خاطفاً يمرّ القرن. لو كنتُ الريحَ/ لقشرتُ عن الأشجارِ اللحاءَ/ والواجهاتِ الزائفةَ عن مباني الضواحي/ لو كنتُ الذهبَ، لكنتُ خبّأتُ نفسي في سراديبَ/ عميقاً في أرض الأنقاض بين الدمى المهشّمة/ لجعلتُني نسياً منسيّاً في أذهان الآباء/ ولن يتذكرني أبناؤهم أبداً.
بصرف النظر عن كل أسيجة الجغرافيات السياسية المفروضة، من المحال الإفلات من الأيديولوجيا، بما أن نقيض الذاكرة والزمن الحاضر لا يعرض دائماً سوى مستقبل. ووحدهم الأنبياء المزيفون، مع المتاجرين بالحقائق المطلقة، لا يستطيعون الإفلات من هذا المستقبل أو ذاك.
إن خطر الواقع في بنية نظام مستبد أعظم بمراحل من خطر تذكره. الناس يستخدمون الألفاظ حين يصفون، وفي ذكرياتهم يمنحون حياة لكل أشواقهم ورغباتهم غير المحققة وأحلام يقظتهم. تصبح الذاكرة وطناً وحمى، بينما يتحوّل البيتُ إلى متحف معروضاتٍ عاطفية محفوظة.
رأيت أحلاماً لا يذكرها أحد/ وأناساً ينتحبون على القبور الخطأ/ رأيت عناقات في طائرة تهوي/ وشوارع ذات شرايين مفتوحة/ رأيت براكين صار سباتها/ أطول من جذور شجرة العائلة/ وطفلًا ليس خائفًا من المطر/ وحدي أنا الذي لم يره أحد...