لما استوى حافظ الأسد أمام الرئيس السوفييتي الشاب، تحدّث مطولًا عن حاجته إلى السلاح المختلف كمًّا ونوعًا. كان غورباتشوف يعرف "البير وغطاءه". عند ذلك، دخل غورباتشوف في الرد الموجع مباشرة، فأشار إلى أن السوريين يقفون طوابير أمام المؤسّسات الاستهلاكية.
المظاهرات أخيرا الشمال السوري من أشكال الانفجار الأول الذي حصل عام 2011، وهو وإن جاء على أرضية قمّة الرئيسين الروسي بوتين والتركي أردوغان وتصريحات أنقرة عن مصالحة بين المعارضة والنظام، لا يعود إلى ما استجدّ من أمور سياسية، حُمِّلت أكثر مما تحتمل
انجرّت المعارضة السورية إلى مجموعة أستانة، وأدارت الظهر إلى الأمم المتحدة، ومسؤولياتها تجاه قراراتها المتعلقة بإنهاء عذابات السوريين، واستصدارها القرار 2254 الذي تساوق، على نحو أو آخر، مع توجهات جنيف السابقة، وتقاطع عنده جميع المعنيين بالقضية السورية
لن يقارب "الناتو العربي"، في حال تشكله، معايير "الناتو" الأوروبية من ديمقراطية تمنح المواطن الفرد حرية أوسع، وأعمق، ومحاربة فساد. عكس ذلك تماماً، يمكن أن يقوّي الحلف، سواء "العربي" منه أم "الشرق أوسطي"، الاستبداد السياسي لدى مختلف حكوماته القائمة.
خطوة الزعيم العراقي، مقتدى الصدر، استقالة كتلته في مجلس النواب جاءت على أرضية قوية، لا لأنها تعبِّر عن امتلاك الأغلبية التي تمكنه من استثمار فوزه بالمساومة على حجم حصته في الحكومة، بل لأنها تستند إلى موقف وطني طرحه في الإضرابات الوطنية فوق الطائفية،
اندفع قادة ثورات تحرّر وطني منذ اليوم الأول للاحتلال الفرنسي بحماسة وطنية، ودونما أية إيديولوجيا، بل بردٍّ عفويٍّ مباشر على المستعمرين الفرنسيين، يتطلعون إلى دولةٍ سوريةٍ مستقلة، بعد تراجع السمة القومية العربية التي انتعشت أواخر الدولة العثمانية.
سيق عشرات المعتقلين من الشارع، أو من محلاتهم، أو لدى قضائهم حاجات لأسرهم في حي التضامن في دمشق، إلى القتل المباشر من دون أيّ سبب، كما ان موت الأحياء الموازي تراه ربما أكثر مرارةً، حين تستمع إلى أهالي المعتقلين وأنين النساء وآهات لهفاتهم ودموعهم.
سورية اليوم، ومن خلال الواقع المرئي، تتسرّب أمام أعين السوريين أرضاً ووحدة شعب، وكلما طال الزمن يتعمّق تمزّقها وابتعادها، ولا أحد قادراً على فعل شيء، فالشعب السوري محيِّد تماماً، ولعلَّ هذا الأمر هو الأسوأ والأخطر فيما حدث للسوريين.
عجز النظام في سورية عن تحقيق أي إصلاح لا على زمن الأب، ولا على زمن الولد، فالأب كما كان يزعم، ومَنْ حوله، أنه منشغل بالسياسة الخارجية، أما الولد الذي وعد بالإصلاح والتحديث، وقد بدأ ببعضه لكنه تراجع بسبب ضعفه، وتردّده، إن لم أقل كذبه واستماعه لأمه،
أفضل حلّ للسوريين كافة، قوميات وأدياناً وطوائف، إنّما يكمن في تحرير المجتمع السوري كله من ربقة ألوان الاستبداد، لا على أساس المحاصصة التي ثبت فشلها في العراق ولبنان، بل على أساس دولة المواطنة الفعلية التي تمنح المواطن حقوقاً كاملة ومتساوية.