تتشابه الآلات الموسيقية التي استغلت الخامات المحليّة والبدائيّة لصنع نغمات تطرب الشعوب. في اسكتلندا، لجأ الرعاةُ إلى جلود الماشية، وصنعوا منها آلة القرب التي ما زالت تصدح حتى اليوم في المناسبات الشعبية والرسمية.
وفي الجزيرة العربية، انتبه البدو والرعاة إلى جلود الأغنام من أجل ابتكار آلة يتمكَّن الراعي من العزف عليها دون تعب أو خوف من انقطاع نفسه في وسط اللحن. إنها آلة "الهبان" التي تمثل النسخة العربية القريبة من الاسكتلندية. ويقال إن الهبان ذات أصل فارسي. وبالرغم من أن الهبان معروفة في الجزيرة العربية وبعض مناطق البدو في ليبيا ومصر والأردن؛ فإنها لم يكتب لها الانتشار، لدرجة أن كثيراً من العرب لا يعرفونها، إذ أنّ التراث الموسيقي العربي البدوي القديم، غالباً ما تم إهماله من قبل المؤسسات العربيّة الغنائية المعاصرة.
تصنع الهبان من جلد الماعز بعد نزع الشعر منه، وفي أحد أطرافها، يوضع مبسم خشبي ينفخ العازف فيه لتمتلئ القربة بالهواء. وفي نفس الوقت، يضغط العازف على القربة بعُضُديْه ليتحكَّم في الهواء الخارج من طرف آخر، مثبت فيه أنبوبتان أو قصبتان على شكل الناي أو المزمار، إذ تعطي إحداهما نغمة واحدة ثابتة ومستمرة، بينما الأخرى يتم العزف عليها بواسطة الأصابع ليتشكل اللحن.
على أنغام الآلة العجيبة هذه، تُؤدَّى رقصة تسمى رقصة الهبان، أو هبان دواري، وفيها يحرص العازف وفرقته على ارتداء زي مُوحَّد أنيق حسب التقاليد المحلية، ليظهروا في أبهى صورة وهم يتمايلون مع نغمات الهبان. وبالرغم من موسيقاها الحزينة الشجيّة؛ فإن عزفها يكثر في الأعراس، فيُظهر العازفون مهاراتهم في تقليد الألحان المرحة، أو المميزة للأعراس مع اقترانها بالطبول والآلات الموسيقية الأخرى؛ فتشكل سيمفونيّة مميزة ناشئة عن اختلاط القديم والحديث.
في مناسبات، مثل نقل جهاز العروس إلى بيت زوجها، يستقدم أهل العرسان فرقة الهبان لتعزف أمام الجهاز المنقول، ويتبختر العازف ممسكاً بآلته المنتفخة ذهاباً وإياباً متفاعلاً مع الجمهور الذي يرقص ويصفق مع نغمات الهبان.
كان الهبان قديماً يستخدم قرني الماعز أيضاً مبسماً للنفخ بعد ثقبه وتثبيته في طرف القِربة، وتسمى الهبان في مصر بـ "زمارة القربة" أو "زمارة بصوان"، وذكر بعض المؤرخين القدامى، أنهم رأوها بصورة نادرة في الريف المصري. بينما تسمى في ليبيا بـ "الزوكرة"، ويضع الليبيون فيها قرن البقرة أحياناً مبسَماً للنفخ وأحياناً مكان القصبة الثابتة أيضاً. وفي تونس، تسمى "مزود" وجمعها مزاود، وفيها أيضاً يستغلون قرني البقرة فيها مثل الليبيين. أما الجزائريون فيسمونها "تادغتيتا" أو قربة البربر.
وسعى بعض الموسيقيين مثل هاري بوير رودريغز، وزميله نيك هوك، إلى منطقة الصحراء خارج دبي لتسجيل عزف موسيقى الهبان، وأخذوا منها بعض الآلات لاستلهام نغماتها في تشكيل موسيقى جديدة لأغانيهم، من أجل تخطي المألوف، وإنتاج ألبوم جديد يحمل طابعاً موسيقيّاً جديداً من الآلات مثل الهبان، لتضاف إلى بعض الآلات التي استقدموها من التراث الياباني القديم للغرض ذاته. ويتم استخدام آلة الهبان كثيراً في الموسيقى المعاصرة من قبل كثير من المغنين الذين يدمجون القديم بالجديد.
