سنة 1992، كنتُ أحبّ حافظ الأسد. لم أملك لذلك الحبّ سببًا، غير أنني رأيتُ الناس حولي يحبّونه كثيرًا ويقدّرونه... لم أكن أعرف أن كل هذا الحب مفروض بالحديد والنار.
لم يكن استشهاد عبد الرحمن المباشر سبباً كافياً لإخراج القدر المهول من المعلومات، والذي أخرجته كتائبُ القسام حول أسيرها السابق، جلعاد شاليط، وظروف احتجازه.
كان الرئيس عرفات موقّعاً على اتفاقيات مجحفةٍ مع المحتلّ، وكان يريدُ أن يفي بالتزاماته تجاهها، لكنّ روايات موثوقة نقلت عن قادة المقاومة، أنّه غير مرّةٍ، وفي أفضل أيام "السلام"، أعطى الضوء الأخضر لشنّ هجماتٍ ضدّ الكيان الصهيونيّ
الحقّ الذي يعلمه كلُّ أحد أن الحكومة المقبلة لن تفعل شيئًا من هذا، لكنّها على الأقلّ لن تسلّم رقاب السوريين لبشار الأسد بعد أن وجدوا في تركيا ملاذًا آمنًا! كما كان يتوعّدُ بعضُ السياسيين الأتراك!
وسط هذا الواقع الجديد، من علاقة إيران بفلسطين، ما زال لدينا "يوم القدس"، وإن تحول إلى فرصةٍ يخبرنا فيها الأمين العام لحزب الله أن طريق القُدس يمرّ من الزبداني، ولدينا أيضاً "فيلق القدس" الذي يقاتل في كل مكانٍ عدا القدس
شهداؤنا وإن قتلوا من العدوّ وأصابوا، وإن كنّا لا نصيب ثأرنا فيهم إلا بكنس الاحتلال كاملاً عن فلسطين، إلا أن ذلك لا يعني إعفاء العدوّ من الملاحقة القانونية والجنائيّة الضروريّة في مثل هذه الحالات!
في لقائه الأول بمسؤوليه، قال له قائده المباشر: "لدينا مشكلةٌ كبيرة، نحنُ نشتبكُ مع العدوّ من مسافةٍ صفريّة، ونطلق على الجنود رصاصاً غزيراً، لكنّهم لا يموتون!" فقال له "أبو عماد": ربّما لأنّكم لا تُحسنون إطلاق النّار"!
الرئيسُ عبّاس كائنٌ عجيبٌ ومتناقض، كان يقولُ للناس فاتحة عهده بالرئاسة: "أنا رجل لا أحبّ وجع الراس، وقريبًا سيأتي اليوم الذي أملُّ فيه، وأسحبُ شنطتي وأغادر!" لكن الأيام أثبتت أنه لا يعرفُ الملل حقيقة!
أرثي عالمنا وواقعنا، تماماً مثلما قال الراحل قهراً وألماً، براء أشرف: "وأريد لو أبتعد عن القتل، قاتلاً، مقتولاً، أو شاهداً عليه. لو يختفي القتل عموماً، هذه مسألة مفيدة للعالم لو يعلم، تخصه أكثر مما تخصني".