20 أكتوبر 2024
"النهضة" متهمة دائماً
لا حديث، منذ أسابيع في تونس، إلا عن أزمة حزب نداء تونس، وعن حركة النهضة، فكأن البلاد بعد الثورة وجدت نفسها في مطبٍّ لم تغادره حتى الساعة. في البدء، كان الصراع سيد الموقف بين الطرفين، فلما اتفقا تصدّع "النداء"، وقيل إن السبب في ذلك "النهضة".
تتهيأ الحركة لعقد مؤتمرها المقبل، وقد قطعت أشواطاً في هذا الاتجاه. من ذلك إعداد مشاريع اللوائح الفكرية والسياسية والتنظيمية، إلى جانب إنجاز أكثر من مئتي مؤتمر محلي. ونظراً لأهمية الحدث على الصعيد الوطني، فإن مختلف القوى السياسية والاجتماعية تتابع، باهتمام بالغ التسريبات التي تقوم بها أجهزة الحركة، والتي عادة ما تكون مدروسةً، من أجل تحقيق شد اهتمام الرأي العام، وإبراز مواقع القوة في الخطة الجديدة للحركة.
تبدو "النهضة" في وضع مريح مقارنة بأحزاب تونسية أخرى كثيرة، تواجه صعوبات ضخمة من داخلها، وفي علاقاتها بمحيطها. فحركة النهضة لا تزال متماسكة، في حين أن غيرها من الأحزاب فقد الكثير أو القليل من أنصاره وكوادره، فالطبقة السياسية التونسية لا تزال بصدد بناء أحزاب حقيقية وحديثة ومدنية وديمقراطية. ويعتبر هذا التحدي من أهم الأولويات المطلوب من الجميع بذل قصارى الجهد للتغلب عليها. فالنظام السياسي الجديد في تونس يقوم بالأساس على تعدد الأحزاب، فإذا لم توجد أحزاب قوية ومتماسكة داخلياً وقادرةً على ضمان الاستمرار والاستمرارية فإن النظام السياسي برمته سيبقى هشاً ومعرضاً للانهيار، خصوصاً في مثل هذه الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة.
يعتبر ضعف بقية الأحزاب، أو تعرّضها للتفكك الداخلي، من أهم العوامل التي تدفعها إلى التشكيك في نيات النهضويين، واتهامهم أحياناً بالضلوع في تغذية الأزمات داخل الأحزاب الأخرى، بغرض إضعافها، حتى تبقى "النهضة" الحزب الأقوى، ما يمكّنها من إدارة شؤون الدولة، بشكل مباشر وغير مباشر. هذا ما يقوله حالياً قادة عديدون في حزب نداء تونس، خصوصاً المنشقين منهم. حتى الذين نفوا ذلك، عند اندلاع الأزمة، مثل النائب عبادة الكافي، تراجع اليوم عن ذلك، واتهم "النهضة" بالعمل على إضعاف "نداء تونس". في حين أنه سبق أن رد على أحد قادة الجبهة الشعبية بقوله: "إذا كان لحركة انهضة يد في ما حدث فذلك يعني أننا بهاليل ومغفلون". ونفى وجود علاقة للحركة بالأزمة التي يعيشها الحزب. أما محسن مرزوق فيعتقد أن مساندة "النهضة" الشق المناهض له لن يكون في صالحها، ومن شأنه أن يقوي حزبه الذي هو بصدد التأسيس، ليكون الطرف الأقوى والمهيأ لمواجهة مشروع "النهضة".
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة السابق في مرحلة الترويكا، حمادي الجبالي، قد ابتعد عن حركته بسبب اختلافه معها، إلا أن قراءته لأزمة "النداء" مرتبطة أيضا بموقع "النهضة" في هذا الصراع، فهو يعتقد أن هذه الأزمة تعود إلى أن "نداء تونس" تأسس من أجل إسقاط النهضة، وبعد ذلك تبين أنه يعاني من "أزمة مشروع وأزمة تكوين وأزمة هوية".
يبدو واضحاً أن "النهضة" ستبقى في حالة تشكيك مستمر في نياتها من خصومها، وحتى منافسيها، حتى لو أقسمت على المصاحف. إذ كلما حاولت أن تبدو إيجابية، من وجهة نظرها، فسرت مواقفها بالمناورة وازدواجية الخطاب، لتحقيق مآرب أخرى. وإذا ما تورّطت وصدر عن أحد مسؤوليها ما يفيد بأنها تريد البقاء في السلطة، أو تعمل على التخلص من طرفٍ ما، هلل خصومها بذلك، وتوجهوا للرأي العام، ولجمهورهم، ليقولوا لهم: ألم نخبركم بأن هذه الحركة ليست صادقة فيما تدّعيه؟ وهو أسلوب مفهوم في الصراعات الحزبية، لكنه مضرٌّ جداً، ولن يساعد على بناء الثقة وحماية المصالح الوطنية والانتقال الديمقراطي.
