في زنزانة صغيرة قد لا تتجاوز مساحتها ثلاثة أمتار مربعة، يجلسون في انتظار سماع الأذان للإفطار. هكذا يمر يومهم طوال شهر رمضان، وربما يظنون أن من في الخارج لا يتذكرونهم.
كان ذلك سبباً في محاولة العديد من الشباب العمل لإدخال الأجواء الرمضانية إلى أسوار الزنزانة، في محاولة للتخفيف عن المعتقلين، والاستمرار بتذكير الجميع بقضيتهم.
ندى عبد المجيد، إحدى المشاركات في حملات دعم المحبوسين، تعتبر نفسها مجرد وسيط بين المحبوسين والناس، من يريد إيصال شيء لهم يكون من خلالهم.
تروي في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد" عن عملها في تلك الحملات من خلال حملة "كتابي من أجل المعتقلين" للتبرع بالكتب للمحبوسين داخل السجون، وبعد فترة بدأ فصل الشتاء واستطاعوا تجميع عدد من "البطاطين" لإدخالها لهم.
بحلول رمضان، بدأت محاولة التخفيف عن المعتقلين، خصوصاً أن يومهم لا يحمل أي نوعاً من تلك الأجواء الرمضانية، وكانت الفكرة بطبع بطاقات تحمل صور لفوانيس رمضان وكلمة "فاكرينكم".
توضح عبد المجيد أن فكرة تلك البطاقات جاءت من أحد الشباب خارج الحملة بطبعها لإدخالها للمحبوسين في حقائب رمضان، وبدأت تنتشر بتوزيعها داخل وخارج السجن.
ردود الأفعال من داخل السجن وصلت إليهم لكن على المدى الطويل، خصوصاً بعد تعرُّض أحدهم للحبس، وحثهم على معرفة ما تشكله تلك الأشياء الصغيرة بالداخل، وأن الجميع ما زال يتذكر السجناء، مشيرة إلى أنهم فوجئوا بالتجاوب معهم من الجمهور.
قبل أذان المغرب بدقائق، يستغل بعض الشباب الذين يعملون بشكل فردي، ليوزعوا ثلاث حبات من التمر في كيس صغير بداخله صورة لأحد المحبوسين، مطالبين بالحرية له.
تشير عبد المجيد إلى أن تلك المبادرة فردية، ولا تجري بشكل منظم تجنّباً للاعتقال، ويرفض أغلب المشاركين فيها الإفصاح عن اسمه، موضحة أنها قد تتم في يوم أو يومين طوال الشهر:
"رغم حظر التجمعات والمسيرات بموجب قانون التظاهر، لم يمنع هذا ما حدث في اليوم الثالث من رمضان؛ إذ خرج شبّان إلى شوارع يحملون عدداً من البالونات، كنوع من الاحتفال بحلول شهر رمضان، لكن بعد ثوانٍ قليلة من التركيز معهم، كانت كافية للتوضيح أنهم يحملون أسماء محبوسين على تلك البالونات، وأطلقوها في السماء"، تقول ندى، وتضيف:
"بنفكر طول الوقت في حاجات تقول إننا مش ناسينهم، بنحاول نفكر الناس، خاصة مع عدم معرفة بعض الناس ببعض القضايا، لازم ننزل من السوشيال ميديا لأرض الواقع".
رغم قدوم رمضان وسط امتحانات نهاية العام، لم يمنع هذا مي قهوجي، من العمل على صناعة الفوانيس الورقية للمحبوسين، ولضيق الوقت لم تتمكن إلا من صناعة ثلاثين فانوساً.
توضح قهوجي لـ"جيل العربي الجديد" أن الفكرة بدأت بمحاولتها صنع فانوس واحد قبل رمضان، خصوصاً أنها اعتادت تشكيل الأوراق الملونة على شكل هدايا للمحبوسين، مشيرة إلى أنها بدأت تتواصل مع الأهالي لإيصال تلك الفوانيس لهم لإدخالها خلال الزيارة الأولى من الشهر، وهو ما استطاعت فعله وأرسلت بعضها للمحافظات.
لجأت مي إلى تلك الفكرة بصنع فوانيس من الورق، لكونها تعلم أن الخامات الأخرى سواء كانت من الخشب أو البلاستيك ممنوع دخولها من قبل إدارات السجون، فلم يبق لها إلا الخرز والورق، موضحة أنه من الأفضل ألا تحمل تلك الأوراق كتابة عليها حتى لا تتسبب في منعها من الدخول.
وتشير إلى أنها حاولت صناعة أشكال وأحجام مختلفة من الفوانيس حتى لا تلفت الانتباه لها أثناء تفتيش الزيارة، وحتى لا تشعر إدارة السجن بأنها حملة منظمة من أجل المحبوسين وتمنع من الدخول، وهو ما حدث بالفعل في بعض الحملات السابقة.
فاطمة قاسم، إحدى المتطوعات بشكل فردي في تلك المبادرات، بدأت العمل على عدد من الهدايا للمحبوسين بعد أن شاهدت دعوة من حملة "فاكرينكم" للتذكير بقضايا المحبوسين لكنها قررت أن تقول لهم إن الجميع يتذكرهم بهداياها. 25 بروازاً عدد الهدايا التي استطاعت إنجازها قبل حلول رمضان، إلى جانب عدد من الفوانيس، فهي ترى أن الوضع صعب للغاية لكن هزيمته ممكنه بالمحبة والألوان.