لا يمكنك أن تنظر إلى عيون الهنود الحمر، في كل أميركا، شمالها وجنوبها، في كندا أو أميركا اللاتينية، إلا وتدرك عمق التاريخ الدموي.. تاريخ "طريق الدموع" حين هُجرت قبائل التشيروكي أو شردت قبائل الأباش...
وصلنا ميامي قبل غروب الشمس، بعد رحلة طويلة قادمين من أورلاندو. الطقس حار ورطب والأمطار غزيرة. استلمت مفاتيح غرفتي بعد أن تبادلت بضع عبارات مع موظفة الاستقبالات. نمت قليلا. شغّلت التلفاز واستمعت إلى التوقعات الجوية.
وبين البحر والصخرة العظيمة سهل تقام فيه مواسم الرقص والغناء. أهازيج الهنود الحمر. طبولهم لا زالت تقرع مرة في العام كي تذكّر البحر والصخر أن دم الأجداد لا زال يسري ويحيا.
ما إن تعبر الجسر قادما من بوسطن في اتجاه كامبريدج، حتى تجد على الجهة اليمنى معهد إم أي تي.. تقف عند عتبات المدخل الرئيسي فتدرك أن تاريخا بكامله يأوي خلف تلك الأعمدة الرخامية، التي تعبر عن الشموخ.
هذا وهمٌ آمنت به حين أدمنتُ أشعار رامبو وبودلير. التقطتُ عشرات الصور وخلفي الشمس تسافر في رحلة الدوران في اتجاه الغيب. كان المنفى يناديني من بعيد، ولم أكن أدري!
تعبر الطرق والغابات والمدن، وتدخل البلدات التي تأسست على أنقاض حكايا الهنود الحمر، فيسألك الجميع، من أنت؟ ومن أين جئت وإلى أين أنت ذاهب؟ لكن هذا ما يحدث معك حتى في مسقط رأسك.