تتهيأ الحركة لعقد مؤتمرها المقبل، وقد قطعت أشواطاً في هذا الاتجاه. من ذلك إعداد مشاريع اللوائح الفكرية والسياسية والتنظيمية، إلى جانب إنجاز أكثر من مئتي مؤتمر محلي. ونظراً لأهمية الحدث على الصعيد الوطني، فإن مختلف القوى السياسية والاجتماعية تتابع، باهتمام بالغ التسريبات التي تقوم بها أجهزة الحركة، والتي عادة ما تكون مدروسةً، من أجل تحقيق شد اهتمام الرأي العام، وإبراز مواقع القوة في الخطة الجديدة للحركة.
تبدو "النهضة" في وضع مريح مقارنة بأحزاب تونسية أخرى كثيرة، تواجه صعوبات ضخمة من داخلها، وفي علاقاتها بمحيطها. فحركة النهضة لا تزال متماسكة، في حين أن غيرها من الأحزاب فقد الكثير أو القليل من أنصاره وكوادره، فالطبقة السياسية التونسية لا تزال بصدد بناء أحزاب حقيقية وحديثة ومدنية وديمقراطية. ويعتبر هذا التحدي من أهم الأولويات المطلوب من الجميع بذل قصارى الجهد للتغلب عليها. فالنظام السياسي الجديد في تونس يقوم بالأساس على تعدد الأحزاب، فإذا لم توجد أحزاب قوية ومتماسكة داخلياً وقادرةً على ضمان الاستمرار والاستمرارية فإن النظام السياسي برمته سيبقى هشاً ومعرضاً للانهيار، خصوصاً في مثل هذه الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة.
يعتبر ضعف بقية الأحزاب، أو تعرّضها للتفكك الداخلي، من أهم العوامل التي تدفعها إلى التشكيك في نيات النهضويين، واتهامهم أحياناً بالضلوع في تغذية الأزمات داخل الأحزاب الأخرى، بغرض إضعافها، حتى تبقى "النهضة" الحزب الأقوى، ما يمكّنها من إدارة شؤون الدولة، بشكل مباشر وغير مباشر. هذا ما يقوله حالياً قادة عديدون في حزب نداء تونس، خصوصاً المنشقين منهم. حتى الذين نفوا ذلك، عند اندلاع الأزمة، مثل النائب عبادة الكافي، تراجع اليوم عن ذلك، واتهم "النهضة" بالعمل على إضعاف "نداء تونس". في حين أنه سبق أن رد على أحد قادة الجبهة الشعبية بقوله: "إذا كان لحركة انهضة يد في ما حدث فذلك يعني أننا بهاليل ومغفلون". ونفى وجود علاقة للحركة بالأزمة التي يعيشها الحزب. أما محسن مرزوق فيعتقد أن مساندة "النهضة" الشق المناهض له لن يكون في صالحها، ومن شأنه أن يقوي حزبه الذي هو بصدد التأسيس، ليكون الطرف الأقوى والمهيأ لمواجهة مشروع "النهضة".
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة السابق في مرحلة الترويكا، حمادي الجبالي، قد ابتعد عن حركته بسبب اختلافه معها، إلا أن قراءته لأزمة "النداء" مرتبطة أيضا بموقع "النهضة" في هذا الصراع، فهو يعتقد أن هذه الأزمة تعود إلى أن "نداء تونس" تأسس من أجل إسقاط النهضة، وبعد ذلك تبين أنه يعاني من "أزمة مشروع وأزمة تكوين وأزمة هوية".
يبدو واضحاً أن "النهضة" ستبقى في حالة تشكيك مستمر في نياتها من خصومها، وحتى منافسيها، حتى لو أقسمت على المصاحف. إذ كلما حاولت أن تبدو إيجابية، من وجهة نظرها، فسرت مواقفها بالمناورة وازدواجية الخطاب، لتحقيق مآرب أخرى. وإذا ما تورّطت وصدر عن أحد مسؤوليها ما يفيد بأنها تريد البقاء في السلطة، أو تعمل على التخلص من طرفٍ ما، هلل خصومها بذلك، وتوجهوا للرأي العام، ولجمهورهم، ليقولوا لهم: ألم نخبركم بأن هذه الحركة ليست صادقة فيما تدّعيه؟ وهو أسلوب مفهوم في الصراعات الحزبية، لكنه مضرٌّ جداً، ولن يساعد على بناء الثقة وحماية المصالح الوطنية والانتقال الديمقراطي.