خصصت صحيفة "إنفارماسيون" الدنماركية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، مساحة كبيرة من صفحاتها للحرب الدائرة في اليمن، والدور الإماراتي فيها تحديدًا، بدءًا من الغلاف كاملًا الذي احتلته صورة طفل يمني، وعنوان لافت "الكارثة اليمنية.. السعودية ليست وحدها"، فضلاً عن تخصيص 5 صفحات للموضوع.
وبحسب الصحيفة، فإنه في موازاة "ما تتلقاه المملكة العربية السعودية من تحميلها المسؤولية والاستياء الدولي لدورها في حرب اليمن، فإن دور الدولة الصغيرة الإمارات العربية المتحدة هو الأقوى على الأرض، فطموح الإمارات لزيادة النفوذ الدولي جعل من أمراء الحرب اليمنيين المتوحشين أكثر ثراء ودفع لتوسيع رقعة الحرب".
ولشرح هذا الدور، تبدأ الصحيفة الدنماركية الرصينة في تعاطيها مع الشؤون الدولية، بقصة حليف أبوظبي أيمن عسكر، الذي "كان قبل 4 سنوات يقضي محكوميته بالمؤبد في أحد سجون جنوب اليمن لارتكابه جريمة قتل. أما اليوم، فالرجل واحد من أثرى الناس وصاحب نفوذ كبير ويملك شبكة واسعة من الصداقات عبر خطوط الحرب الأهلية".
رجل "القاعدة" حليف للإمارات
وتقدم "إنفارماسيون" لمحة عن أيمن عسكر وعلاقة الإمارات به، شارحة أن الأخير "عيّن أخيرًا مسؤول الأمن عن منطقة كبيرة في عدن، بل إن تعيينه جاء من الحكومة اليمنية. لكن الرجل هو صديق وحليف للإمارات العربية المتحدة، الشريك الأكثر عدوانية في التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يحارب لأجل إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة بعدما أجبره الحوثيون على الخروج منها في 2015".
وتمضي الصحيفة لتضيف أنه "فيما السعوديون يتلقون الاستياء الدولي الرئيس، فإن الإمارات تقوم بالدور الأقوى على الأرض من خلال مليشيات محلية، ففي الجنوب تتحالف مع السلفيين والانفصاليين الجنوبيين".
وتلفت "إنفارماسيون" الانتباه لتحالفات أبوظبي "مع شخص أيمن عسكر، الذي لم يكن حتى فترة وجيزة ماضية سوى عضو في تنظيم القاعدة، والذي من المفترض أنه عدو مشترك للإمارات وللحكومة (اليمنية)".
وشرحت الصحيفة كيف اعتلى الرجل هرم سلطة مجموعات تنظيم "القاعدة" في السجن، "فبانتهازية صار يلبس مثلهم ويقسم بالولاء لقضاياهم (القاعدة)، معتمدًا على مظهره القوي".
وتمضي "إنفارماسيون": "حين اجتاح الحوثيون المدعومين من إيران مناطق الجنوب، بعد إسقاط الحكومة في صنعاء، ودفعوا بالرئيس هادي للهرب، كان عسكر لا يزال في السجن، ومع الفوضى اندفع مقاتلو القاعدة لاقتحامه، فهرب هؤلاء وبينهم عسكر مع أصدقائه، وميّز الرجل نفسه كقائد بلا رحمة في القتال، كما في عمليات النهب".
وأرادت الصحيفة، عبر تحقيقها عن عسكر، تقديم صورة عن نوع تحالفات أبوظبي لقارئ غربي لم تكن لديه الصورة ذاتها التي يقدمها بعض الإعلام العربي، فمضت تفصّل أن عسكر "فرض نظام ابتزاز في موانئ مدينة عدن تحت مسمى كومسيون (عمولة) عن كل شحنة تدخل إلى البلد".
وتشير الصحيفة إلى أن "السلطات المحلية لم تستطع إعادة اعتقاله (قبل أن يعين مسؤولًا أمنيًا اليوم)، فعلاقاته وصداقاته بالضباط الإماراتيين كان يمكن ملاحظتها بتجواله معهم في المدينة، حتى صارت له أقوى العلاقات والاتصالات من خلال إقامته المتكررة في كل من دبي وأبوظبي".
الصحيفة الدنماركية تصف لقاءها بحليف الإمارات مع أصدقائه، صيف العام الماضي، في مزرعته، شمالي مدينة عدن، قائلة إنه "بكثير من المزاح والبهجة، وعلى طريقة اللصوص، روى القصص عن مغامراته وجولاته الأخيرة خارج البلد".
