09 نوفمبر 2024
"داعش" باقٍ... ولن يتمدّد
لا تستغربوا أن يتبنّى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) حادث سير في الهند، مثلاً، يودي بحياة عشرات الأشخاص، أو أن يتبنّى عملية فردية في أحياء هارلم وبرونكس الأميركيتين. لا ترتابوا إذا ما أعلن التنظيم احتضانه انتحار شخص بسبب الاكتئاب في مكان ما من العالم، واعتباره "شهيداً" له. نعم، لم يعد "داعش" ذاك التنظيم القادر على المواجهة الميدانية في ساحات القتال، بل تحوّل إلى رمزية صوتية في أحيان كثيرة، بما يشير إلى نموّ "الذئاب المنفردة" وتطوّرها في العامين الأخيرين.
يريد "داعش" ترسيخ صورةٍ له على أنه "أب الذئاب المنفردة"، وأن ديمومته باقية بعيداً عن معاقله الميدانية، الساقطة والتي ستسقط، في الموصل العراقية والرقة السورية. يريد تكريس نمطية جديدة في التفكير السياسي والأمني، عنوانه "خلف كل حادث فردي هناك داعش". يكفي هذا لاستمرار وجوديته كـ"أنونيموس"، بعد دنوّ نهايته طرفاً مقاتلاً في العراق وسورية. بالتأكيد، يفسح هذا النوع من النمطية المجال لاستغلال سياسي واسع، سواء عبر نموّ الأجنحة اليمينية المتطرفة، أو حتى في سياق ردود أفعال الأطراف اليسارية والوسطية. أوجد التنظيم لنفسه هامشاً بما يكفي لأن يهتف مشجعو كرة القدم ضده في الملاعب.
كرة القدم؟ من ينسى الاعتداء الذي طاول حافلةً تقلّ فريق بوروسيا دورتموند الألماني في 11 أبريل/ نيسان الحالي؟ من في وسعه نسيان الليلة الكئيبة في باريس، الجمعة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، التي تحوّلت فيها الأحداث المحيطة في ملعب سان دوني في أثناء مباراة فرنسا وألمانيا إلى مأتم دموي؟ من يمكنه تجاهل أن مدينة هانوفر الألمانية كادت تلقى مصير باريس، بعد أيام قليلة، وفي أثناء مباراة لكرة القدم أيضاً؟ هذا ما فعله "داعش"، ضرب اللاوعي لدى الجماهير، ليتمكّن من اختراق وعيهم، وتحوّله إلى عدوٍ لهم. واختيار كل ما يتعلق بكرة القدم في أوروبا لتوجيه الرسائل الدموية، كاختيار الجوامع والكنائس في الشرق الأوسط. في أي ضربةٍ يوجهها التنظيم إلى تلك الأماكن، يُسمع صداها في كامل أرجاء البيئة المحيطة. هو ما كرّسه "داعش". تماماً كما حين فعلت "طالبان" حين دمّرت تمثالين لبوذا في أفغانستان، ربيع عام 2001. اختيار ضرب رموز مجتمعية في بيئات محددة، يعني الكثير لـ"داعش".
تحوّل التنظيم إلى خصم غير مرئي، يظهر بعد تنفيذه عملية ما، يزيد من قتامة الوضع في أوروبا والعالم. قادة "داعش" يعلمون ذلك، حتى أنهم لم يعودوا يعتمدون على صوت زعيمهم أبو بكر البغدادي، لتوجيه التهديدات، بل يكفي القول "داعش تبنّى" لإظهار "قوتهم". لا يشبه الأمر مرحلة أسامة بن لادن في قيادة تنظيم القاعدة، فعندما اُعلن عن مقتله أصيب تنظيمه بالوهن. في حالة "داعش"، لن يحصل ذلك، فـ"القاعدة" اعتمد على بيانات صوتية ومرئية لبن لادن ولأيمن الظواهري، أما "داعش" فيستند إلى مفهوم أبعد من "القائد".
صحيحٌ أن تأثيرات الهجوم الباريسي مساء أول من أمس الخميس ستطاول صناديق الاقتراع الفرنسية غدا الأحد، غير أن مقاربة المسألة في نجاح اليمين المتطرّف من عدمه فقط أمر غير صحيح. يريد "داعش" من مارين لوبان، وإيمانويل ماكرون، وبنوا هامون، وجان ـ لوك ميلانشون، وفرانسوا فيون، أن يعلموا أنه "سيبقى العدو رقم واحد لبلادهم"، وعبرهم إلى كامل أوروبا، بما فيها ألمانيا التي تجري انتخاباتها بين شهري أغسطس/ آب وأكتوبر /تشرين الأول المقبلين.
