"تهدئة" النظام حيلة لحصار حلب... والمعارضة تردّ في القلمون

رامي سويد

avata
رامي سويد
08 يوليو 2016
D415A1D3-381C-4758-A497-4383669CA3EB
+ الخط -
تشير التطورات الميدانية في سورية إلى أن "التهدئة" التي أعلنها النظام السوري، يوم الأربعاء، لـ72 ساعة، لم تكن، على ما يبدو، سوى حيلة، استفاد منها للانقضاض على مواقع المعارضة في حلب وإحكام محاصرتها من خلال قطع طريق الكاستلو بوصفه طريق إمداد قوات المعارضة الوحيد إلى حلب. وقد تمكنت قوات النظام، أمس الخميس، من رصد هذا الطريق نارياً بعد إحرازها تقدماً ملحوظاً في منطقة الملاح التي تجري فيها اشتباكات عنيفة بين الطرفين، منذ مطلع الشهر الماضي. ومنذ تحوّل الثورة السورية إلى حرب، ظلّت حلب المدينة منقسمة بما يناهز الثلثين تحت سيطرة المعارضة، والثلث بيد النظام وحلفائه الأكراد. ولم تتمكن أي جهة من تغيير موازين القوى، ولم يستطع النظام والمليشيات الحليفة من حزب الله وقوات إيرانية من اقتحام أحياء المعارضة العصيّة على الاجتياح البري نظراً لطبيعة حلب وجغرافيتها وأزقتها الضيقة التي يصعب دخولها بالآليات والدبابات، وهو ما جعل النظام والروس والإيرانيين يضعون نصب أعينهم خيار محاصرتها وتجويعها، وهو سلاحهم المفضل الذي اعتمدوه في عدد من المدن مثل حمص.

لكن الردّ من المعارضة لم يتأخر على جبهتين: في حلب نفسها حيث قامت الفصائل في تلك المنطقة بهجمات لاستعادة ما خسرته وتفادي محاصرة ربع مليون سوري في المناطق الخارجة على سلطة النظام في كبرى المدن السورية، أولاً، وفي منطقة القلمون ثانياً، حيث تمكنت قوات "الجيش الحر" من انتزاع السيطرة على حاجز الصفا الحدودي مع لبنان، في هجوم مباغت على قوات النظام التي خسرت الموقع الحدودي ومجموعة من الآليات العسكرية.

وصعدت طائرات النظام وطائرات الجيش الروسي القصف على حلب وريفها في الوقت الذي شنت فيه قوات المعارضة هجوماً مباغتاً على قوات النظام في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق وكبدتها خسائر كبيرة وسيطرت على نقطة استراتيجية قرب بلدة رنكوس. وجرى كل ذلك بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على إعلان النظام تطبيقه "نظام تهدئة" في الأراضي السورية كافة لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من يوم الأربعاء.

وشنت قوات النظام السوري والمليشيات المحلية والأجنبية التي تساندها هجوماً كبيراً على منطقة الملاح الاستراتيجية بشمال حلب، فجر أمس الخميس، ونجحت بإحراز تقدم في المنطقة لتسيطر على مساحات من منطقة الملاح وباتت ترصد بالرشاشات المتوسطة طريق الكاستلو الذي يعتبر آخر خطوط إمداد المعارضة إلى حلب، ونجحت بالتالي في فرض حصار على السكان وقوات المعارضة بمناطق سيطرتها بمدينة حلب. وقالت مصادر محلية في حلب لـ"العربي الجديد" إن فصائل المعارضة تراجعت في منطقة الملاح بعد هجوم عنيف لقوات النظام ووصولها إلى جامع الملاح الذي يبعد نحو كيلومترين فقط عن طريق الكاستلو. هكذا بات هذا الطريق في مرمى نيران قوات النظام، الأمر الذي أدى إلى شلّ حركة المعارضة عليه.

لكن المصادر أكدت أن قوات المعارضة باشرت فوراً، أمس، هجمات مضادة على المنطقة بهدف استعادة النقاط التي خسرتها وإبعاد قوات النظام عن طريق الكاستلو، لا سيما أن قوات النظام هي فعلياً في وضع ميداني غير مريح بسبب عدم وجود خط إمداد مفتوح لها بحكم تجاوزها خطوط قوات المعارضة وبقاء قوات للمعارضة خلفها.

