تطرّقت مجلة "فرانس فوتبول" الرياضية الشهيرة، للمشوار الحافل لـ"صاروخ" الجزائر الجديد، بغداد بونجاح، هداف نادي السد القطري، والسلاح الجديد لهجوم محاربي الصحراء، حيث تنبّأت له بمستقبل أكثر إشراقا، بعد أن قطع شوطا كبيرا من النجاح الكروي منذ بداياته في ناد مغمور بالجزائر، مرورا بالدوري التونسي، وحاليا في دوري نجوم قطر.
وكان بونجاح أحد اكتشافات المدير الفني الحالي للمنتخبات السنية الجزائرية، بوعلام شارف، الذي كان يشغل منصب مدير فني لفريق اتحاد الحراش الجزائري عام 2011، حيث قام بجلبه للفريق من نادي رائد غرب وهران الذي كان ينشط في بطولة الدرجة السادسة في الجزائر، بعد أن لاحظ مهاراته وقوّته وحاسته التهديفية.
ويقول محمد سيارتي، أحد زملاء بغداد في ذلك الفريق الصغير، عن هداف السد القطري الحالي: "كان عمري 30 عاما وهو لم يكن يتجاوز الـ17 عاما عندما انضم إلى الفريق، لكننا لاحظنا مباشرة ملامح مهاجم قناص لا يعرف الخوف طريقه إلى نفسه، بل كان يرعب الخصوم، وسماً قاتلاً في دفاعاتهم. لقد اقتنع رئيس النادي والمدير الفني وقتها أن مكان بغداد لم يكن معنا، وبالتالي فقد وجب علينا مساعدته للعب في مستوى أعلى"، وبالفعل رحل بونجاح إلى اتحاد الحراش ثم النجم الساحلي التونسي وبعدها السد القطري، حيث سطع نجمه بقوة ليصبح أفضل هدافي العالم في السنة الحالية.
وقال المدير الفني الأسبق للجزائر، البوسني وحيد خليلوزيتش، عن بغداد، في أكتوبر/تشرين الأول 2011، عندما طالب الصحافيون الجزائريون بتبرير استبعاد كل من كريم زياني وبودبوز وجمال عبدون من المنتخب وقتها: "أنتم لا تتوقفون عن السؤال عن هؤلاء اللاعبين. لكن أستطيع أن أقول لكم إن هنا في الجزائر لاعبا آخر لا ترونه ويمكنني أن أضمه للمنتخب"، وبالفعل قام المدرب بضم بونجاح إلى صفوف المنتخب الجزائري الأول عندما كان يلعب لفريق اتحاد الحراش الجزائري، وكان سنه وقتها لا يتجاوز 19 عاما.
مشواره الاحترافي
وكشفت المجلة الفرنسية الشهيرة عن تفاصيل التطورات التي شهدها مشوار بونجاح الاحترافي، حيث نقلت تصريحا لوكيل أعمال اللاعبين، الجزائري وليد بوشنافة، قال فيه: "كان من المفروض أن يوقّع للترجي التونسي عام 2012 مقابل 200 ألف يورو. ولكن الصفقة فشلت في ظروف غامضة"، مضيفا أن اللاعب كان يملك أيضا عرضا من نادي ليفسكي صوفيا البلغاري، قبل أن يستقر به المقام في النجم الساحلي التونسي، الذي عرف فيه أفضل فترات مشواره الكروي، حيث لعب ما بين عامي 2013 و2015، 66 مباراة، سجل فيها 53 هدفا، وساهم في تتويج الفريق بكأس تونس وكأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، التي كان هدافها الأول برصيد 6 أهداف.
ولم يمر تألق بونجاح مرور الكرام، حيث لفت أنظار بعض الأندية الأوروبية، على غرار ليل الفرنسي، الذي كان قريبا جدا من التوقيع معه، قبل أن يتراجع بسبب اشتراط النجم الساحلي بيعه مقابل 5 أو 6 ملايين يورو.