الحوثيون ليسوا أولوية إماراتية
وتنقل الصحيفة كيف أن بعض شيوخ القبائل في منطقة البيضاء "طلبوا دعمًا إماراتيًا لمواجهة الحوثيين من خلال أيمن عسكر، فرد الجنرال الإماراتي عليهم: الحوثيون لم يعودوا أولوية لنا، ولا هم أكبر الأعداء".
الصحيفة تنقل ما يعنيه الإماراتيون بـ"الأولويات" (قبل عامين) من خلال رد الأخيرة على شيوخ البيضاء، إذ أبلغتهم بأنه "إن رغبوا بتلقي الدعم والسلاح من الإمارات فيجب محاربة تنظيم داعش والقاعدة وحزب الإصلاح".
استراتيجية إماراتية
وفي سياق قراءة "الاستراتيجية الإماراتية"، تذهب صحيفة "إنفارماسيون" للقول إن "الإمارات تبدو الطرف الوحيد في التحالف الذي يملك استراتيجية واضحة، فهي تستخدم جيوشا خاصة أسستها ودربتها ومولتها في محاولة لضرب حزب الإصلاح بشكل أساسي".
ولتحقيق الاستراتيجية، تذهب الإمارات، وفقًا للصحيفة، إلى "التحالف مع حركة الانفصاليين في الجنوب، التي تعارض الحوثيين والرئيس هادي، ولبناء معسكرات وقواعد تعتبر في الحقيقة دولة موازية مع خدمات أمن واستخبارات خاصة بها، ولا تتوجب عليها أية محاسبة أو مسؤولية أمام الحكومة اليمنية".
وتعدد الصحيفة في السياق ذاته كيف أن "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" كشفتا عن شبكة قائمة من السجون السرية "تسيّرها الإمارات ومن ينوب عنها من القوى، وهي متهمة باختطاف وتعذيب أعضاء (حزب) الإصلاح، وأعضاء فصائل أخرى معارضة للحوثيين، ونشطاء ينتقدون التحالف السعودي - الإماراتي، وقد بدأ بعض الوزراء يطلقون على الإمارتيين تسمية قوة احتلال".
وفي ما يخص الطرف السعودي، فهو بالنسبة للصحيفة "الطرف الذي يبرز قاصفًا المدنيين بلا رحمة ومحاصرًا موانئ اليمن، وانخفض دوره خلال العامين الأخيرين إلى وسيط بين حليفيه: الحكومة اليمنية والإمارات".
ولم يفت الصحيفة التطرق إلى أن ما وصلت إليه الإمارات في اليمن "ببناء جيش خاص وقوات انفصالية في الجنوب، والتآمر لضرب النظام السياسي كله، يأتي ضمن طموحات هذه الدولة الصغيرة للعب دور إقليمي".
وربطت الصحيفة بين ما تقوم به الإمارات ودورها التخريبي في الربيع العربي، "فبعدما ثار اليمنيون وأطاحوا (الرئيس اليمني الراحل) علي عبد الله صالح، وبمبادرة خليجية، راح الإماراتيون بتدخلهم يخدعون أهل عدن بجعل مدينتهم كدبي، فيما الواقع في الشارع مختلف تمامًا بالتدمير وتشريد الفقراء وتحويل الحرب إلى أكبر رب عمل للناس".
وتشدد الصحيفة في كثير من أمثلتها على كيفية اعتماد الإمارات على عصابات ومليشيات تستقبل قادتها وتلمعهم، أمثال أيمن عسكر، لتحقيق أهدافها التي تراها الصحيفة متعارضة مع مصالح اليمنيين وحتى حليفها الآخر السعودية، الذي يتلقى الانتقادات الدولية أكثر من الإمارات. وفي بعض تناولها للسياسة الإماراتية، لم تتردد الصحيفة بنقل أوصاف بعضهم بأنها "سياسة إمبريالية".
قوة احتلال
وفي السياق نفسه، ذهبت "إنفارماسيون" لمقارنة سياسة الإمارات في اليمن بالسياسة الأميركية في العراق "التي قامت على كثير من الجهل، فأطلقت فيه حربا أهلية فظيعة بدعم طرف ضد طرف آخر، وهذا ما يقوم به الإماراتيون في اليمن بخلق ظروف مؤاتية لاستعادة صراعات الماضي وحرب أهلية مدمرة".
وتتطرق الصحيفة إلى رفض الناشطين الشباب الانفصال في الجنوب عن الشمال خوفًا من "القتل الذي سينتشر في الشوارع بين الشماليين والجنوبيين"، بحسب ما نقلته عن ناشط شاب.
