اتخذ العديد من الفنانين الأوروبيين من ذوي الأصول العربية، فنون الشارع للتعبير عن خصوصياتهم الثقافية كأبناء للمهاجرين من الجيل الثاني أو الثالث أو الرابع، يمتلكون هوية مركّبة ذات عناصر وتأثيرات متنوّعة ومتداخلة، كما تظهر في أعمالهم الفنية.
يغلب على هؤلاء استخدام المقطع الأول من أسمائهم أو أسماء مستعارة، ويطرحون مواضيع في أعمالهم الغرافيتية تتعلّق بالاندماج والهجرة والتعايش في مواجهة التمييز والعنصرية في خطاب اليمين الأوروبي الآخذ بالتصاعد، مثل الفنان الفرنسي من أصول لبنانية ومغربية كومبو، والتونسي الفرنسي إل سيد، والبلجيكي من أصول مغربية جمال ولقاضي.
يضاف إلى هؤلاء، الفنان المغربي البلجيكي ديما ون الذي يتواصل معرضه "مرونة تحوّلات المنفى" في غاليري "بي 21" في لندن، كان افتتح في الأول من الشهر الجاري، وتمزج أعماله بين الخط والكتابات والشعر واللغة في التعبيرات عن مضامين أعماله.
يقدمّ المعرض تصوّراً بصرياً يحمل خريطة لهجرة عائلة الفنان من المغرب إلى بروكس، والتي تتشابه مع قصص كثيرة للنزوح والنفي في مدن أوروبا قاطبة، عبر المزج بين كتابات عربية تشير إلى حياة ماضية وتراث يحمله المهاجر في داخله أينما ارتحل، وأشكال تشير إلى نمط حياته الجديد.
طوال أكثر من سبعة وعشرين عاماً، يواصل ديما ون رواية قصته بطرق وأساليب جديدة، خاصة مع التغيرات المتسارعة التي تعيشها بلدان أوروبية عدة، إلى جانب مزاولته الرقص الأدائي في مسار مواز لتقديم الموضوعات نفسها.
رسم الفنان العديد من الجداريات في بلجيكا بعضها يصل طولها إلى ثلاثين قدماً، كما قدّم رسومات عديدة باستخدام الحبر والورق، تناولت أيضاً اغتراباته كفنان ومهاجر معاً، والتي سيتحدّث عنها في ورشة تعقد في الغاليري في الثالث والعشرين من الشهر الجاري تتمحور حول إنشاء مساحة فنية شاملة يجمع خلالها المشارك بين نشر صورة ونص ومكتوب أو أي شيء يشير إلى تعدد الهويات لدى الإنسان.
يلفت ديما ون في تقديمه المعرض إلى تلك الخطوط الفاصلة في تعقيدات الجغرافيا السياسية في القرن الحادي والعشرين، والتي تنعكس أحياناً على نحو مأساوي يذكّر بعقم الوجود، حيث تجتمع تناقضات عديدة لا يخطر ببال الإنسان من قبل أنها قد تلتقي ذات يوم.