"الغبقة الرمضانية" عادة كويتية تجمع العائلة بعد صلاة العشاء داخل منزل أحدهم، حول مائدة عامرة بالطعام وبالمشاعر والأفكار والأحاسيس الإنسانية، لكنها مع الوقت تخطت اللقاءات الأسرية وجدران البيوت.
ودأبت المؤسسات والشركات الكويتية في السنوات الأخيرة، على تنظيم "الغبقة الرمضانية"، في شكل حفلات ضخمة في الفنادق وقاعات الحفلات عقب صلاة التراويح، تجمع العمال والموظفين وعائلاتهم على موائد الطعام بعيداً عن ضغط العمل.
محمد غريب حاتم، مدير علاقات عامة في شركة نفط كبرى بالكويت، قال إن الشركة اعتادت استغلال شهر رمضان في تحديد يوم لـ"الغبقة الرمضانية"، تجمع فيه موظفيها حرصاً على التواصل معهم بعيداً عن أجواء العمل الرسمية وضغوطها، مشيراً إلى أن "الغبقة" تساهم في التواصل بين الموظفين والقياديين وتبادل الأحاديث الودية، وفي التعارف وتعزيز حبال الود والانسجام، ما ينعكس إيجاباً على العمل.
وبحسب غريب، فإن "الغبقة عادة أصيلة لدى الكويتيين، منذ سنوات، وإحياؤها في الشهر الفضيل، يهدف لمزيد من تذكر العادات الإيجابية في مجتمعنا".
أما بشاير محمد، موظفة في المجلس الوطني للفنون والآداب والثقافة، فقالت إن "الغبقة الرمضانية مائدة عامرة ليس بالطعام فقط بل بالمشاعر والأفكار والأحاسيس الإنسانية"، مشيرة إلى أن "قيمتها الأهم في التواصل بين الناس".
هذه المناسبة، وفق بشاير، "تزيد الألفة والمودة والمحبة بين الموظفين من جهة وتجدّد اللقاء بينهم، فالتواصل في غالب الأحيان يتم عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن في الغبقة هناك حميمية اللقاء المباشر في أجواء يسودها الإخاء والمحبة والعادات الأصيلة"، معتبرة أن "مثل هذه المناسبات تخلق نوعاً من الترابط الاجتماعي وبث روح الفريق الواحد".
بدورها قالت آلاء الكندري، وهي موظفة في إحدى شركات الهواتف الكبرى في البلاد، إن الغبقة الرمضانية "فرصة لتجاذب أطراف الحديث وتبادل الآراء حول مختلف الموضوعات، لكن يطغى عليها الجانب الاجتماعي". ولفتت إلى أنها "تسهم في التعارف بين الموظفين لاسيما في الشركات التي نادراً ما يلتقي موظفوها لاتساعها".
سالم العازمي، موظف في إحدى المؤسسات الإعلامية الكبرى، قال إن "مؤسسته تقيم الغبقة في رمضان المبارك لجمع الموظفين وعائلاتهم وزيادة التعارف والترابط بينهم". ورأى أن "من الأشياء الجميلة في الغبقة تكريم الموظفين المميزين ما يشجع البقية على مواصلة العمل وبذل الجهد للحصول على التكريم السنة المقبلة".
وعن أصل كلمة الغبقة، أوضح الباحث في التراث الكويتي والوزير السابق، يعقوب الغنيم: "الغبقة مشتقة من لفظ الغبوق، وهي من مفردات اللغة العربية الفصحى، وتعبّر عمّا يتناوله المرء ليلاً من اللبن والتمر".
أما الباحثة في التراث الكويتي والمؤلفة، غنيمة الفهد، فقالت، "الغبقة الرمضانية مصطلح دارج في التراث الكويتي، منذ عقود، وهي عبارة عن وليمة تقام بعد صلاة التراويح في رمضان للأهل والجيران، ويتخللها تقديم أصناف متنوعة من المأكولات الشعبية الشهية والتي غالباً ما تكون خاصة بالشهر الفضيل".
وأضافت "الغبقة الرمضانية في الكويت، في الوقت الحاضر، أصبح يقدم فيها كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمقبلات بأنواعها المختلفة والحلويات الكويتية والعربية والمشروبات الباردة والساخنة".
المرجع الكويتي في التراث والفلك، صالح العجيري، أشار من جهته إلى أن "الغبقات الرمضانية خرجت من سور المنازل لتتجه إلى المؤسسات الحكومية والشعبية والقطاع الخاص، التي دأبت على إقامة الغبقات، خلال الشهر المبارك، لإشاعة جو مميز ودافئ بين الموظفين والقياديين وضيوفهم".
العجيري، (في التسعينيات من العمر) قال أصبحت "الغبقة الرمضانية" سمة مميزة لكثير من الجهات في الكويت ووسيلة لتجمع أبناء الجهة الواحدة ليتعارفوا ويتواصلوا ويتحدثوا في كثير من الأمور الخاصة والعامة".