وفي سياق تعزيز أجواء الحرب الأهلية والهيمنة الإماراتية، تذكر "إنفارماسيون" أنه "في الصيف الماضي، فوجئ سكان عدن بصور معلقة في الشوارع لولي عهد الإمارات، محمد بن زايد، وبعض القادة، ممن قتلوا ومن لا يزالون أحياء. وعلى الجدران انتشر الغرافيتي وعلم الإمارات بشعارات مؤيدة لأبوظبي، لكن لم يمض وقت طويل حتى بدأت شعارات: ليسقط الاحتلال الإماراتي، بالظهور في عدن".
وترى الصحيفة أن انتفاضة الربيع العربي أوجدت تحولًا في ديناميات السلطة في العالم العربي "وذهبت ممالك وإمارات الخليج لتتحدث عن نفسها كضمانة للاستقرار في المنطقة، فقامت باستغلال ما جرى من صراعات في دول الجيران بتعزيز الصراعات في اليمن وسورية وليبيا أكثر، ودعم الانقلاب العسكري في مصر. وتحت سلطة محمد بن زايد أخذت السياسة الخارجية الإماراتية تسعى لجعل البلد قوة إقليمية".
وعرجت الصحيفة في النهاية على الأهداف الحقيقية لأبوظبي في اليمن: "أولًا، تريد تدمير الإسلام السياسي بجميع أشكاله. ثانيًا، التحكم بالقيمة الاستراتيجية للبحر الأحمر والسواحل الضيقة من القرن الأفريقي، حيث بنت لها قاعدة عسكرية في جيبوتي وإريتريا. وثالثًا، تطوير وتعزيز قواتها الخاصة التي تدرب وتراقب القوات المحلية التي تنوب عنها باعتبارها جنود حزام أمان لمصالحها".
لكن الاستراتيجية الإماراتية، وفقًا للصحيفة، تواجه الكثير من التحديات والمعارضة الشعبية "وبات الناس يرون فيها قوة احتلال، وحتى في صفوف السلفيين الذين تستخدمهم بات التململ ينتشر وهم يرون أنفسهم وقودًا لمدافع الإماراتيين".
وتتطرق الصحيفة إلى رفض الناشطين الشباب الانفصال في الجنوب عن الشمال خوفًا من "القتل الذي سينتشر في الشوارع بين الشماليين والجنوبيين"، بحسب ما نقلته عن ناشط شاب.
وفي سياق تعزيز أجواء الحرب الأهلية والهيمنة الإماراتية، تذكر "إنفارماسيون" أنه "في الصيف الماضي، فوجئ سكان عدن بصور معلقة في الشوارع لولي عهد الإمارات، محمد بن زايد، وبعض القادة، ممن قتلوا ومن لا يزالون أحياء. وعلى الجدران انتشر الغرافيتي وعلم الإمارات بشعارات مؤيدة لأبوظبي، لكن لم يمض وقت طويل حتى بدأت شعارات: ليسقط الاحتلال الإماراتي، بالظهور في عدن".
وترى الصحيفة أن انتفاضة الربيع العربي أوجدت تحولًا في ديناميات السلطة في العالم العربي "وذهبت ممالك وإمارات الخليج لتتحدث عن نفسها كضمانة للاستقرار في المنطقة، فقامت باستغلال ما جرى من صراعات في دول الجيران بتعزيز الصراعات في اليمن وسورية وليبيا أكثر، ودعم الانقلاب العسكري في مصر. وتحت سلطة محمد بن زايد أخذت السياسة الخارجية الإماراتية تسعى لجعل البلد قوة إقليمية".
وعرجت الصحيفة في النهاية على الأهداف الحقيقية لأبوظبي في اليمن: "أولًا، تريد تدمير الإسلام السياسي بجميع أشكاله. ثانيًا، التحكم بالقيمة الاستراتيجية للبحر الأحمر والسواحل الضيقة من القرن الأفريقي، حيث بنت لها قاعدة عسكرية في جيبوتي وإريتريا. وثالثًا، تطوير وتعزيز قواتها الخاصة التي تدرب وتراقب القوات المحلية التي تنوب عنها باعتبارها جنود حزام أمان لمصالحها".
لكن الاستراتيجية الإماراتية، وفقًا للصحيفة، تواجه الكثير من التحديات والمعارضة الشعبية "وبات الناس يرون فيها قوة احتلال، وحتى في صفوف السلفيين الذين تستخدمهم بات التململ ينتشر وهم يرون أنفسهم وقودًا لمدافع الإماراتيين".