أكاديمي سوداني، أستاذ العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا. عمل بتدريس العلوم السياسية في بريطانيا منذ 1997، وكان قد عمل في الصحافة والدبلوماسية والطيران في السودان وبريطانيا. أحدث مؤلفاته "كوابيس الإبادة.. سرديات الخوف ومنطق العنف الشامل"
كانت نتيجة اتفاقيات السلام وخيمة على فلسطين وأهلها، وحتى المهجّرين منها، إذ تكثف الاستيطان في ظلها، وتفاقم تهجير الفلسطينيين. وستكون للاتفاقيات الأبراهماتية نتائج أبشع نشهد بوادرها، من تهجير متزايد لفلسطينيي الضفة الغربية، ومحاولة لتهجير سكّان غزة.
قال قائد ميليشيا الدعم السريع عند اجتياح قواته مدينة نيالا في دارفور أنّ المنازل ستكون آمنة، ولكن لم تدم ساعاتُ على اجتياح المدينة حتى عاث المُجرم وجندُه في الأرض فساداً، فقتلوا وعذّبوا ونهبوا، ولم يتركوا كبيرة إلا أتوها.
بفضل عملية طوفان الأقصى، تحوّل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لأوّل مرة إلى داعية لحقوق المستضعفين، يدين الفظاعات، ويوزّع الصور، ويذرف الدموع، قبل أن يُبرز أسنان دراكولا للولوغ في دماء أطفال فلسطين مرّة أخرى.
كان الدعم الإقليمي والدولي للحكومة الانتقالية في السودان غير مسبوقٍ في تاريخ السودان. ومع ذلك، كان الفشل الذي واجهه الانتقال الديمقراطي غير مسبوق. ويعود إلى عدة أسباب، أبرزها أن حدّة الاستقطاب فاقت ما شهدته الثورات العربية الأخرى.
تقوم كل الدعوات إلى إنهاء الحرب السودانية على مفهوم خاطئ لطبيعتها، إذ توصف بأنها قتال بين "طرفين" أو حتى بين جنراليْن، هما سواء في الخطأ والإجرام. ولكن هذه الرواية تهمل أهم مركّب في الحرب، أنها في معظمها بين مليشيا الجنجويد وقطاعات من الشعب.
دفعت الجاليات المسلمة في الغرب ثمنا غاليا بسبب سقوطها في فخّ مغامرات المتطرّفين وطالبي الشهرة، بحيث أصبح أقصر طريق إلى النجومية عند كل أفّاك أثيم الإساءة إلى الإسلام، والدعاء أن تأتي ردّة فعل المسلمين المتوقعة، فيفوز المتطرّف النزق فوزاً عظيما.
لا بدّ من إنهاء الحرب في السودان وعقد مؤتمر وطني جامع كي تخرُج البلاد من عهد التيه والاحتراب إلى كلمةٍ سواء، يكون فيها كل مواطن آمناً في وطنه، مطمئناً على حقوقه التي لا يكون النسب أو القبيلة أو الديانة المعيار في نيلها، وإنما الجدّ والاجتهاد.
ما سيحدّد مستقبل السياسة والقوى السياسية في السودان كيفية التعامل الميداني (وليس النظري) مع الأزمة الحالية، فالمواقف التي تدّعي الحياد، أو تلك التي تدعو إلى وقف الحرب، تفسّر في الشارع السوداني انحيازا للمليشيا، وهي في أحيان كثيرة كذلك.
هناك شعورٌ بالصدمة والعجز، ولكن أيضاً بالأمل، فليس للبربرية مستقبل، ولا مكان لمغول العصر في حاضر السودان ولا مستقبلها، ولا مكان كذلك لمن راهن على البربرية... وستعود مدينتنا الأثيرة الخرطوم بإذن الله، أجمل مما كانت، وأنظف مما كانت... بكثير.