في مرحلة الانتقالات الشتوية الماضية، عاد نادي ليل إلى سباق ضم بونجاح مجددا، كما دخل نادي ليدز يونايتد الإنكليزي الصراع أيضا بطلب من مديره الفني بييلسا، بل وقدم عرضا له لكنه كان متواضعا وتم رفضه، رغم أن بونجاح أصرّ قبلها على اللعب في أوروبا، حيث قال للمجلة الفرنسية وقتها: "لا أرى مستقبلي سوى في أوروبا، أريد أن أجتاز مرحلة مهمة في مشواري وصنع اسم كبير لنفسي، أريد بالطبع المشاركة في المسابقات الأوروبية الكبيرة".
وقال قائد الجزائر السابق، مجيد بوقرة، الذي يدرب حاليا نادي الدحيل، بعد أن سبق له اللعب لنادي لخويا ما بين 2011 و2014، عن بونجاح: "التقيت بغداد مرات قليلة في المنتخب، وتابعته في الدوري التونسي، أعرف جيدا أنه لاعب فعال ودائما ما ينهي الموسم هدافا، وعندما أتى إلى قطر تابعته عن قرب، هو لاعب متكامل وذكي وماكر في تموقعه ويملك قدرات هائلة في إيذاء الخصوم، بإمكانه اللعب في أوروبا بسهولة، خاصة أنه فرض نفسه في الجزائر وتونس وقطر، أنا معجب كثيرا به وبخصائصه، وأثق بأنه يملك مستقبلا زاهرا، وهذا هو الوقت المناسب لرحيله إلى أوروبا، أتمنى أن أراه قريبا هناك".
بينما قال عنه مواطنه نذير بلحاج، مدافع نادي السيلية الحالي، والذي لعب معه 3 سنوات في السد: "أعتقد أن على بونجاح أن يفعل مثل سليماني وسوداني، يجب عليه الآن أن يستهدف ناديا أوروبيا جيدا، عليه أن يعمل كثيرا، هو يملك فعلا قدرات رائعة كي ينجح، هو مهاجم كامل، وقوي بدنيا، وقادر على أن يقهر أي دفاع".
ولم يفوّت المدير الفني الجديد للجزائر، جمال بلماضي، الفرصة ليستنجد ببونجاح في المباريات الأخيرة أمام غامبيا وبنين في تصفيات أمم أفريقيا 2019، حيث سجل لاعب السد هدفين في 3 مباريات. وقال بلماضي عن لاعب السد القطري، خلال مؤتمر صحافي مؤخرا: "بغداد يمتلك خاصية رائعة، وهي الرغبة والتعطش لتحقيق الفوز، وعندما يدخل الملعب يمنح كل ما لديه، بصراحة كان اللاعب الوحيد الذي يخيفني عندما كنت مدرباً للدحيل، إذ كنت أحسب له ألف حساب خلال مباريات الفريقين".
وأضاف بلماضي: "بغداد يحب الفوز ويكره الخسارة، وفي بعض المرات يدفعه ذلك إلى الخروج عن النص، هو لا يراقب تصرفاته ولا يتحكم فيها، لكنني أتفهّمه جيدا، كون الرغبة تتملكه للفوز بكل الألقاب الممكنة".
وتابع: "بونجاح ينضم دائما لمعسكر المنتخب بإرادة قوية، هي فرصة له كي يراجع نفسه ويتخلص من الضغط الذي يعيشه، لا يزال يملك نفس الرغبة في تسجيل الأهداف وترك بصمته مع المنتخب، وهو يريد تدارك تأخره بالوجود مع المنتخب الجزائري واستغلال كل الفرص التي تلوح له".
ويبدو أن بونجاح قد قام بتثبيت مكانته فعلا مع منتخب الجزائر، حيث يبدو أنه أزاح هداف الجزائر الحالي، إسلام سليماني، من عرشه، بعد أن هتف جمهور مدينة البليدة التي احتضنت مباراة بنين، يوم الجمعة الماضي، باسم بغداد بونجاح مطولا، إذ سجل هدفا ثمينا تم تداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، إيذانا ببزوغ نجم جديد في كتيبة "المحاربين".