كان من المقرر أن تناقش الفعالية قضيّة البدون من جوانبها الأدبية، والحديث عن "أدب البدون" الذي بدأ يثبت نفسه كتصنيف مهمّ من تصنيفات الأدب الكويتي؛ إذْ أصدر كتّاب وشعراء ينتمون إلى هذه الفئة، أو يحملون الجنسية الكويتية، عشرات الروايات ومئات القصائد التي تتناول هذه القضية.
أدب البدون
تأتي الفعالية في محاولة للفت النظر إلى قضية البدون في الكويت، والتي لا تزال عالقة منذ إصدار قانون الجنسية أواخر خمسينيات القرن الماضي، واستفحال هذه المشكلة بعد الغزو العراقي عام 1990.
شملت فعاليات الأسبوع الملغاة محاضرةً لأستاذة الأدب الإنكليزي في "جامعة الكويت" ابتهال الخطيب، بعنوان: "الأثر النفسي والمجتمعي لتسويف قضية البدون"، ومحاضرة "ضحايا العنصرية... البدون أنموذجاً" لأستاذ اللغويات والناشط الحقوقي فهد المطيري، ومحاضرة "الصهد والبرد: قراءة في أدب الكويتيين البدون" من تقديم الناقد فهد الهندال، بالإضافة إلى أمسية شعرية بعنوان "هذه الأرض لي"، كان يُفترض أن تتضمّن قراءات لنصوص عددٍ من الشعراء والشاعرات البدون؛ مثل سعدية مفرح ومنى كريم ودخيل الخليفة ومحمد النبهان وشهد الفضلي.
تسجيل موقف
اختارت الجهات المنظمة تنظيم الفعالية في عدد من المنصّات الثقافية المتنوعة، وهي "مكتبة تكوين" و"منصة الفن المعاصر" و"مركز وجهة"، ولم تقتصر على مركز ثقافي واحد. وبعد إعلان تأجيلها حتى إشعار آخر، برزت ردود فعلٍ مستنكرة ومطالبة بتقديم تفسيرات للإلغاء.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، قالت الشاعرة والكاتبة الكويتية، مناير الكندري، والتي كان مقرّراً أن تُلقي نصوصاً كتبها "شعراء البدون" خلال الأسبوع الثقافي: "الثقافة والفنون والأدب دائماً ما تسجل موقفاً في أي حدث وأي ظلم يحدث داخل الدولة، وإذا أردنا أن نناقش القشور فقط في كتاباتنا الأدبية وفعالياتنا الثقافية، فنحن لا نقوم بواجبنا كمثقفين".
تضيف: "تنظيم هذا الأسبوع كان خطوة جريئة من عدد من المكتبات والمنصات، رغم أن الدولة قد تسجّل موقفاً ضدّهم وتُوقف مصالحهم. ورغم أن إيقاف الأسبوع ضايق الجميع، إلا أنه ساهم في إشهار قضية البدون أكثر فأكثر، وأوضح مقدار العجز الذي تعانيه هذه الفئة".
ذكرى الظفيري
ويقول المنظمون إن رحيل الروائي الكويتي الكندي، المنتمي إلى فئة البدون، ناصر الظفيري، مؤخراً، والذي كتَب "ثلاثية الجهراء" التي أضاءت قضية البدون، كان النقطة التي انبثقت منها فكرة تنظيم الأسبوع، بغية توضيح القضية وجعلها موجودة في أجندات الأدب الكويتي.
وُلد الظفيري في مدينة الجهراء شمال الكويت عام 1960 لأسرة من فئة البدون، وحصل على شهادة الهندسة المدنية من "جامعة الكويت"، والتحق بالجيش الكويتي كجندي ومهندس، قبل أن يقرّر الهجرة إلى كندا عام 2001، بعد أن فشل في الحصول على الجنسية الكويتية رغم خدمته العسكرية.
وأصيب ناصر بمرض السرطان نهاية 2016، قبل أن يرحل في مارس/ آذار الماضي، دون أن يُسمح بدفنه في الكويت، كونه غير كويتي.
واستنكرت العديد من التيارات السياسية والحركات الطلابية إلغاء الأسبوع الثقافي؛ حيث قال أمين "الحركة التقدمية"، أحمد الديين، في بيان له، أن المنع يعني "رفض الحكومة إفساح أي مجال أمام المبدعين والأدباء والمثقفين والفنانين من أبناء الكويتيين البدون لطرح معاناتهم الإنسانية والمطالبة بمعالجة قضيتهم العادلة، وذلك في سياق موقفها المتعنت في وجه أي دعوة لتحقيق حل إنساني عادل ونهائي لهذه القضية".
وأصدرت "رابطة الأدباء الكويتيين" بياناً، قالت فيه إنها تستنكر إلغاء وزارة الداخلية لهذه الفعالية، وبأنها ستناضل للمزيد من الحريات لصالح المثقفين.
كما تضامن كتّاب وشعراء وفنانون كويتيون مع الفعالية، واستنكروا إلغاءها، فيما قالت منظّمات المجتمع المدني إنها تتشاور من أجل عقد الفعالية من جديد، وفعاليات أخرى شبيهة بها في "جمعيات النفع العام"، والتي لا تملك وزارة الداخلية سلطة كاملة عليها، بعكس المكتبات التجارية والمنصات الثقافية التي تتضرّر تجارياً من قرارات الإغلاق في حال عدم التزام ملّاكها بالتعهدات التي وقعوها.