قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إنّ حكومات ومنظمات إغاثة لم تتمكن من إحصاء ملايين الدولارات المخصصة للمساعدات المدرسية للاجئين السوريين، التي تم التعهد بتقديمها العام الماضي، ولم تصل إليهم، أو وصلت متأخرة، أو تعذر تتبعها بسبب سوء ممارسات التوثيق.
وذكرت المنظمة في تقرير لها بعنوان "تعقب المال: انعدام الشفافية في تمويل المانحين لتعليم اللاجئين السوريين"، أنها وجدت تباينا كبيرا بين المبالغ التي ذكرتها الأطراف المختلفة وتلك التي تم توثيق أنها قد وصلت أهدافها المقصودة في عام 2016، مشيرة إلى أن عدم تقديم التمويل الشفاف في الوقت المناسب، ساهم في وجود أكثر من 530 ألف طالب سوري في تلك البلدان الثلاثة، لا يزالون خارج المدارس في نهاية العام الدراسي 2016-2017.
وقال سيمون راو، الباحث الحائز على زمالة "ميركاتور" في المنظمة: "وعدت الدول المانحة والمستضيفة بألا يصبح الأطفال السوريون جيلا ضائعا، لكن هذا بالضبط ما يحدث. سيساعد المزيد من الشفافية في التمويل على كشف الاحتياجات التي لا يتم تلبيتها حتى يتم معالجتها وإدخال الأطفال إلى المدارس".
وذكّر التقرير باتفاق المانحين والبلدان المجاورة لسورية المستضيفة للّاجئين في مؤتمر لندن على توفير "تعليم جيد" لجميع الأطفال السوريين اللاجئين بحلول نهاية العام الدراسي 2016-2017، وتوفير الأموال اللازمة لذلك. وفقا للجهات المانحة الست التي تعهدت بأكبر المبالغ:الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، ألمانيا، المملكة المتحدة، اليابان، والنرويج، مبرزا أن مساهماتها وحدها تجاوزت الهدف لعام 2016 البالغ 1.4 مليار دولار للتعليم داخل سورية، وللبلدان المستضيفة للاجئين في المنطقة. مع ذلك، فإن ميزانيات التعليم في البلدان المستضيفة للّاجئين تعاني من نقص كبير في التمويل.
وبحسب التقرير "لم يصل الكثير من تمويل التعليم الذي تم إرساله إلا بعد بداية العام الدراسي – متأخرا بذلك عن موعد تسجيل الأطفال الذين كان يهدف لمساعدتهم. في بعض الحالات، حسب المانحون الأموال التي تعهدوا بها مرتين".
وأكدت المنظمة الحاجة إلى معلومات أكثر تفصيلا وشمولية عن المساعدات التعليمية لتقييم ما إذا كان المانحون قد وفوا بتعهداتهم وقدموا المساعدات في الوقت المناسب، وإذا ما كانت الأنشطة التي يجري تمويلها تعالج العقبات الرئيسية التي تعيق تعليم الأطفال السوريين اللاجئين، وتنسيق جهودها وتفادي الثغرات أو التداخل.
واتفق المانحون، وفق تقرير المنظمة، على تقديم حوالي 250 مليون دولار للتعليم في الأردن، و350 مليون دولار للبنان في عام 2016، وأقروا بأن جزءا كبيرا من المساعدات يجب أن يتم تسليمه قبل بداية العام الدراسي، مما يتيح توظيف المعلمين، وشراء الكتب، وتخطيط برامج التعليم. لكن بحلول أوائل سبتمبر/أيلول 2016، واجه الأردن عجزا بقيمة 171 مليون دولار، ولبنان بمقدار 181 مليون دولار. وبحلول نهاية السنة، ما زال لدى الأردن فجوة في الميزانية قدرها 41 مليون دولار، ولبنان بمقدار 97 مليون دولار.
وأوضح التقرير أن الاتحاد الأوروبي كان أكبر مانح للتعليم في الأردن ولبنان وتركيا في عام 2016، حيث قدم أكثر من 776 مليون دولار أميركي (739 مليون يورو) لكنها لم تدرج سوى 4 مشاريع تعليمية في الأردن ولبنان وتركيا في 2016، بينما هناك مشاريع أخرى كثيرة.
وقالت الحكومة الأميركية لـ "هيومن رايتس ووتش" إنها منحت 1.4 مليار دولار كمساعدات إنسانية لكل من سورية والمنطقة في السنة المالية الأميركية 2016، لكن من غير الواضح كم من هذا المبلغ موجه لتعليم الأطفال اللاجئين.
ووثّقت المنظمة بشكل مكثف العقبات التي تعترض التعليم في تركيا، ولبنان، والأردن، بما في ذلك السياسات التي تجعل التكاليف المتعلقة بالمدارس بعيدة المنال، حيث تساهم في زيادة فقر أسر اللاجئين، وتقييد قدرة الأطفال على الوصول إلى المدارس أو الالتحاق بها.
وقالت إن من شأن زيادة الشفافية فيما يتعلق بتمويل التعليم، المساعدة على إظهار أسباب عدم تحقيق أهداف الالتحاق بالمدارس، وتحديد الأطراف المسؤولة، والضغط عليها لتتحسن. يمكنها أيضا أن تحدد مدى مسؤولية سياسات البلد المضيف، أو نقص التمويل المقدم من المانحين، عن بقاء الأطفال خارج المدارس.
قال راو: "على الرغم من القلق العالمي إزاء الأطفال السوريين اللاجئين، لا يزال من المستحيل العثور على إجابات للأسئلة الأساسية حول ما إذا كان يتم تلبية احتياجاتهم التعليمية الأساسية. على المانحين إصلاح نقص الشفافية الذي يُضعف دعمهم الخاص للأطفال السوريين، الذين لا يستطيعون الانتظار لفترة أطول للعودة إلى المدرسة".
(العربي الجديد)