تأسّست الدادائية كردّة فعل على الحرب العالمية الأولى؛ حيث اجتمع عددٌ من الفنّانين والمثقّفين الأوروبيّين في "مقهى فولتير" في مدينة زيورخ السويسرية، ليعلنوا انطلاق "حركة دادا" ضد كلّ ما كرّسته التيارات التقليدية، من أجل أن يُمنَح الفن بُعده الاجتماعي وتحرّره من سلطة البرجوازية.
صاغ الشاعر الروماني تريستان تزارا، الذي هرب من التجنبد الإلزامي في بلده مع الشاعر والفيلسوف الألماني هوغو بال بيان، تأسيس هذه الحركة الإشكالية، ولم يُدركا وقتها أنها ستجتاح أوروبا وأميركا، وتجتذب أبرز الكتّاب والمبدعين؛ مثل ماكس إرنست، ومارسيل دوشامب، وهانز أرب، وكورت شويترز، وجورج غروز.
"دادا الروسية: 1914 - 1924" عنوان المعرض الذي يتواصل في "متحف رينا صوفيا" في مدريد حتى الثاني والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ويضمّ حوالي مئتين وخمسين عملاً من اللوحات والكولاج إلى جانب الرسوم التوضيحية والأفلام والمطبوعات التي تناولت أبرز الدادائيين الروس في تلك الفترة.
تسرّبت هذه الأفكار الجديدة - حينها - إلى روسيا مع تنامي الحركات السياسية المناوئة للمنطق والعقل والجمال الذي يدّعيه المجتمع الرأسمالي الحديث، ووجدت الكثير من المؤيّدين لها؛ مثل فلاديمير ليبيديف الذي كان غزير الإنتاج وتمحورت ملصقاته الدعائية ورسوماته وتصميمات الديكور التي أنجزها لعدد من المسرحيات حول عوالم العمّال الكادحين الذين يرفضون الاستغلال ويستعدّون للقتال في سبيل ذلك، عبر كتل بسيطة من الأشكال الهندسية والألوان المتقشّفة.
إلى جانب أعمال ليبيديف، تُعرَض لوحات كازيمير ماليفيتش التي امتازت أيضاً بتشكيلاتها الهندسية فائقة البساطة؛ مربع أو مربعات، أو مستطيلات، مع بعض الخطوط المنحنية أحياناً ذات ألوان أساسية قوية، وأعمال المصوّرَين الفوتوغرافيَّين غوستاف غلتسيس وفالنتينا كولاجينا، والتي قامت على فكرة تحريض الشعب للانخراط في الثورة.
أمّا ألكسندر رودشينكو، فتأثّر في بداياته بالمدرستَين المستقبلية والتكعيبية، وتنوّعت أعماله بين الغرافيك والتصوير والرسم، وكانت له تجارب عديدة تقوم على محاكاة مبادئ وأسس معمارية، حيث كان مؤمناً بأهمية توحيد الفنون ودمجها مع مفهوم الإنتاج، وفي الفكرة الأساسية التي استندت إليها المدرسة البنائية الروسية في الفن والعمارة.
كما تُعرض أعمال لكلّ من ناثان ألتمان، وفاسيل يرميلوف، وإيفان كلين، وألكسي كروشينيتش، وألكسي مورغونوف، وإيفان بوني، وأولغا روزانوفا، وسيرغي شرشون وغيرهم.