استُخلصت "وديعة" الحسن الثاني، خلال دفعتين/ ولايتين متعاقبتين، وبالتالي لم يعد في رصيدها "شيء" في القادم المنظور. خطاب "العدالة والتنمية" الذي يركّز على المراجعة الجذرية ينبئ بأن الحزب لن يعود مثلما كان، لا في خطه السياسي ولا خطابه.
يُراد الوقوف على العوامل الموضوعية، التي وقفت في وجه حزب العدالة والتنمية في المغرب، من دون الظهور بمظهر الحزب القائد للأغلبية الحكومية، الأمين لمبادئه وخطه السياسي، والوفي لعناصر رؤيته الإصلاحية.
إذا أخذنا بالاعتبار القوة العسكرية الجزائرية الهائلة، في مجال مُراكمة الأسلحة الروسية والصينية، منذ عقود الفورة النفطية والمالية، يمكن إدراك حقيقة التسابق على الزعامة الإقليمية في شمال أفريقيا، وبشكل أقل في المنطقة المغاربية.
لم تتّضح بعد معالم فلسفة الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بشأن النظام السياسي في بلاده، باستثناء مؤشّرات يمكن استقاؤها من تصريحاته وتعليقاته، خلال حملته الانتخابية إلى الرئاسة، أم خلال وجوده على رأس الدولة، إلى حين "انقلابه" على الدستور التونسي.
من المآزق التي يمكن أن يقع فيها المتابع للشأن اللبناني الوقوع في الطائفية. المأزق "المُنظم" هو ذو بُعد طائفي. هكذا، هم السياسيون يمارسون السياسة، وإثرهم قد ينساق المحللون السياسيون. ادعاء النأي باللسان عن النفَس الطائفي، سرعان ما تفضحه مجريات الحديث.
يتجه المغرب إلى انتخابات نيابية في سبتمبر المقبل، وكون السنوات السابقة جعلت الممارسة الحزبية للسياسة، في انحدار "أخلاقي" مُتواصل، فإن الأسئلة المطروحة عن ماهية الفائزين بهذه الانتخابات بدأت تطل برأسها، خاصة أن حظوظ حزب العدالة والتنمية في تراجع.
تُرجع مقارباتٌ سياسية الانفتاح المغربي الرسمي على حركة حماس، أخيرا، إلى ما أصبحت تُشكِّله الحركة من رقم صعب، في معادلة الصراع الفلسطيني/ العربي - الإسرائيلي. ذلك أن نجاح المقاومة الإسلامية في سيف القدس، وفي طريقة إدارتها قادا إلى هذه الخطوة.
لن تتخذ إدارة الرئيس الأميركي، بايدن، موقفاً ارتدادياً عن الإعلان الرئاسي الذي اعترف فيه سلفه الرئيس ترامب بتابعية الصحراء للمغرب، كما أنها لن تتحمّس له، إذا أخذنا بالاعتبار اعتزامها إشراك أطرافٍ أخرى، ومنها أوروبية، لم تنظر برضى إلى ما فعله ترامب.
هل قدر تونس أن تتقاطب فيها لغتان: لغة الرئاسة التي يجد فيها فريقٌ نزوعا قويا إلى الاستبداد، ولغة "الجماعة" التي يرى فيها فريق آخر "الخطر الأكبر على البلاد ومصالحها الاستراتيجية، والمسؤولة عما حلّ بتونس"؟ أم سوف تجد طريقا للخروج من الأزمة الحالية؟
يُدرج باحثون المشاركة السياسية للإسلاميين، بالإحالة إلى حلمهم الجمعي بدولة الخلافة، في خانة البراغماتية السياسية، غير أن الوضع في ما يتعلق بتزعُّم حزب العدالة والتنمية الأغلبية الحكومية في المغرب، ما بعد انتخابات 2011، جعلهم مجرّد مشاركين في الحكومة.