يفترض في المرحلة المقبلة أن يزيد التنظيم من ضرباته كـ"ذئاب منفردة"، للتغطية على السقوط الميداني والحتمي في سورية والعراق. سيكون أمام "داعش" مرحلة زمنية، انتقالية على الأرجح، يختفي فيها جميع قيادييه وعناصره من ساحات القتال المباشر، ولن يبقى سوى وكالة أعماق الناطقة باسمه، لتتبنّى كل حدث أمني في العالم باسم "داعش". وطالما أن تلك الوكالة باقية، يعني أن "داعش" باقٍ لكن من دون التمدّد.
يريد "داعش" ترسيخ صورةٍ له على أنه "أب الذئاب المنفردة"، وأن ديمومته باقية بعيداً عن معاقله الميدانية، الساقطة والتي ستسقط، في الموصل العراقية والرقة السورية. يريد تكريس نمطية جديدة في التفكير السياسي والأمني، عنوانه "خلف كل حادث فردي هناك داعش". يكفي هذا لاستمرار وجوديته كـ"أنونيموس"، بعد دنوّ نهايته طرفاً مقاتلاً في العراق وسورية. بالتأكيد، يفسح هذا النوع من النمطية المجال لاستغلال سياسي واسع، سواء عبر نموّ الأجنحة اليمينية المتطرفة، أو حتى في سياق ردود أفعال الأطراف اليسارية والوسطية. أوجد التنظيم لنفسه هامشاً بما يكفي لأن يهتف مشجعو كرة القدم ضده في الملاعب.
كرة القدم؟ من ينسى الاعتداء الذي طاول حافلةً تقلّ فريق بوروسيا دورتموند الألماني في 11 أبريل/ نيسان الحالي؟ من في وسعه نسيان الليلة الكئيبة في باريس، الجمعة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، التي تحوّلت فيها الأحداث المحيطة في ملعب سان دوني في أثناء مباراة فرنسا وألمانيا إلى مأتم دموي؟ من يمكنه تجاهل أن مدينة هانوفر الألمانية كادت تلقى مصير باريس، بعد أيام قليلة، وفي أثناء مباراة لكرة القدم أيضاً؟ هذا ما فعله "داعش"، ضرب اللاوعي لدى الجماهير، ليتمكّن من اختراق وعيهم، وتحوّله إلى عدوٍ لهم. واختيار كل ما يتعلق بكرة القدم في أوروبا لتوجيه الرسائل الدموية، كاختيار الجوامع والكنائس في الشرق الأوسط. في أي ضربةٍ يوجهها التنظيم إلى تلك الأماكن، يُسمع صداها في كامل أرجاء البيئة المحيطة. هو ما كرّسه "داعش". تماماً كما حين فعلت "طالبان" حين دمّرت تمثالين لبوذا في أفغانستان، ربيع عام 2001. اختيار ضرب رموز مجتمعية في بيئات محددة، يعني الكثير لـ"داعش".
تحوّل التنظيم إلى خصم غير مرئي، يظهر بعد تنفيذه عملية ما، يزيد من قتامة الوضع في أوروبا والعالم. قادة "داعش" يعلمون ذلك، حتى أنهم لم يعودوا يعتمدون على صوت زعيمهم أبو بكر البغدادي، لتوجيه التهديدات، بل يكفي القول "داعش تبنّى" لإظهار "قوتهم". لا يشبه الأمر مرحلة أسامة بن لادن في قيادة تنظيم القاعدة، فعندما اُعلن عن مقتله أصيب تنظيمه بالوهن. في حالة "داعش"، لن يحصل ذلك، فـ"القاعدة" اعتمد على بيانات صوتية ومرئية لبن لادن ولأيمن الظواهري، أما "داعش" فيستند إلى مفهوم أبعد من "القائد".
صحيحٌ أن تأثيرات الهجوم الباريسي مساء أول من أمس الخميس ستطاول صناديق الاقتراع الفرنسية غدا الأحد، غير أن مقاربة المسألة في نجاح اليمين المتطرّف من عدمه فقط أمر غير صحيح. يريد "داعش" من مارين لوبان، وإيمانويل ماكرون، وبنوا هامون، وجان ـ لوك ميلانشون، وفرانسوا فيون، أن يعلموا أنه "سيبقى العدو رقم واحد لبلادهم"، وعبرهم إلى كامل أوروبا، بما فيها ألمانيا التي تجري انتخاباتها بين شهري أغسطس/ آب وأكتوبر /تشرين الأول المقبلين.
يفترض في المرحلة المقبلة أن يزيد التنظيم من ضرباته كـ"ذئاب منفردة"، للتغطية على السقوط الميداني والحتمي في سورية والعراق. سيكون أمام "داعش" مرحلة زمنية، انتقالية على الأرجح، يختفي فيها جميع قيادييه وعناصره من ساحات القتال المباشر، ولن يبقى سوى وكالة أعماق الناطقة باسمه، لتتبنّى كل حدث أمني في العالم باسم "داعش". وطالما أن تلك الوكالة باقية، يعني أن "داعش" باقٍ لكن من دون التمدّد.