جرياً على عادة تسليم ما يُعرف بـ "مشعل عاصمة الثقافة العربية"، وهو إجراء بروتوكولي يعني الانتقال الرسمي للتظاهرة من بلد إلى آخر، أو من مدينة إلى أُخرى، أُقيم، أمس، في الجزائر العاصمة حفل التسليم الرمزي لتظاهرة "قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015" إلى مدينة صفاقس التونسية، التي ستكون عاصمةً للثقافة العربية 2016، ابتداءً من يوليو/ تموز المقبل.
بالطبع، يُفترض أن تنطلق التظاهرة مع بداية السنة الجديدة وتختتم مع نهايتها. لكن، انطلاقها واختتامها لم يُعودا مرتبطين بجدول زمني معيّن، بقدر ما باتا مرتبطين بعطيات أخرى، أبرزها الجاهزية لاحتضان حدث ثقافي بهذا المستوى.
ينطبق ذلك على مدينة صفاقس التي يبدو أنها لم تكمل استعداداتها بعدُ لاحتضان التظاهرة التي كانت مقرّرة هذا الشهر، وأيضاً على الجزائر التي استضافت عدداً من التظاهرات المماثلة خلال السنوات القليلة الماضية، وعادةً ما كانت تفتتح وتختتم في الـ16 من نيسان/ أبريل، الذي يسمّيه الجزائريون "يوم العلم"، وهو تاريخ رحيل الشيخ عبد الحميد بن باديس.
لم يخلُ الحفل من مجاملات بين وزيرَي ثقافة البلدين. ربّما كان أكثرها مبالغةً، حديث الوزيرة التونسية سنيا مبارك عن أن "قسنطينة أبهرت الجميع بحسن تنظيمها في شتى الجوانب، مما جعل منها أحسن العواصم العربية التي نُظّمت حتى الآن".
وذهبت مبارك إلى أبعد من ذلك، حين اعتبرت أن "النجاح الباهر لتظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية يضع السقف عالياً بالنسبة إلى صفاقس للارتقاء إلى هذا المستوى".
طبعاً، ليست مبارك وحدها من تتحدّث عن نجاح باهر للتظاهرة؛ فقبل أيّام قليلة بعث الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، رسالةً أشاد فيها بنجاح الاحتفالية، قائلاً إن قسنطينة "كانت على مدار عام كامل فضاءً تعارف وتفاعل التقت فيه صفوة من النخب العربية من المشرق إلى المغرب".
أمّا وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، فقد قدّم في ندوة صحافية، عقدها الأحد الماضي لكشف حصيلة التظاهرة، جملةً من الأرقام عن "أهمّ ما تمّ إنجازه" خلال هذه السنة؛ حيث أكّد أن التظاهرة شهدت 800 ساعة من الفعاليات الثقافية، و780 فعاليةً، و300 ألف صورة، وإنتاج 40 مسرحية، من بينها عشر للأطفال، وإصدار 200 كتاب مرتبط بالتظاهرة، كما احتضنت 48 أسبوعاً ثقافياً محلياً و25 أسبوعاً عربياً وأجنبياً، وعرفت مشاركة 400 فنّان من قسنطينة وحدها.
كثيرةٌ هي الأرقام التي يمكن إيرادها في هذا السياق، لكن السؤال هو: ما الذي سيذكره المواطن من كلّ ذلك؟