كنا نحضّر دروساً مختلفة، هي تتابع دراستها في تاريخ الفن، وأنا أنهي تخصّصي في ثقافة القرون الوسطى في الغرب. لذلك لم أكن ألمحها في صفٍّ من الصفوف، بل في أروقة المعهد، أو مقهاه، أو مكتبته الكبرى.
كنت في طريق العودة، وقد حلّ أوّل المساء، وبانت من بعيد أضواء جسر "بون نوف"، حين تراءى لي أنّي وجدتُ الحل، وهو حلّ غريب حقًا: أقوم بمحو جانبٍ من وجهي في البورتريه بخرقة قماش
ابتعد مسافة ما، حين فوجئ، يا للهول، بالبحر يتقدّم نحوه، وقد أحاط بالمدفن الذي بات في لمح البصر فوق جزيرة، واستمرّ في تدفّقه السريع، المهول، في اتجاه الشاطئ. أدار رئيف ظهره، وأخذ يعدو مرعوباً نحو الفندق، والبحر في أثره.