"بلومبيرغ": توافق سعودي إسرائيلي ضدّ حزب الله... الدبلوماسية للرياض والحرب لتل أبيب

10 نوفمبر 2017
يشكل التحالف السعودي الإسرائيلي محور استراتيجية ترامب (Getty)
+ الخط -
سلطت صحيفة "بلومبيرغ" الأميركية، الضوء على ما قالت إنه تطور في العلاقات السعودية الإسرائيلية، مبينة أن هناك ظروفا إقليمية عدة تقف وراء تقارب الرياض وتل أبيب المدعوم أميركيا، والذي يمثل محور الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الشرق الأوسط.

وبينت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الجمعة، أن هناك اتفاقا إسرائيليا سعوديا في مواجهة إيران، من خلال الحرب على حزب الله، ضمن اتفاق توزيع للأدوار سيضع السعودية في واجهة الحرب الدبلوماسية، التي بدأت باستقالة الحريري على ما يبدو، بالتوازي مع الحرب العسكرية الإسرائيلية.

ويتحدث الإسرائيليون عن وقت الحرب مع حزب الله، وليس عن إمكانيتها. ومنذ الحرب الأخيرة في عام 2006، عززت إسرائيل مرارا الحدود مع لبنان، بينما تمتلئ الأميال الفاصلة على الحدود بالتجهيزات العسكرية. 

ويقول قادة إسرائيليون إنهم مستعدون لقصف لبنان مرة أخرى وإعادته إلى العصر الحجري. أما حزب الله فيقال إنه طور مخزوناته من الصواريخ إلى عشرة أضعاف. 

ومع تراجع الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، فإن خطوط الصدع القديمة تظهر مجددا، وكذا تظهر بعض التحالفات الجديدة. وتشير أدلة كثيرة إلى تفاهم عميق، تشجعه الولايات المتحدة، بين إسرائيل والسعودية، التي لم يكن لديها أي علاقات رسمية أو معلنة مع تل أبيب. 

وتشترك إسرائيل مع السعودية في العداء ضد ايران. ويحث كلاهما على اتخاذ إجراءات ضد حزب الله المدعوم إيرانيا، كما أنهما تقومان بإجراءات على نحو متزايد، وهو ما يغذي الاضطرابات الإقليمية التي تهز أسواق النفط. ويعد كلاهما محور الاستراتيجية الجديدة لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، كما تصف "بلومبيرغ".

وتبين الصحيفة أنّ التخطيط لردع إيران يوحّد الثلاثي الجديد الذي يتشكل في المنطقة، والذي يتضمن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي استولى على السلطة فعليا في البلاد، وبالطبع الرئيس الأميركي.
ويعبر هؤلاء جميعهم عن مخاوفهم  لانتصار الحلف الإيراني في سورية، إضافة إلى النفوذ المتزايد لطهران في المنطقة نتيجة لذلك. وكانت السياسة الأميركية والسعودية تتفق لسنوات على رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، لكن ومع هزيمة المعارضة السورية، فإنهم يبحثون عن ساحة أخرى للرد.
وتستطرد "بلومبيرغ" في شرح التطورات الأخيرة في المنطقة، فتستدلّ في تقريرها بما جرى مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتقول إنه الحليف السعودي، وجزء من الائتلاف مع حزب الله. وفي نهاية الأسبوع الماضي توجه إلى الرياض، ثم استقال بشكل مفاجئ، مدعيا أن حياته في خطر. وقال الحريري على شاشة التلفزيون السعودي إن أيادي إيران في المنطقة ستقطع، في خطوة وصفتها الوكالة بأنها برعاية سعودية.

