لا تنفصل أهمية محافظة أبين جنوبي اليمن الجغرافية عن واقعها السياسي والعسكري، والذي يجعل منها ممراً إلزامياً لانتصارات الحرب والسلم، وهو ما كرّسه تاريخها الحديث، بدءاً من الاحتلال الإنكليزي، إلى الحرب التي تجري اليوم بين الانفصاليين وقوات الحكومة.
تمثل البيضاء منعطفاً استراتيجياً في الحرب الدائرة في اليمن، إذ إن السيطرة عليها قد تفتح الباب أمام الحوثيين للوصول إلى 8 محافظات، لكنها، في الوقت ذاته، أعادت فتح صراع عمره قرون، إذ إن أهالي المحافظة ينظرون إلى الحوثيين باعتبارهم غزاة.
أظهرت الإجراءات المعتمدة من الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء لمواجهة فيروس كورونا، مدى ضعفها وعدم قدرتها على تأمين الحماية الصحية للناس. ومع اعتماد التوظيف السياسي في هذا الملف، بات يُخشى على حياة اليمنيين مع تراكم الأوبئة في البلاد.
أمام الخيبات المتتالية التي بات يشعر بها مختلف اليمنيين، أصبح هؤلاء أخيراً بعيدين عن التفاعل مع التطورات على ساحة الصراع في بلدهم، في ظلّ ما عايشوه من فساد المتصارعين وتناقض خطاباتهم مع ممارساتهم، لذلك انصرفوا للبحث عن مصالحهم الفردية.
من القمع المفرط، إلى الإرهاب المنظّم، وتغيير القناعات الفكرية للمواطنين، مروراً بالمغريات المتعددة، كلها أساليب اعتمدها الحوثيون لإحكام قبضتهم على حياة اليمنيين في المناطق التي سيطروا عليها منذ سنوات، مستغلين كذلك أخطاء وخلافات الشرعية والتحالف.
بعدما كان شهر سبتمبر/أيلول، ولا سيما 26 منه، ذكرى عابرة لثورة عام 1962، تحوّل بفعل سيطرة الحوثيين في الشهر نفسه على العاصمة صنعاء واحتفالهم في يوم 21 سبتمبر بذكرى ما يسمونه "الثورة"، إلى مناسبة يتسابق فيها اليمنيون لإحياء ثورتهم الأم.