يُفترض أن يكون آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال باشروا إضرابًا جماعيًا مفتوحًا عن الطعام بدءًا من يوم 17 نيسان/ إبريل 2017، الذي يصادف "يوم الأسير الفلسطيني". وأرى وجوب الاستهلال بهذا الإضراب كونه يأتي بعد سلسلة طويلة من إضرابات مماثلة فردية وجزئية، ولذا يُعوّل عليه الكثير. لكن قبل الخوض في ما يُعوّل عليه، وفي مداليله الغنية، لا بُدّ من ذكر أنه بمنزلة ردّ على إمعان دولة الاحتلال وإدارات السجون في إجراءات حرمان الأسرى الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الإنسانية. وتتسّم الفترة الأخيرة باتساع سياسات الاعتقال الجماعي، والاعتقال الإداري، إلى جانب اعتقال الأطفال والإهمال الطبي والحرمان من الزيارة والعزل الانفرادي.
وفقًا لآخر البيانات، هناك 600 أسير في سجون الاحتلال معتقلون إداريون، أي من دون تُهم مُعلنة ومحاكمة، واعتقالهم قابل للتجديد إلى ما لا نهاية، وفي الغالب هم اعتقلوا بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية.
الاعتقال الإداري يتم القيام به استنادًا إلى أمر إداريّ فقط، من دون حسم قضائي، ومن دون لائحة اتهام ولا محاكمة. طبقًا للقانون الدولي، مثل هذا الاعتقال يمكن أن يكون قانونيًا "في ظروف معينة"، لكن بسبب ما ينطوي عليه من مساس بالغ بـ"الحق في إجراء قضائي عادل"، وفي ضوء وجود خطر بيّن بإمكان استغلاله على نحو فظّ وسيئ، وضع القانون الدولي قيودًا صارمة على تطبيقه. بموجب القانون الدولي، يمكن اعتقال أشخاص إداريًا فقط في "حالات استثنائية جدًا"، و"كوسيلة أخيرة تهدف الى منع خطر لا يمكن إحباطه بوسائل أقل مساسًا".
غير أنه حتى باعتراف مؤسسات حقوق إنسان إسرائيلية، فإنّ الطريقة التي تستخدم بها دولة الاحتلال الاعتقال الإداريّ تتناقض تناقضًا صارخًا مع هذه القيود. ويجري القيام بالاعتقال الإداري- ولا سيما منذ اندلاع الهبّة الشعبية الفلسطينية الأخيرة قبل عام ونصف العام- من طريق جعل "الحالات الاستثنائية جدًّا" هي القاعدة، وتحت غطاء كبير من السرية لا يتيح للمعتقلين إمكان أن يدبّروا لأنفسهم دفاعًا لائقًا، ولوقت غير محدود.
وتشير بيانات هذه المؤسسات إلى أن إسرائيل اعتقلت على مر السنوات آلاف الفلسطينيين إداريًا بصورة مستمرّة، من دون تقديمهم إلى المحاكمة، ومن دون أن تفصح لهم عن التهم الموجّهة ضدّهم، والسماح لهم أو لمحاميهم بمعاينة موادّ الأدلة. كما تستعين إسرائيل بهذه الآلية كـ"بديل مريح" للإجراء الجنائيّ، حين يفضل الادّعاء عدم الكشف عن الأدلة الموجودة ضدّ المعتقل، وليس كوسيلة لـ"منع الخطر المستقبليّ". وهكذا أصبح جهاز الدفاع في القانون الإسرائيليّ والقانون الدوليّ مثارًا للسخرية، وعاجزًا عن إصابة هدفه بضمان الحقّ في الحرية والمحاكمة العادلة والحقّ في افتراض البراءة. وبطبيعة الحال، نقول هذا الكلام دون قصد إشاعة الوهم بأن الإجراء الجنائيّ يسمح لجهاز الدفاع بإصابة الهدف السالف.
لماذا يُعوّل الكثير على هذا الإضراب؟
بداية لأنه أول إضراب جماعي منذ عام 2012، الذي أضرب فيه نحو 1500 أسير فلسطيني عن الطعام لمدة 28 يوما متتاليًا بدءًا من يوم 27 نيسان/ إبريل من أجل وقف العزل الانفرادي والحد من الاعتقال الإداري ومطالب أخرى. وانتهى بتلبية جلّ مطالبهم.
ومنذ ذلك الوقت برزت الإضرابات الفردية أو الجزئية عن الطعام. وكان ثمة من قال إن حالة الانقسام السياسي الفلسطينية عكست نفسها على الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.
