رأت صحيفة "ذي تايمز" أن أيام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، باتت معدودة بعد سلسلة الإخفاقات التي مني بها نتيجة خوضه سياسات وإجراءات غير معهودة في المملكة العربية السعودية، أدت إلى تبخر الأحلام بأن يصبح أحد وجوه الإصلاح في المنطقة.
وقالت الصحيفة البريطانية إنه، بعدما زالت البهرجة ومفعول الأموال الطائلة التي صرفت على شركات العلاقات العامة الغربية واللوبيات، بدأ تتكشف تدريجيا حقائق صعود ولي العهد السريع، حتى لدى والده الملك سلمان، الذي بدأ يظهر بعض علامات التشكيك في ما يقوم به نجله.
وأبرزت "ذي تايمز" أنه خلال الأسبوع الماضي اقتنع شقيق الملك، الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية، بضرورة إبعاد أسرة آل سعود عن سلمان وولي عهده الطموح، موضحة أن ذلك جاء جزئيا بسبب متظاهرين من البحرين واليمن اصطفوا أمام منزله بلندن. كما أضافت أن أميراً آخر يعيش في المنفى دعا أقرانه إلى الانقلاب على محمد بن سلمان.
أما سبب حالة السخط هذه فربطتها صحيفة "ذي تايمز" بالهوة الشاسعة بين الشعارات البراقة لولي العهد والواقع، ولا سيما مشاريعه الضخمة التي لم تتبلور بعد، كمدينة نيوم بخليج العقبة، و"رؤية 2030" لإعادة تأهيل الاقتصاد السعودي، التي كانت تعتمد على عملية طرح أسهم شركة "أرامكو".
حالة أخرى لفشل إجراءات بن سلمان ربطتها بالاستثمارات الأجنبية، فبعد حملة الاعتقالات التي طاولت الأثرياء السعوديين بدعوى "محاربة الفساد" الذين جرى وضعهم داخل فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، خرجت أكثر من 150 مليار دولار من المملكة، ولا يوجد أي سبب يجعل المستثمرين الأجانب في عجلة من أمرهم لاستثمار أموالهم هناك.
من جانب آخر، ذكرت الصحيفة أن مغامرات بن سلمان على مستوى السياسة الخارجية ألحقت أضراراً بالمملكة، فالحرب التي شنها في اليمن، ودخلت عامها الثالث، تحولت إلى مستنقع يكلف الرياض أموالا طائلة كل يوم، فيما قضى أكثر من 10 آلاف قتيل مدني و8.5 ملايين يواجهون خطر المجاعة.
كما أضافت أن حملة حصار قطر التي انخرط فيها ولي العهد السعودي باءت بالفشل، لكنها في المقابل أدت إلى تصدع مجلس التعاون الخليجي. وأوضحت الصحيفة أن الاقتصاد القطري نجح في امتصاص الصدمة الأولى للحصار، وأن العلاقات الدبلوماسية للدوحة ممتدة وتشمل الصين، وإيران وروسيا، بما في ذلك توقيع صفقة لتزويد بكين بالغاز لعقدين. كما أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اختارت التخلي عن موقفها الأولي الداعم لدول الحصار، ما تسبب في إحراج كبير للرياض، كما تنقل الصحيفة.
داخليا، تورد "ذي تايمز" ألا شيء تحقق من ادعاءات بن سلمان بكونه أحد "وجوه الإصلاح"، فالقمع متواصل في السعودية، وحتى السماح للمرأة بقيادة السيارة، الذي جرى التهليل له إعلاميا، أصيب في مقتل بعد اعتقال 13 ناشطة نسوية فقط لأنهن طالبن بمساواة أكبر، فضلا عن قمع واعتقال عدد من الوجوه الدينية المعروفة بسبب إبدائهم مواقف معترضة على سياساته.
وخلصت الصحيفة إلى أن بن سلمان ليس بوجه إصلاحي ولا بالرجل القوي الآن في السعودية، وأنه بجرة قلم يستطيع والده الملك سلمان سحب ولاية العهد منه، وتجريده من كل الصلاحيات. ورأت أنه من الوارد أن يحدث ذلك قريبا، بالنظر لحالة السخط وسط الأمراء الغاضبين، وهو ما دفع، على ما يبدو، بن سلمان إلى إمضاء الصيف برمته نائما على متن يخته بالقرب من جدة.