لا يزال الأدب العربي القديم يشكّل الحصة الأكبر مما يُترجَم إلى اللغة الإسبانية؛ حيث بدأ الاهتمام به قبل عدّة قرون ونُقلت نماذج عديدة منه شكّلت النصوص الأولى التي تأسّست عليها الأقسام الأكاديمية المهتمّة بتدريس تراث العرب وآدابهم.
لم يختلف الحال حتى منتصف القرن الماضي، حيث تراكمت الترجمات للعديد من المؤلّفات التراثية مثل ألف ليلة وليلة ورحلات ابن بطوطة والمعلّقات وطوق الحمامة لابن حزم الأندلسي، إلى جانب دوواين المتنبي وأبو نؤاس وابن عربي والمعتمد بن عباد وغيرهم.
"ترجمات: الشعر العربي الكلاسيكي بالإسبانية" عنوان المحاضرة التي يلقيها الناقد وأستاذ الدراسات العربية فرناندو أندو ريسانو عند السابعة من مساء غدٍ الخميس في مقرّ "البيت العربي" في مدريد، على هامش افتتاح معرض "سوق الكساد: كنوز الأندلس" الذي يتواصل حتى الرابع والعشرين من الشهر المقبل.
يطرح المحاضر جملة من التساؤلات منها: كيف يمكن ترجمة الشعر العربي الكلاسيكي دون خيانة روح النص أو معناه الحرفي؟ وكيف يُنقل النص من لغة إلى أخرى، والأهم من ذلك، من لغة شعرية إلى أخرى، خاصة عندما ينتمون إلى تقاليد مختلفة ومتباعدة عبر المكان والزمان؟
يتناول ريسانو أمثلة عدّة على ترجمة الشعر العربي إلى اللغة الإسبانية، ضمن دراساته في الأدب المقارن، بدءاً من كتاب "منتخبات من الشعر الآسيوي" الذي ترجم فيه الكونت دي نورونيا قصائد لسراج الدين الوراق وابن الزيات وحافظ الشيرازي وعمر الخيام، وأصدر طبعته الأولى في باريس عام 1883.
كما يتطرّق إلى كتاب "خلاصة الأدب العربي في بلادنا" لـ إيميليو غراثيا غوميز وكذلك الأنطولوجيا التي قدّم لها للشعر الأندلسي، مختتماً حديثه بنقاش اللوحات التي رسمها الفنان الإسباني ليونور سولان ضمن المعرض، والتي استلهم فيها قصائد لشعراء عرب.
درس ريسانو اللغة العربية في "جامعة كومبلوتنسي دي مدريد"، وعمل باحثاً في "معهد الدراسات الإسلامية" في مدينة سرقسطة جنوبي إسبانيا وفي "جامعة منوبة" في تونس، ولديه العديد من الأبحاث حول الشعر العربي وحضوره الممتد في الثقافة الإسبانية، وتأثيره في عدد من شعرائها البارزين.