من جانبه، أعلن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن هجوم قوات النظام على منطقة الملاح ترافق مع تنفيذ طائرات حربية عشرات الغارات على مناطق الاشتباك، ومناطق أخرى تقع على طريق الكاستلو شمال حلب، وسط قصف مكثف من قوات النظام على المناطق ذاتها. ولفت "المرصد" إلى أن اشتباكات دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محيط دوار شيحان بمدينة حلب، ترافق مع قصف قوات النظام على مناطق الاشتباك.

وقال الناشط حسن الحلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الطيران المروحي التابع لقوات النظام ألقى، صباح أمس، برميلين متفجرين على مناطق في حي بعيدين شمال مدينة حلب، كما شنت طائرات قاذفة من نوع "سوخوي" غارات جوية، منذ منتصف ليل أول من أمس الأربعاء، على مباني سكنية في أحياء قاضي عسكر والميسر وجسر الحج بمدينة حلب، كما شنت مروحيات النظام قصفاً بالبراميل المتفجرة على بلدات وقرى خان طومان والزربة وزيتان وترممو والمناصير والزيارة قرب جبهات القتال بريف حلب الجنوبي.



ولفت الحلبي إلى أن طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للنظام السوري، كثفت، صباح أمس، غاراتها الجوية على بلدة كفرحمرة بريف حلب الشمالي، حيث تعرضت مناطق على أطراف البلدة إلى أكثر من اثنتي عشرة غارة جوية بالقنابل الفوسفورية والعنقودية، وذلك بهدف قطع خطوط إمداد المعارضة التي توصلت إلى منطقة الملاح التي تجري فيها مواجهات عنيفة بين قوات النظام وقوات المعارضة.

وجاء تصعيد قوات النظام الكبير في حلب بعد أقل من أربع وعشرين ساعة فقط على إعلانه تطبيق "نظام تهدئة" في عموم الأراضي السورية لثلاثة أيام. وشنت طائرات يعتقد أنها روسية غارات جوية عنيفة على مناطق سيطرة المعارضة، أيضاً، في بلدات قبتان الجبل وأروم الكبرى ومحيط الفوج 46 في ريف حلب الغربي. وفي حين سارعت الإدارة الأميركية، ممثلة بوزير الخارجية، جون كيري، يوم الأربعاء، إلى الترحيب بالتهدئة المعلنة من دمشق، فإنّ التعليقات الأميركية غابت تماماً إزاء عدم احترام النظام والقوات الحليفة له تعهداته، على الرغم من إعراب المعارضة المسلحة عن استعدادها للالتزام طالما التزم النظام، وهو ما لم يفعله طبعاً.

من جانب آخر، نجحت قوات المعارضة السورية، صباح أمس الخميس، بالسيطرة على حاجز الصفا، الذي يعد أهم حواجز قوات النظام السوري على الطريق الذي يوصل بين منطقتي رنكوس ووادي بردى في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق قرب الحدود السورية اللبنانية. وذكرت مصادر محلية من منطقة القلمون لـ"العربي الجديد" أن قوات المعارضة نجحت في السيطرة على حاجز الصفا بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة مع قوات النظام التي كانت تتمركز في المنطقة، حيث شنت قوات المعارضة، بعد منتصف ليلة أول من أمس الأربعاء، هجوماً على قوات النظام في المنطقة، أفضى إلى سيطرة قوات المعارضة على حاجز الصفا واغتنام دبابتين ومدفع عيار 57 مليمتراً ورشاش متوسط عيار مضاد للطيران وكميات من الذخائر والأسلحة خفيفة من الحاجز.

وشنت طائرات النظام السوري، حتى ظهر أمس، نحو ست غارات جوية على مناطق جرود رنكوس ومنطقة وادي بردى المحيطة بالنقطة الاستراتيجية التي سيطرت عليها المعارضة، ذلك أنها تقع على ملتقى الطرق التي تصل مناطق القلمون الغربي ببعضها بعضاً قرب الحدود اللبنانية.

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
النازح السوري محمد معرزيتان، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازح السوري محمد معرزيتان مرض التقزّم وويلات النزوح وضيق الحال، ويقف عاجزاً عن تأمين الضروريات لأسرته التي تعيش داخل مخيم عشوائي قرب قرية حربنوش
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.
المساهمون