وتفاعلت إسرائيل مع هذه الخطوة خلال ساعات. وأصدر نتنياهو بيانا حث فيه العالم على التنبه للعدوان الإيراني. وفي اليوم التالي، ذكرت القناة الإسرائيلية أنه قد طلب من الدبلوماسيين الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم وصف رحيل الحريري كمثال على تأثير التهديد الإيراني.
وحاولت وكالة "بلومبيرغ" التواصل مع المكتب الإعلامي للحكومة السعودية، غير أنه لم يرد على طلبات التعليق. 
وقال مساعد لنتنياهو طالباً عدم الكشف عن هويته للوكالة، إن إيران تهدد عدة دول الآن، لذا فإنه من الطبيعي أن يتشارك الآخرون في التنبيه الإسرائيلي، لكنه رفض التعليق على ما إذا كان هناك تنسيق مشترك مع الرياض.
وتنقل الوكالة عن علي رضا نادر، الباحث في مؤسسة "rand" لتحسين السياسات وعمليات اتخاذ القرار، قوله إنه من الممكن جدا أن تبني السعودية وإسرائيل استراتيجية مشتركة تجاه حزب الله وإيران. وفي حين أن السعودية قد يكون لها تأثير دبلوماسي واقتصادي على لبنان، فإنها لا تستطيع أن تقاتل حزب الله عسكريا. لكن إسرائيل لديها القدرة على الضرب.

ويقول عوفر شيلاش، عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي، لـ"بلومبيرغ": "ربما سنضطر إلى مواجهة حزب الله عاجلا أم آجلا. لكن الجميع يريد أن يوقف هذه المواجهة".


وقد نفذت إسرائيل عدة غارات ضد حزب الله في سورية، واستهدفت قوافل يقال إنها تحمل أسلحة إلى لبنان، وهذا هو السبب الوحيد في أن تل أبيب غير سعيدة بانتصار الأسد في سورية، حيث إنها تفتح ممرا أرضيا يمكن أن يجعل تسليم الأسلحة روتينيا، وفق الوكالة.
وعلى الرغم من عشرات الضربات الإسرائيلية، امتنع حزب الله عن الرد. ويقول بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، للوكالة إن الحرب فى سورية تستنفد هذه المليشيات، وهي تركز على تعزيز مكاسبها هناك، وليس لديها رغبة بحرب كبيرة أخرى، على الرغم من أن خطر الحرب يتزايد باستمرار. 
ورأى مسؤولون إسرائيليون أن استقالة الحريري فرصة لتخفيف الضغط. ووصفها وزير الاستخبارات الإسرائيلي بأنها "نقطة تحول" في الشرق الأوسط. وقال في رد مكتوب على أسئلة الوكالة: "لقد حان الوقت للضغط على حزب الله وعزله حتى يتم إضعافه ونزع سلاحه".

ومع أن الدور الذي تلعبه واشنطن في التقارب بين اثنين من أقدم وأقرب حلفائها في الشرق الأوسط، ليس واضحا، لكن شخصين على دراية بسياسة الولايات المتحدة في المنطقة، قالا لـ"بلومبيرغ"، إن هدف الولايات المتحدة هو تشجيع التنسيق بين الدول الإقليمية التي تعارض إيران وتتماشى مع الولايات المتحدة. على الرغم من أنهم قالوا إنه لم يكن هناك تورط أميركي في استقالة الحريري.

وقبل هذه الأحداث بأيام، كان جاريد كوشنر، صهر ترامب، وأحد أصدقاء إسرائيل الحميمين، في الرياض. وكان ترامب قد قال أيضا إن اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيتضمن تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول الإسلامية مثل السعودية. وكان مبعوثه في هذه القضية، جايسون غرينبلات، في الرياض والقدس مؤخرا.
وتناولت محادثات كوشنر في السعودية والمنطقة، التصدي للتهديد الواسع الذي تشكله إيران وحزب الله في سياق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، إضافة إلى الإجراءات المحددة التي اتخذت مؤخرا ضد الحزب، وفقا لأشخاص مطلعين على الدبلوماسية الأميركية. ويمكن أن تتضمن خطوات أخرى فرض حصار على  تمويل حزب الله.
ووافق الكونغرس الأميركي الشهر الماضي على فرض عقوبات جديدة على حزب الله، ويقوم المشرعون بالفعل بصياغة عقوبات جديدة. وكان وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشين، في السعودية وإسرائيل الشهر الماضي أيضا، وشدد على ضرورة تعطيل مصادر تمويل حزب الله.

وفي يوم الخميس، طلبت المملكة من مواطنيها مغادرة لبنان فورا، ويبدو هذا إجراء عقابيا مع وجود استثمارات سعودية في البلاد. وهو على ما يبدو إجراء يبلور الدور السعودي في المواجهة الدبلوماسية ضد حزب الله، الذي سيتكامل مع الدور العسكري الإسرائيلي.

(إعداد: عز الدين التميمي)