اقــرأ أيضاً
وفي الجزيرة العربية، انتبه البدو والرعاة إلى جلود الأغنام من أجل ابتكار آلة يتمكَّن الراعي من العزف عليها دون تعب أو خوف من انقطاع نفسه في وسط اللحن. إنها آلة "الهبان" التي تمثل النسخة العربية القريبة من الاسكتلندية. ويقال إن الهبان ذات أصل فارسي. وبالرغم من أن الهبان معروفة في الجزيرة العربية وبعض مناطق البدو في ليبيا ومصر والأردن؛ فإنها لم يكتب لها الانتشار، لدرجة أن كثيراً من العرب لا يعرفونها، إذ أنّ التراث الموسيقي العربي البدوي القديم، غالباً ما تم إهماله من قبل المؤسسات العربيّة الغنائية المعاصرة.
تصنع الهبان من جلد الماعز بعد نزع الشعر منه، وفي أحد أطرافها، يوضع مبسم خشبي ينفخ العازف فيه لتمتلئ القربة بالهواء. وفي نفس الوقت، يضغط العازف على القربة بعُضُديْه ليتحكَّم في الهواء الخارج من طرف آخر، مثبت فيه أنبوبتان أو قصبتان على شكل الناي أو المزمار، إذ تعطي إحداهما نغمة واحدة ثابتة ومستمرة، بينما الأخرى يتم العزف عليها بواسطة الأصابع ليتشكل اللحن.
على أنغام الآلة العجيبة هذه، تُؤدَّى رقصة تسمى رقصة الهبان، أو هبان دواري، وفيها يحرص العازف وفرقته على ارتداء زي مُوحَّد أنيق حسب التقاليد المحلية، ليظهروا في أبهى صورة وهم يتمايلون مع نغمات الهبان. وبالرغم من موسيقاها الحزينة الشجيّة؛ فإن عزفها يكثر في الأعراس، فيُظهر العازفون مهاراتهم في تقليد الألحان المرحة، أو المميزة للأعراس مع اقترانها بالطبول والآلات الموسيقية الأخرى؛ فتشكل سيمفونيّة مميزة ناشئة عن اختلاط القديم والحديث.
في مناسبات، مثل نقل جهاز العروس إلى بيت زوجها، يستقدم أهل العرسان فرقة الهبان لتعزف أمام الجهاز المنقول، ويتبختر العازف ممسكاً بآلته المنتفخة ذهاباً وإياباً متفاعلاً مع الجمهور الذي يرقص ويصفق مع نغمات الهبان.
كان الهبان قديماً يستخدم قرني الماعز أيضاً مبسماً للنفخ بعد ثقبه وتثبيته في طرف القِربة، وتسمى الهبان في مصر بـ "زمارة القربة" أو "زمارة بصوان"، وذكر بعض المؤرخين القدامى، أنهم رأوها بصورة نادرة في الريف المصري. بينما تسمى في ليبيا بـ "الزوكرة"، ويضع الليبيون فيها قرن البقرة أحياناً مبسَماً للنفخ وأحياناً مكان القصبة الثابتة أيضاً. وفي تونس، تسمى "مزود" وجمعها مزاود، وفيها أيضاً يستغلون قرني البقرة فيها مثل الليبيين. أما الجزائريون فيسمونها "تادغتيتا" أو قربة البربر.
وسعى بعض الموسيقيين مثل هاري بوير رودريغز، وزميله نيك هوك، إلى منطقة الصحراء خارج دبي لتسجيل عزف موسيقى الهبان، وأخذوا منها بعض الآلات لاستلهام نغماتها في تشكيل موسيقى جديدة لأغانيهم، من أجل تخطي المألوف، وإنتاج ألبوم جديد يحمل طابعاً موسيقيّاً جديداً من الآلات مثل الهبان، لتضاف إلى بعض الآلات التي استقدموها من التراث الياباني القديم للغرض ذاته. ويتم استخدام آلة الهبان كثيراً في الموسيقى المعاصرة من قبل كثير من المغنين الذين يدمجون القديم بالجديد.