حضرت الآلات والفرق الموسيقية في أعمال العديد من الفنانين، ربما كان أشهرها لوحة "عازف الغيتار المسن" لبابلو بيكاسو، أو "موسيقى" لهنري ماتيس، و"عازف آلة القانون" للودفيغ فولمار وغيرها. عربياً، رسم الفنانان السوريان ميشيل كرشة وأسعد عرابي فرقاً موسيقية، حيث رسم الأخير فرقة أم كلثوم في أكثر من عمل.
يسعى الفنان الأردني عمر نجار في معرضه "رابسودي" الذي أعيد افتتاحه مؤخراً في "غاليري فن أ بورتيه" بعمّان، ويتواصل حتى العاشر من الشهر الجاري إلى تقديم سلسلة من اللوحات الزيتية التي تصوّر فرق الأوركسترا في لحظة إبداعها.
تركّز الأعمال على الروح الجماعية في حالة العزف وليس على العازف نفسه، بأسلوب انطباعي يقترب من التجريد، إذ يتكوّن العمل من قطع متناثرة، حيث تتجاور النوتات الموسيقية ككتل بيضاء تتخلّلها رؤوس بألوان مختلفة وأجزاء من أجساد العازفين أيضاً، وآلات لا تظهر كل تفاصيلها.
يحيل عنوان المعرض إلى اللحن المرتجل أو الملحمة الموسيقية الحماسية أو حالة الافتتان بحسب معانيها المتعدّدة في الإنكليزية، وعلى الرغم من رسمه لمشهد استاتيكي، فإن استخدام نجار لضربات الفرشاة العريضة والخطوط الضبابية المشوّشة ومساحات الألوان ينقل الحركة والطاقة وحتى الصوت الذي تحمله النوتات الموسيقية، بحسب بيان المنظّمين.
ويلفت البيان ذاته إلى أنه "عبر الكشف عن هذه العملية (العزف) من خلال علامات غير دقيقة، يبدو الأمر كما لو أن نجار يسمح للمشاهد بالاطّلاع على مشاعره تجاه الموسيقى وتجاه العزف الجماعي... وعوضاً عن التركيز على الشخصيات أو الآلات، ينهمك نجار في رسم الموسيقى ذاتها".
تبدو النوتات أحياناً كأنها تطير أو تسبح في الفضاء بسبب احتشادها في عمق اللوحة، والآلات توحي بأنها متداخلة مع الموسيقيين الذين يتماهون في كتلة واحدة بألوان متنوّعة، وهي الثيمة الأساسية التي تقدّمها اللوحات المنفّذة بألوان زيتية، كما يقول نجار: "الأوركسترا هي واحدة من النواتج الموسيقية الأكثر أناقة، وسواء أكانت من الشرق أم من الغرب، فلن يكون هنالك أي أثر للغرور أو المنافسة بين العازفين. الكلّ يعملون معاً بحيث إنك عندما تسمع الموسيقى فإنها تبدو من الطبيعة، كما لو أنها صُنعت بدون صانع".
يُذكر أن عمر نجار ولد عام 1991، وتخرّج من قسم الفنون الجميلة في "الجامعة الأردنية" وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في الأردن وألمانيا والبحرين والإمارات.