف والدمار من كل حدب وصوب، انقلبت حياتهم المستقرة إلى حياة بائسة في مخيمات اللجوء.
يضاف إلى هؤلاء عشرات آلاف الشباب السوري الذي قتل أو هاجر هرباً من الحرب. يحدث كل ذلك في ظل إصرار عجيب من النظام السوري على تدمير كل ما يمكن أن تطاله آلته الحربية، ما يجعل إعادة بناء الاقتصاد والعمران مكلفة وطويلة وبحاجة ماسّة إلى كل خبرة سورية ممكنة. فكم سيتطلّب من الوقت إنهاض تلك الخبرة من جديد بعد أن بدّدها النظام؟
يضاف إلى هؤلاء عشرات آلاف الشباب السوري الذي قتل أو هاجر هرباً من الحرب. يحدث كل ذلك في ظل إصرار عجيب من النظام السوري على تدمير كل ما يمكن أن تطاله آلته الحربية، ما يجعل إعادة بناء الاقتصاد والعمران مكلفة وطويلة وبحاجة ماسّة إلى كل خبرة سورية ممكنة. فكم سيتطلّب من الوقت إنهاض تلك الخبرة من جديد بعد أن بدّدها النظام؟
يؤكد تقرير حديث، صادر عن الأمم المتحدة والمركز السوري لبحوث السياسات، تناقص أعدد سكان سورية خلال سنوات الثورة والحرب بنسبة 15% مقارنة مع العام 2010.
وبحسب التقرير، فقد "أسهم التنامي في أعداد المهاجرين من غير اللاجئين، ولا سيما إفراد الطبقة الوسطى من المتخصصين المهنيين والذين غادروا البلاد للعمل والاستقرار في دول أخرى، في تراجع عدد سكان سورية". ومع نهاية العام 2014، يقدّر التقرير العدد الإجمالي للأشخاص الذين هاجروا سورية بحوالي 1.55 مليون. وهو ما يشير إلى أن الهجرة من سورية سجلت بعد اندلاع الثورة "زيادة هائلة، وتحديداً بين صفوف ذوي الدخل المرتفع وأصحاب المهن التخصصية، الذين غادروا البلاد هرباً من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الآخذة بالتدهور وانعدام الأمن العام والعنف وفقدان الأمل".
يعتبر الباحث الاقتصادي زين عبود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هجرة الكفاءات السورية بمثابة "خسارة اقتصادية مباشرة تؤدي إلى تفاقم عملية استنزف القوة العاملة في سورية والتي حدثت بوتيرة سريعة جداً يجعل تعويضها في المستقبل أمراً عسيراً".
أما بخصوص عدد السنوات التي تحتاجها سورية لكي ترمّم ما فقدته من كفاءات، فيؤكد عبود أن ذلك منوط بسياسات الحكومة الجديدة، حيث "يمكن أن تطيل من سنوات إعادة ترميم القوة العاملة السورية وتجعلها عقوداً طويلة يتشكل خلالها جيل آخر داخل سورية، أو تختصرها إلى حدود مقبولة عبر وضع سياسات تحاول إعادة استقطاب الكفاءات الضرورية، فترمم القوة العاملة بصورة جزئية وبفترة قصيرة نسبياً".
غياب التنمية
ولكن، إلى أي مدى يمكن الاعتماد على الجيل السوري الجديد، وهو ذاته الجيل الذي شهد كل هذا الدمار. استناداً إلى دليل التنمية البشرية الذي يصدر عن الأمم المتحدة، تراجع دليل التعليم في سورية بنسبة 32.2% مقارنة بالعام 2010، وذلك بسبب انخفاض معدل الالتحاق بالمدارس، وانخفاض سنوات التدريس، وتسرب ملايين الأطفال نتيجة الحرب. وتراجعت مرتبة سورية في العام 2014 على دليل التعليم إلى المركز 168 من أصل 187 دولة.
يقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، الدكتور أسامة القاضي، لـ"العربي الجديد" إن "مدة علاج ما أفسدته الحرب على المستوى المعرفي، يعتمد على تاريخ انتهائها بالمقام الأول، وعلى مدى توفر الأمن، وتوفر الروح الوطنية التي تجعل من المدارس مناطق محرّمة على المسلحين وجعلها خارج مناطق النزاع، وكذلك تتوقف على درجة كفاءة وملاءة الدعم السوري من مغتربين ومقيمين، والدعم العربي والدولي الذي تحظى به أول حكومة وطنية بعد انتهاء الأزمة".
ويضيف القاضي: "يمكن إيجاد طرق إبداعية لترميم النقص المعرفي عند من حرم قسراً من التعليم، كإيجاد مناهج فعالة تعوض ما فات الطلبة من معلومات، وتوفير مناهج على الحواسب الالكترونية تجري دراساتها بطريقة افتراضية، وإقامة مدارس في الفترة المسائية، وكذلك جعل اليوم الدراسي أطول بقليل، وجعل العام الدراسي ستة أشهر حتى تتحقق ساعات الدراسة السنوية المفترضة". هكذا، تحتاج سورية، في حال طبّقت تلك الحلول "المبتكرة"، بحسب القاضي، وفي حال انتهت الأزمة في العام 2015، إلى ثلاث سنوات تدريسية مكثفة للمتسربين قبل أن يتمكن الطلبة من تعديل أوضاعهم الدراسية.
انهيار شامل
يشير التقرير الأخير للمركز السوري لبحوث السياسات إلى أن التعليم في سورية قد دخل في حالة "انهيار شامل" مع وصول نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية إلى 50.8% خلال العام الدراسي 2014 ـ 2015. في حين خسر نصف الأطفال تقريباً ثلاث سنوات من الدراسة، وثمة تفاوت واسع في معدلات الدراسة في أنحاء البلاد. وقدّر التقرير الخسارة الناجمة عن فقدان سنوات الدراسة بنحو 5.1 مليارات دولار أميركي. وفضلاً عن النتائج الكارثية لغياب التعليم، يتحدث التقرير عن استخدام التعليم بطرق سلبية ربما تؤثر على التنمية في مستقبل سورية، حيث استخدم من أجل تأجيج النزاعات وذلك عبر "الاستعمال الدعائي للتعليم الرسمي وغير الرسمي"، وكذلك عبر استعماله "كسلاح للقمع الثقافي وتسويغ الحرب وعبر الترويج للقيمة الذاتية لمجموعة أو جماعة معيّنة من خلال كراهية الآخرين".
إقرأ أيضا: ما هي تكلفة الإنتاج؟
وبحسب التقرير، فقد "أسهم التنامي في أعداد المهاجرين من غير اللاجئين، ولا سيما إفراد الطبقة الوسطى من المتخصصين المهنيين والذين غادروا البلاد للعمل والاستقرار في دول أخرى، في تراجع عدد سكان سورية". ومع نهاية العام 2014، يقدّر التقرير العدد الإجمالي للأشخاص الذين هاجروا سورية بحوالي 1.55 مليون. وهو ما يشير إلى أن الهجرة من سورية سجلت بعد اندلاع الثورة "زيادة هائلة، وتحديداً بين صفوف ذوي الدخل المرتفع وأصحاب المهن التخصصية، الذين غادروا البلاد هرباً من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الآخذة بالتدهور وانعدام الأمن العام والعنف وفقدان الأمل".
يعتبر الباحث الاقتصادي زين عبود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هجرة الكفاءات السورية بمثابة "خسارة اقتصادية مباشرة تؤدي إلى تفاقم عملية استنزف القوة العاملة في سورية والتي حدثت بوتيرة سريعة جداً يجعل تعويضها في المستقبل أمراً عسيراً".
