سيف الدين عبد الفتاح

يهتم حقل ودراسات ما بعد الاستعمار بتفكيك علاقات القوّة والسلطة التي نشأت في خضمّ فترة الاستعمار وبعدها، ليطعن بالسيطرة الاستعمارية وتركات الاستعمار.

أجرى محمد البشير الإبراهيمي محاكمة منهجية ومساءلة علمية لكلمة "الاستعمار" الخبيثة، وتمريرها للمسألة الكولونيالية برمّتها، ضمن صناعة كبرى طالما أجادها الغرب.

"الشرق الأوسط" إقليم واسع في تصورات أصحاب المصلحة، وله قضية تُذكِّرنا بما عُرف بـ"المسألة الشرقية" في القرن الـ19.

من عالم الجغرافيا المُفعَمة بالسياسات الناهضة، والفاعليات الاستراتيجية الرافعة، تتحوّل الإمكانات مُكنةً، والمُكنةُ مَكانةً، وهذا هو بيت القصيد.

إنّ الاستراتيجيات القابعة في عقل الغرب فيما يخصّ الشرق تنطلق من الحفاظ على مسارات التبعية وعلى حالات التجزئة، وتأكيد إضعاف الشرق وحراسة تخلّفه.

اعتنق الغرب فكرتين؛ الأولى تتعلّق بمسألة الأخلاق والقيم والثانية ببناء المواقف الكلّية في ظلّ الرؤية الحضارية ورؤية العالم جرّاء الفكرة الغربية المسكونة بالضراع

"ما الغرب؟" و"فكرة الغرب: الثقافة والسياسة والتاريخ"و"ماذا تبقى من الغرب" ثلاثة كتب تحكي عن الغرب وتعريفه من الناحية المعرفية والحضارية. هنا وجهة نظر حولها.

إنّ الثورات المُتجدّدة التي ولدت في سياق النهضة الغربية، ظلّت مسكونة باستراتيجيات صناعة التبعية، وسياسات الهيمنة ومسالك السيطرة.

التصورات الغربية لحزمة مفاهيم تعلّقت بالنهضة لا تزال في حاجة إلى فحص جديد ودرس دقيق وبحث عميق، وفهم كلّ ما يحيط بالمفهوم الغربي قد يفيد في صياغتنا لسؤال النهوض.

إنّ الحديث عن النهوض لا يتوقف عند كلمة مفردة، بل يعبّر عن منظومة متكاملة (أسرة كلمات) أو عائلة مفاهيم أو شجرة من المفردات أو شبكة من التصوّرات والمدركات.