يتناول الباحثون أبعاداً عديدة في هذا المجال، حيث استطاع البحارة المسلمون؛ والعمانيون خاصة، تأسيس علاقات سياسية واقتصادية متينة مع الشرق الأقصى، والمساهمة في انتشار الإسلام في تلك المناطق وفي السواحل الأفريقية أيضاً، وإنشاء أسطول عسكري في فترات لاحقة كان له دوره في الدفاع عن الجزيرة العربية، وإنهاء الاحتلال البرتغالي لشواطئها الجنوبية بعد صراع طويل.
"تراث عُمان البحري" عنوان المؤتمر الدولي الذي يعقده "مركز الدراسات العُمانية" في "جامعة السلطان قابوس" في مسقط، في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل ويستمر لثلاثة أيام بمشاركة أكاديميين ومتخصّصين في التاريخ والتراث غير المادي والدراسات الأنثربولوجية، كما أُعلن عنه أول أمس الإثنين.
يهدف المشاركون إلى "تسليط الضوء على ثقافة البحر وسننه وما يرتبط به من جوانب كصناعة السفن والفنون البحرية، وأدوات الملاحة والفلك، والعادات والتقاليد، والصيد ودراسة تأثير التغيرات المجتمعية الحديثة على حفظ الثقافة البحرية العُمانية وصونها، واستعراض الجهود المبذولة في إحياء التراث البحري والحفاظ عليه، إضافة إلى إثراء المكتبة العُمانية بمادة علمية حديثة حول هذه المسائل".
يناقش المؤتمر تسعة محاور أساسية؛ يتضمّن الأوّل الجغرافيا ودورها في صناعة التراث والظروف المناخية وأثرها على النشاط البحري، والفكر الجغرافي عند أحمد بن ماجد، بينما يتطرّق الثاني للتواصل الحضاري عبر البحار في جوانب العلاقات السياسية والاقتصادية والصادرات العمانية والموانئ البحرية العمانية والموانئ الأجنبية التي رست فيها السفن العمانية.
يضيء المحور الثالث على علوم البحار وتطوّرها عند العُمانيين والمؤلفات والمخطوطات والوثائق المتعلقة بها والأعلام في مجال النشاط البحري، ويركّز الرابع على صناعة السفن والمراكب (التجارية والعسكرية)، وصناعة الأدوات والآلات البحرية وتطورها، وتطور أجهزة الملاحة البحرية العُمانية، وأنواع السفن، ومصادر الأدوات والآلات التي استخدمت في صناعة تلك السفن (مواطنها، طرق نقلها، أنواعها، استخداماتها).
ويرصد المحور الخامس الأساطيل البحرية العُمانية وتاريخها ونشاطها العسكري ودوره في حفظ السلم والأمن في المحيط الهندي وفي طرد الاستعمار، فيما يعاين السادس نشاط الصيد واستخراج اللؤلؤ والصيد البحري، والغوص.
يقارب المحور السابع التراث العُماني البحري المادي واللامادي والتراث الأثري، وبيئة العمل في المراكب (القوانين، الطاقم، المهام والأدوار، الأجور وغيرها) والعادات والتقاليد البحرية العمانية والأنماط الأدبية المرتبطة بالبحر والحوادث البحرية والفنون البحرية وممارسات حفر الأخوار وحمايتها، ويعرض الثامن لتجارب بحرية عُمانية وأشهر السفن في التاريخ، ويتناول المحور التاسع والأخير البعد الاقتصادي والترويجي للتراث البحري من خلال المتاحف البحرية والسياحة البحرية والآثار البحرية.
يُذكر أن وزارة التراث والثقافة ستفتتح خلال العام الحالي "مركز فتح الخير" في ولاية صور، كنواة لمتحف بحري يهتمّ بالجوانب الأكاديمية والعلمية والتخطيطية للتعريف بالتاريخ والتراث البحري.