عادت الحياة إلى مدينة الحويجة مجدداً، بربوعها ومراعيها وتعاون عشائرها، بعد نحو خمسة أشهر من تحرير القوات العراقية للمدينة بدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وطرد تنظيم "داعش" الإرهابي منها.
وتدب الحياة في ربوع الحويجة، التي تقع على بعد 55 كلم جنوب غرب كركوك، خصوصاً في مجالات الزراعة والرعي. وعاد الرعاة إلى مهنتهم في تكثير الأغنام والإبل والمواشي المختلفة، وعودتهم لاستصلاح أراضيهم وإن على نحو خجول بسبب كثرة الألغام والمخلفات الحربية في الحقول والأراضي الزراعية.
يقول راشد العبيدي (22 عاماً)، إنه يرعى يومياً 5 ساعات، ومن ثم يأخذ شقيقه مهمة الرعي مكانه لإكمال باقي النهار.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "أنا متفرغ تماماً لمهنتي في رعاية الماشية، وتركت دراستي لأن الرعي مصدر رزقنا الرئيس، والآن الوقت ملائم للرعي على عكس فصل الشتاء حيث نلاقي صعوبة في إطعام الماشية لعدم توفر العلف".
ويتابع العبيدي "إننا اليوم نعيش نعمة كبيرة بعد أن تحررنا من داعش. كنا نواجه المشاكل يومياً، وإحداها أنني كنت يوما أحمل هاتفي النقال، ورأيتهم (عناصر داعش) قادمين نحوي فارتبكت ورميت هاتفي بين الحشائش، وبعد ذهابهم بحثت عن هاتفي فلم أجده".
ويقول سلام مهاوش (20 عاماً): "كل يوم أخرج للرعي مع شروق الشمس وأعود عند الظهيرة إلى البيت، بعد ذلك أحلب الشياه وأترك الماشية تستريح، ثم أخرجها للرعي مرة أخرى مدة 4 ساعات، وأعود إلى دارنا قبيل الغروب". ويوضح لـ"العربي الجديد"، كيف ذاقوا المر أيام احتلال "داعش" لأراضيهم، وسلبوا منهم أعداداً كبيرة من الماشية.
ويقول عضو المجلس المحلي لمدينة الحويجة (الحكومة المحلية)، محمد الشمري، إن "المدينة وريفها ما زالت في حالة نقاهة حتى الآن لكنها، ورغم كل ما مرّ بها، لم تتخل عن عاداتها وتقاليدها العربية".
ويضيف "عشائر العُبيد والشمّر في ما بينها بدأت تساعد إحداها الأخرى للوقوف على أقدامها، فهم يتشاركون في توريد الإبل والأغنام لمراعيها، وتنظيف أراضيهم". ويتابع لدينا مثل قديم نقوله "العربي تكسر راسو يطلع راس"، بمعنى أنه لا يستسلم.
والحويجة مدينة تقع وسط شمال العراق ضمن محافظة كركوك على بعد 250 كلم شمال بغداد، ويقدر عدد سكان قضاء الحويجة بنحو 350 ألف نسمة غالبيتهم من عشائر العبيد وشمر، إضافة إلى الجبور والدليم.
وتعتبر الحويجة منطقة ريفية لكثرة الزراعة فيها، وتنتج فيها العديد من المحاصيل الزراعية، كالقطن والذرة والحنطة والشعير. وتعد الحويجة ثاني أكبر منطقة إنتاجاً للخضروات في العراق فضلا عن توريدها اللحوم والألبان كونها تشتهر بمراعيها.
وأخيراً قدّم سكانها طلباً لحكومة بغداد بتحويلها إلى محافظة مستقلة عن كركوك بسبب توفر المؤهلات القانونية لذلك، لكن أسباباً سياسية تتعلق بالتوازن القومي داخل كركوك منعت ذلك، وفقا لمراقبين عراقيين.