أما بخصوص عدد السنوات التي تحتاجها سورية لكي ترمّم ما فقدته من كفاءات، فيؤكد عبود أن ذلك منوط بسياسات الحكومة الجديدة، حيث "يمكن أن تطيل من سنوات إعادة ترميم القوة العاملة السورية وتجعلها عقوداً طويلة يتشكل خلالها جيل آخر داخل سورية، أو تختصرها إلى حدود مقبولة عبر وضع سياسات تحاول إعادة استقطاب الكفاءات الضرورية، فترمم القوة العاملة بصورة جزئية وبفترة قصيرة نسبياً".
غياب التنمية
ولكن، إلى أي مدى يمكن الاعتماد على الجيل السوري الجديد، وهو ذاته الجيل الذي شهد كل هذا الدمار. استناداً إلى دليل التنمية البشرية الذي يصدر عن الأمم المتحدة، تراجع دليل التعليم في سورية بنسبة 32.2% مقارنة بالعام 2010، وذلك بسبب انخفاض معدل الالتحاق بالمدارس، وانخفاض سنوات التدريس، وتسرب ملايين الأطفال نتيجة الحرب. وتراجعت مرتبة سورية في العام 2014 على دليل التعليم إلى المركز 168 من أصل 187 دولة.
يقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، الدكتور أسامة القاضي، لـ"العربي الجديد" إن "مدة علاج ما أفسدته الحرب على المستوى المعرفي، يعتمد على تاريخ انتهائها بالمقام الأول، وعلى مدى توفر الأمن، وتوفر الروح الوطنية التي تجعل من المدارس مناطق محرّمة على المسلحين وجعلها خارج مناطق النزاع، وكذلك تتوقف على درجة كفاءة وملاءة الدعم السوري من مغتربين ومقيمين، والدعم العربي والدولي الذي تحظى به أول حكومة وطنية بعد انتهاء الأزمة".
ويضيف القاضي: "يمكن إيجاد طرق إبداعية لترميم النقص المعرفي عند من حرم قسراً من التعليم، كإيجاد مناهج فعالة تعوض ما فات الطلبة من معلومات، وتوفير مناهج على الحواسب الالكترونية تجري دراساتها بطريقة افتراضية، وإقامة مدارس في الفترة المسائية، وكذلك جعل اليوم الدراسي أطول بقليل، وجعل العام الدراسي ستة أشهر حتى تتحقق ساعات الدراسة السنوية المفترضة". هكذا، تحتاج سورية، في حال طبّقت تلك الحلول "المبتكرة"، بحسب القاضي، وفي حال انتهت الأزمة في العام 2015، إلى ثلاث سنوات تدريسية مكثفة للمتسربين قبل أن يتمكن الطلبة من تعديل أوضاعهم الدراسية.
انهيار شامل
يشير التقرير الأخير للمركز السوري لبحوث السياسات إلى أن التعليم في سورية قد دخل في حالة "انهيار شامل" مع وصول نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية إلى 50.8% خلال العام الدراسي 2014 ـ 2015. في حين خسر نصف الأطفال تقريباً ثلاث سنوات من الدراسة، وثمة تفاوت واسع في معدلات الدراسة في أنحاء البلاد. وقدّر التقرير الخسارة الناجمة عن فقدان سنوات الدراسة بنحو 5.1 مليارات دولار أميركي. وفضلاً عن النتائج الكارثية لغياب التعليم، يتحدث التقرير عن استخدام التعليم بطرق سلبية ربما تؤثر على التنمية في مستقبل سورية، حيث استخدم من أجل تأجيج النزاعات وذلك عبر "الاستعمال الدعائي للتعليم الرسمي وغير الرسمي"، وكذلك عبر استعماله "كسلاح للقمع الثقافي وتسويغ الحرب وعبر الترويج للقيمة الذاتية لمجموعة أو جماعة معيّنة من خلال كراهية الآخرين".
إقرأ أيضا: ما هي تكلفة الإنتاج؟