خاطب الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، شعبه بمناسبة "أعياد الميلاد"، في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أسوة بما يفعل غيره في القارة الأوروبية وحول العالم، وحدثهم عمّا أسماه "غزو اللاجئين المنظّم"، تاركاً أزمات بلاده الداخلية، فتلقفت وسائل الإعلام في غرب أوروبا انشغالات زيمان، التي أثارت الجدل الداخلي والخارجي.
ليست المرة الأولى التي يدلي فيها بتصريحات كهذه، لكن حجم الاهتمام الإعلامي، غرباً وشرقاً، يوحي بأن القارة التي تواجه معضلة جدية في تعاطيها مع قضية اللجوء، تجد في زيمان التشيكي، وفيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، وجان ماري لوبان الفرنسي، وغيرهم، ما يعبر عن مكنونات موقف متطرف من حالة فريدة في التاريخ الإنساني، إذ انتقل الملايين بفعل كوارث الحروب والطبيعة والفقر والمجاعة، من مكان لآخر، باحثين عن النجاة كغريزة تتشارك فيها الكائنات.
لا حاجة ملحة سوى لمن يريد أن يبحث عن التباس التشدد القومي الاستعلائي أن يمحص في العلاقة الداخلية بين معاملة الغجر في تلك الدول، وباقي الأقليات، ليعرف أن ما يأتي بعد ذلك عن "المسلمين" ليس إلا في السياق السياسي الأيديولوجي لاستخدامات الإسلاموفوبيا كموضة يستمر بعضهم في اللهاث خلفها، لتبرير كل معاني السقوط في دوامة اللاأخلاق. ولا حاجة للتذكير كثيرا بأي نوع من اللاجئين يرغب، حين فرض اتفاق توزيع 160 ألف لاجئ بين دول الاتحاد.
في ذلك الحديث لشعبه، قال ميلوس زيمان، إن "الشباب السوري والعراقي المتجه إلى أوروبا عليه أن يعود ويرفع السلاح في وجه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويضيف "مقتنع وبقوة بأننا نواجه غزوا منظما وليست حركة عفوية"، ثم يتحدث عن الرحمة التي في قلبه تجاه الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى. لكنه أيضا دعا جيش بلاده للاستعداد دفاعاً عن البلاد في وجه هؤلاء الغزاة.
زيمان صديق روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين منشغل بالغزو المنظم وبضرورة انخراط الشباب في حمل السلاح ضد "داعش"، لكنه ينسى أن يخبر شعبه تفصيلاً بسيطاً عن أن روسيا ترى جميع السوريين "داعش"، من حوران جنوباً حتى جبل الأكراد شمالاً، لكنها تترك "داعش" وأرتالها. كما يترحم زيمان وغيره من تحالف اليمين القومي المتشدد على الديكتاتوريات العربية بكل صراحة وصفاقة.
زيمان الذي شارك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في براغ بمظاهرة اليمين القومي المتطرف ضد "التشدد الإسلامي"، وهو الذي كان صاحب تاريخ "يساري"، وأصبح حليفاً قومياً فاشياً ولديه مليشيا شبه عسكرية في بلده؟
الجوقة التي قادها قادة من أوروبا الشرقية ليست منعزلة، بل هي جزء من أوركسترا أوسع في أوروبا يختلط فيها الفاشي بالنازي الجديد وبأصحاب ربطات العنق من "ساسة يمين الوسط".
ليس مضحكا ولا هو فاصل كوميدي، أن يخرج أمس الإثنين الرابع من يناير/كانون الثاني الرئيس التشيكي مجدداً، ليوضح لنا بعضا عن هذا "الغزو" المنظم، ويقول إن "الإخوان المسلمين" في مصر هم المسؤولون عن تنظيم هذا "الغزو".
اقرأ أيضاً: الرئيس التشيكي يحرض ضد اللاجئين المسلمين