بموازاة ذلك أكدت أغلبية التحليلات الإسرائيلية آنذاك، أن سبب تجاوب إسرائيل مع مطالب الأسرى يعود أساسًا إلى تخوّف من أن يؤدي الإضراب إلى موت أحد الأسرى المضربين عن الطعام، الأمر الذي قد يتسبّب بتفجّر "موجة عنف" في الأراضي المحتلة، وبإدانة إسرائيل في العالم أجمـع. أحد التحليلات شدّد على أن هذا الإضراب الجماعي شكّل نموذجًا جديدًا في "النضال اللاعنفي" الذي يهدف إلى تغيير السياسة الإسرائيلية، وعلى أن الحكومة لا تملك وسائل لمواجهة هذه الظاهرة من الاحتجاج السلمي.
ولا شك في أن إضراب 2017 سيضع هذين المدلولين المهمين لإضراب 2012 على المحك مرة أخرى.
صفقات التبادل: كلمة السر لتبييض السجون الإسرائيلية
وفقًا لآخر البيانات، هناك 600 أسير في سجون الاحتلال معتقلون إداريون، أي من دون تُهم مُعلنة ومحاكمة، واعتقالهم قابل للتجديد إلى ما لا نهاية، وفي الغالب هم اعتقلوا بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية.
غير أنه حتى باعتراف مؤسسات حقوق إنسان إسرائيلية، فإنّ الطريقة التي تستخدم بها دولة الاحتلال الاعتقال الإداريّ تتناقض تناقضًا صارخًا مع هذه القيود. ويجري القيام بالاعتقال الإداري- ولا سيما منذ اندلاع الهبّة الشعبية الفلسطينية الأخيرة قبل عام ونصف العام- من طريق جعل "الحالات الاستثنائية جدًّا" هي القاعدة، وتحت غطاء كبير من السرية لا يتيح للمعتقلين إمكان أن يدبّروا لأنفسهم دفاعًا لائقًا، ولوقت غير محدود.
وتشير بيانات هذه المؤسسات إلى أن إسرائيل اعتقلت على مر السنوات آلاف الفلسطينيين إداريًا بصورة مستمرّة، من دون تقديمهم إلى المحاكمة، ومن دون أن تفصح لهم عن التهم الموجّهة ضدّهم، والسماح لهم أو لمحاميهم بمعاينة موادّ الأدلة. كما تستعين إسرائيل بهذه الآلية كـ"بديل مريح" للإجراء الجنائيّ، حين يفضل الادّعاء عدم الكشف عن الأدلة الموجودة ضدّ المعتقل، وليس كوسيلة لـ"منع الخطر المستقبليّ". وهكذا أصبح جهاز الدفاع في القانون الإسرائيليّ والقانون الدوليّ مثارًا للسخرية، وعاجزًا عن إصابة هدفه بضمان الحقّ في الحرية والمحاكمة العادلة والحقّ في افتراض البراءة. وبطبيعة الحال، نقول هذا الكلام دون قصد إشاعة الوهم بأن الإجراء الجنائيّ يسمح لجهاز الدفاع بإصابة الهدف السالف.
لماذا يُعوّل الكثير على هذا الإضراب؟
ومنذ ذلك الوقت برزت الإضرابات الفردية أو الجزئية عن الطعام. وكان ثمة من قال إن حالة الانقسام السياسي الفلسطينية عكست نفسها على الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.
بموازاة ذلك أكدت أغلبية التحليلات الإسرائيلية آنذاك، أن سبب تجاوب إسرائيل مع مطالب الأسرى يعود أساسًا إلى تخوّف من أن يؤدي الإضراب إلى موت أحد الأسرى المضربين عن الطعام، الأمر الذي قد يتسبّب بتفجّر "موجة عنف" في الأراضي المحتلة، وبإدانة إسرائيل في العالم أجمـع. أحد التحليلات شدّد على أن هذا الإضراب الجماعي شكّل نموذجًا جديدًا في "النضال اللاعنفي" الذي يهدف إلى تغيير السياسة الإسرائيلية، وعلى أن الحكومة لا تملك وسائل لمواجهة هذه الظاهرة من الاحتجاج السلمي.
ولا شك في أن إضراب 2017 سيضع هذين المدلولين المهمين لإضراب 2012 على المحك مرة أخرى.
صفقات التبادل: كلمة السر لتبييض السجون الإسرائيلية