أفاد "المرصد العربي لحرية الإعلام" (اكشف) أنه بينما يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة" وتكريم أبطالها الذين قدموا أثماناً دفاعاً عن مهنتهم وحريتهم، فإن الصحافة المصرية واجهت المزيد من القمع خلال الشهور الماضية، وصلت إلى حد حبس عدد من رؤساء التحرير والصحافيين أو التحقيق معهم في تهم تتعلق بالنشر الصحافي الذي جرم الدستور المصري الحبس بسببها، كما أدرجت السلطات المصرية قبل يومين 24 إعلامياً على قوائم الإرهاب بسبب آرائهم السياسية وممارساتهم المهنية، وأصبحت مصر بشكل عام معتقلاً كبيراً للصحافيين والإعلاميين.
وأعرب المرصد عن فخره بحصول المصور المصري، محمود أبوزيد "شوكان"، المحبوس احتياطياً منذ منتصف أغسطس/آب عام 2013 على "جائزة اليونسكو لحرية الصحافة"، تقديراً لتضحياته، معتبراً أنها تمثل نوعاً من التضامن الدولي مع الصحافيين السجناء في مصر.
واعتبر المرصد أن مهنة الصحافة "أصبحت في مصر جريمة في نظر السلطات الحاكمة منذ الثالث من يوليو/تموز عام 2013، ورغم أن الدستور المصري المعمول به حالياً وفر العديد من الضمانات لحريتها واستقلالها، وحماية أبنائها، ومنع غلق الصحف أو حبس الصحافيين إلا أن هذه النصوص الدستورية لا وجود لها على أرض الواقع الذي يزداد سوءاً يوما بعد يوم، ويدفع الكثير من الصحافيين للتفكير مليا في ترك المهنة إيثاراً للسلامة وحماية لأنفسهم".
وأضاف المرصد "إننا ونحن ونحتفي بهذا اليوم نتذكر سوياً نص الإعلان الأممي الذي وقع في ناميبيا في 3 مايو/أيار عام 1991، وشدد على أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية، وهذا شرط مسبق بحسب الإعلان لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً، بينما تؤكد الملاحقات التي تتم للصحافيين في مصر التي وثقها المرصد العربي لحرية الاعلام في الفترات السابقة مناهضة السلطات المصرية لكل معايير هذا الإعلان العالمي، حيث تفقد مصر البيئة القانونية التمكينية لحرية الصحافة، ولا توجد بها أي ضمانات قانونية لذلك، فضلاً عن إفلات مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين من العقاب، كما حدث مع قتلة بعض الصحافيين والمصورين، وآخرهم الصحافية ميادة أشرف".
وتابع البيان "مصر باتت معتقلاً كبيراً للصحافيين، لا قانون فيها يحترم، ولا استقلال فيها للقضاء، وتغولت قيود النشر وقرارات وقف البرامج وحجب المواقع الإلكترونية (أكثر من 500 موقع) وإغلاق مقار بعضها بمزاعم واهية غير قانونية، وعقاب الصحافيين على آرائهم، وبات استخدام الدوائر القضائية الاستثنائية أداة دائمة للقمع والتنكيل بالصحافيين، وباتت السجون وأقسام الشرطة، والمقرات السرية للاحتجاز بجهاز الأمن الوطني مقار للترهيب والتخويف والإخفاء القسري والإهمال الطبي والقتل البطيء في كثير من الأحيان، كما حدث لبعض الصحافيين فعلاً".
وبلغ عدد المحبوسين 92 صحافياً وإعلامياً ومراسلاً صحافياً سواء ممن يعملون في مؤسسات صحافية معروفة، أو من المتعاونين مع بعض وسائل الإعلام بطريقة غير نظامية. تلقى المرصد على مدار الشهور الماضية العديد من الشكاوى من بعض هؤلاء السجناء عن تردي أوضاعهم الطبية، وحاجتهم لعلاجات وفحوصات طبية متخصصة رفضت إدارة السجون القيام بها، كما وصلت العديد من الشكاوى عن حرمان أسرهم من الزيارات القانونية التي تقررها لوائح السجون، وشكت العديد من الأسر انها لم تتمكن من زيارة عائلها منذ أكثر من عام، وفق المرصد.
وبالإضافة إلى ترسانة القوانين المكبلة لحرية الصحافة والمخالفة للدستور المصري، فقد تلقى الصحافيون والإعلاميون المصريون تحذيرات مباشرة من رأس السلطة في مارس/آذار الماضي بعدم السماح بـ "الإساءة للجيش والشرطة "، معتبراً أن ذلك ليس "حرية رأي" وإنما يوازي "الخيانة العظمى"، وكان أول من دفع ثمن ذلك إعلامي بارز يعمل في التلفزيون الرسمي، ثم توالت الضربات بعد ذلك خاصة على خلفية تغطية الانتخابات الرئاسية التي جرت منذ منتصف مارس/آذار الماضي، ووصلت إلى حد اقتحام مقر أحد المواقع الصحافية وحبس رئيس تحريره، وتحويل 9 من صحيفة أخرى يتقدمهم رئيس التحرير (قبل إقالته) إلى نيابة أمن الدولة في تهمة نشر، ولم يسلم المراسلون الأجانب في مصر من الملاحقات الأمنية والقانونية أيضاً، وفق ما كشف البيان.
وبمناسبة الاحتفال بـ "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، دعا المرصد للإفراج عن كل الصحافيين السجناء في مصر، وإعادة فتح الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية المغلقة أو المحجوبة، وتفعيل نصوص الدستور المصري الخاصة بضمانات حرية واستقلال الصحافة، وحرية الرأي والتعبير.
كما طالب المرصد الأمم المتحدة وكل هيئاتها المعنية بحرية الصحافة بتشكيل لجنة أممية خاصة للتحقيق فيما يتعرض له الصحافيون المصريون من قمع وملاحقة، وللتحقيق في ظروف حبسهم. وطالب الدول الداعمة للنظام المصري بوقف دعمها له إلى أن يفرج عن الصحافيين السجناء، ويحترم حرية الصحافة التزاماً بالدستور المصري، واحتراماً للمواثيق الدولية التي وقعتها مصر.